حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي كانت الملاعب عندنا تحتضن لاعبين مميزين، وكان الجمهور يمتع ناظريه برؤية مهارات فنية فردية تثير الإعجاب، وكانت الأندية تمتلك نجوما يشار لها بالبنان، نجوما مؤثرة جدا في فرقها إذا تواجدوا في التشكيلة أحدثوا فارقا، وإن غابوا أحدثوا فارقا أيضا.. في تلك الفترة كان التلال يمتلك فريق نصفه على الأقل لاعبين مميزين بدرجة نجوم، ووحدة عدن كذلك، وكانت أندية شمسان والميناء والشعلة وحسان والشرطة تمتلك نجما أو نجمين متميزين إن لم يكن أكثر اللاعبين نجوم، ولا تزال ذاكرة الجمهور الكروي تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب، وتحفظ طريقة لعب كل واحد منهم.. لاعبون نجوم تركوا بصماتهم في إنجازات أنديتهم ومنتخباتهم، لكن من سنوات طوال أي منذ منتصف التسعينيات أصيبت الملاعب العدنية بالعقم التام، وتوقفت بشكل يكاد نهائي عن إنجاب لاعبين كهؤلاء وبالتالي أنقطع حبل الصرة الرابط بين المتعة والجمهور، مما ترتب عليه انقطاع صلة الجمهور بالملاعب بدليل رؤية المدرجات خالية جدا في مباريات الدوري المحلي حتى تلك التي تجمع بما يسمى بالديربي المحلي.
ولأن تلك الفترة كانت مليئة بالنجوم والإمتاع، واتسمت مسابقاتها الكروية بالندية والتنافس الشديد بين الأندية من جهة وجمهورها من جهة أخرى سميت بالفترة الذهبية لكرة القدم العدنية التي كان آخر مواليدها من النجوم وجدان شاذلي وخالد عفارة وشرف محفوظ ومنيف شائف، وكذلك الراحلين عن الدنيا عارف عبدربه وعبدالرب حسين وعبدالناصر نديم يرحمهم الله جميعا وغيرهم كثر لامجال هنا لذكر أسمائهم جميعا كون جمهور أندية عدن يتذكرهم واحدا واحد وبعد تلك الكوكبة الذهبية توقف الإنجاب عندها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!.
ولكن إذا حاولنا تشخيص الحالة المرضية المصابة بها الكرة العدنية سنجد أن أسبابها قابلة للمعالجة، وبالتالي الحالة قابلة للعلاج والتعافي وإمكانية الإنجاب مجددا واردة بنسبة كبيرة، فأبرز الأسباب هي إلغاء أو عدم انتظام المسابقات الكروية لفئات البراعم والناشئين والشباب، وتوقف أو تدني الأنشطة الرياضية المدرسية، وإهمال إدارات الأندية العدنية لفرق الفئات العمرية واعتمادها على استيراد اللاعب الجاهز تحت غطاء الاحتراف وتوقف دور الباحث والمكتشف للمواهب في الحارات والفرق الشعبية والمدارس.
هذه أبرز الأسباب من وجهة نظري إن زالت حتما ستزول المشكلة دون شك، وستتعافى الكرة العدنية من علتها، وستعود كعادتها لإنجاب المواهب والنجوم الكروية اللامعة التي صنعت ربيعها الجميل، وأسست فترتها الذهبية.
أحمد بوصالح
الكرة العدنية.. والعقم المزمن 2260