هو لاعب كروي، ومهاجم عملاق من طراز جميل مع نادي الأحرار الرياضي الشهير، يجيد إحراز الأهداف الصعبة بالاعتماد على (قوة جسمه وسرعته) في اختراق دفاعات الخصوم دون استخدام الخشونة.. كانت بدايته الكروية مع الفرق الشعبية المنتشرة حينها في مدينة كريتر وعدن بشكل عام، وظهرت موهبته في بداية عام 1961م مع نادي الأحرار الرياضي، وهو في عز شبابه.. هذا النادي الشهير الذي كان يظم في صفوفه كوكبه من أشهر النجوم الكروية داخل مدينة كريتر أمثال (المايسترو عباس غلام، والنجم الفنان أبو بكر عوض، والحارس العملاق نديم عبده حزام، والحارس فؤاد مكي، وعلي السوداني، أبو بكر طرموم، وناصر الماس، يسلم صالح، وعبدالله إبراهيم، ومصطفى سكران، وفضل نوزحي، ومحمد ضالعي) وغيرهم من النجوم.
كان الحبيشي محمد يمتاز بالتواضع والأخلاق العالية، والهدوء ومع بزوغ فجر ثورة 26 سبتمبر عام 1962م ضد الإمامة في شمال الوطن، وكان نجمنا من المتفائلين جداً ببزوغ فجر ثورة أخرى في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني، وتحقق تفائله، وانطلقت في عام 14 أكتوبر 1963م ثورة مسلحة في الجنوب، لم يكن أحد من لاعبي وإداري نادي الأحرار الرياضي في مدينة كريتر يعرفون أن هذا العملاق الرياضي هو أحد الفدائيين الأبطال في قطاع الكفاح المسلح للثورة، وكان يخفي انتماءه لهذا القطاع المهم حينها، وظل يمارس الكرة المستديرة بشكل طبيعي مع ناديه الأحرار.
كانت بدايته من خلال مشاهدته اليومية للاستعمار البرياطاني المحتل يصول ويجول في مدينته كريتر وبقية مدن عدن، ويقوم هذا المحتل باقتحام منازل المواطنين وضربهم، واعتقال بعضهم، وإغلاق الحواري والطرقات إلى جانب منع التجوال، وكل هذه الممارسات ولّدت في نفسه (الهمة الثورية) فانظم للقطاع الفدائي.. وبدأ أولاً في توزيع المنشورات وإلصاقها في جدران حواري كريتر، وهو ملثم حتى لا يتم كشفه، وساهم في إخفاء أسلحة الفدائيين أثناء سير المعارك مع الاستعمار.
اليوم الموعود.. يوم استشهاده *****
في فجر يوم الخميس 1964/12/4م كُلف البطل الرياضي القيام بعملية فدائية، حيث كان يومياً يمر باص المستعمر في شارع أروى بكريتر ينقل مجموعة من ضباط وجنود الاستعمار صباحاً، وكانت المهمة المكلف بها هي (تفجير الباص) بواسطة رمي قنبلة يدوية على الباص، وظل البطل الرياضي منذ فجر هذا اليوم متحفزاً، وبعد أن أدى صلاة الفجر، ويمر الوقت بطيئاً عليه، حتى ظهر الباص من بداية شارع أروى واصلاً إليه، وإذا به يخرج القنبلة، ويعمل على تجهيزها، حتى شاهد ما لم يكن بالحسبان مطلقاً كان الباص ممتلئ بالأطفال الصغار من أبناء الاستعمار البريطاني، وحاول إعادة مفتاح القنبلة، لكن الأقدار كانت أسرع منه وانفجرت الفنبلة فيه حفاظاً على الأطفال (يا سبحان الله) موقف إنساني وأخلاقي من هذا البطل الشهيد.
وتنبه الاستعمار البريطاني إلى دور الرياضيين وأندية عدن في الكفاح المسلح عليه، وقام بعدة حملات تفتيش واسعة على مقرات أندية عدن وبدأها بنادي الأحرار الرياضي، ولكن دون فائدة تذكر لأن الأندية كانت الأسرع في نقل الأسلحة إلى مواقع أخرى، وبذلك لم يستطع المستعمر إيجاد أي دليل اتهام ضد الأندية والرياضيين وبعد مدة قصيرة عادت الأندية ولاعبوها إلى الإسهام الكبير في الكفاح المسلح من خلال تنظيم المسيرات والمظاهرات، ونشر التوعية الثورية للشعب، وكانت هذه أهم وسيلة لدعم النشاط السياسي للثورة المسلحة.
وتحقق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م وفي يناير 1968م تم إطلاق اسم شهيدنا على ملعب المدرج البلدي بكريتر ليصبح (ملعب الشهيد الحبيشي) تخليداً لدوره الوطني في الثورة.. واعتبر أول شهيد رياضي في اليمن.. رحم الله شهيدنا، وأسكنه فسح جناته إن شاء الله.. والسلام ختام.
ملاحظة ******
تعدُّ رواية استشهاد بطلنا الرياضي الشهيد محمد علي الحبيشي المذكوره أعلاه هي الأقرب للحقيقة الصادقة من خلال المتابعة والتحري الكامل على مدى أشهر كاملة.. والعلم عند الله.
عصام عبده عمر
النجم الكروي الشهيد.. محمد علي الحبيشي 5279