لم تغادر الذاكرة يا أخي الشهيد، حتى تأتي ذكرى استشهادك فتُحيي كل شيء فينا، فنذكرك ونعدّد مناقبك، أخي الشهيد الدكتور اللواء عبدالله محمد الحاضري، المدعي العام العسكري للجمهورية اليمنية.
كيف ننساك؟! وأنت ورفاقك من الشهداء العظام الذين آثروا تقديم أرواحهم في سبيل الله، وفي سبيل تحرير هذا الوطن. كنتم أوفياء بالعهد والوفاء، ثابتين على القسم الذي عاهدتم به الله والوطن، بأن تظلوا في الصفوف الأولى لمعركة التحرير من الاحتلال الإيراني حتى النصر أو الشهادة. فصدقتم العهد وكنتم للوفاء عنوانًا.
أخي الشهيد،
تتجلى تضحياتك وتضحيات رفاقك الأبطال، حين يفتقد الشعب اليمني اليوم لقيادات عظيمة مثلكم، نذرت حياتها لله، وللوطن، ولقضية تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني ومليشياته، واستعادة الدولة وعاصمتها صنعاء.
اليمن اليوم، أخي، تُنهشه الخيانات وتفتك به خناجر الغدر والخذلان.
الوطن اليوم يُساق سوقًا إلى مقصلة الاستسلام لمليشيات إيران، بأيدي نخبته السياسية التي خانت العهد.
الجيش اليوم محاصر، كما كنت تحذر دائمًا، محاصر بالجوع، بالإهمال، بالنكران.
أتذكر، أخي، حين كنت تخاطب وزير الدفاع محذرًا من خطورة إهمال ملف الجرحى، وتداعياته على الروح المعنوية للمقاتلين؟ أتذكر جيدًا كيف قدمت مشروعًا متكاملًا لإنشاء صندوق خاص للجرحى، ولم تجد آذانًا صاغية.
ما زلت أذكر تحذيراتك من خطورة عدم تقديم قيادات الحوثي إلى المحاكمة العسكرية، وكيف عانيت من ضغوط هائلة لكبح إرادتك الصادقة في تقديم أول دفعة من قادة الحوثيين إلى المحاكمة، بل وكيف وقف ضدك حتى بعض المحسوبين على القضاء.
كل هذه التفاصيل، أخي، أعدك أمام الله وأمام دمك الطاهر، أن أرويها يومًا للعالم، فذلك أقل ما يمكن أن أوفيك به.
صحيح، أخي الشهيد، أننا بعدكم نعيش حياة تحاصرها الخيانات والإحباط والخذلان، لكن اسمح لي أن أبشّرك بشيء جميل:
أتذكر حين كنتَ تطالب الثوار في اليمن بالصبر والتهيؤ، وأنت تؤكد أن انتصار الثورة السورية قادم لا محالة، وأن سقوط بشار الأسد سيكون بداية سقوط المشروع الإيراني في المنطقة، وبشارة بقرب النصر في اليمن؟
أبشرك اليوم، أخي، أن الثورة السورية قد انتصرت، وأن نظام بشار الأسد قد سقط، وأن المشروع الإيراني الطائفي الاستعماري قد انكسر في الشام!
أبشرك أن الثوار في سوريا يحكمون اليوم أرضهم، رغم كل ما يواجهونه من مؤامرات.
أخي الشهيد،
رغم هذا الحزن الذي يملأ القلب، أقولها لك بصدق: ما زال فينا أمل، وما زلنا نعيش يقين النصر الذي استمددناه من الله أولًا، ومن روحك الصلبة التي كانت أقوى من المستحيل.
نعم، نعيش الإحباط، لكننا أيضًا نعيش يقين النصر القادم بإذن الله.
ومثلما سقط مشروع إيران في الشام، فلن يطول بقاءه في اليمن، وستُهزم المليشيات بإذن الله.
وفي ذكرى استشهادك اليوم، أبشرك بانتصار الثورة السورية، وسقوط بشار الأسد، وكسر مشروع إيران في الشام.
وبإذن الله، في ذكرى استشهادك القادمة، سنبشّرك بانتصار الجمهورية اليمنية، وبأن جيشها الوطني والمقاومة الشعبية قد دخلوا صنعاء محررين، لنحتفل بهزيمة إيران في قلب صنعاء، وسنشعل شعلة النصر من قلب الفرقة الأولى مدرع، التي قاتلت فيها حتى آخر رصاصة كانت في جعبتك.
أخي الشهيد،
أنت ورفاقك الشهداء العظماء، اصطفاكم الله فرحلتم إلى جواره، شامخين عظماء في ميادين الشرف.
أسأل الله أن يجعل أعالي الجنان مسكنكم، وأن يغمركم بواسع رحمته ومغفرته.
رحمة الله عليك، وعلى كل شهداء اليمن، والشفاء العاجل للجرحى، والنصر القريب بإذن الله لشعبنا وجيشنا ومقاومتنا.
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد.
تحيا الجمهورية اليمنية.
