;
عبدالقادر الجنيد
عبدالقادر الجنيد

حكومة بن مبارك بين رشاد وعيدروس جمهورية بلا رأس ودولة بلا مساءلة 98

2025-03-13 05:10:25

سوف نبدأ بمشاهِد وأخبار ثم ننتقل للزوايا التي يمكن من خلالها تحليل الأخبار والتأمل في نظام الحكم:

أولا: مشاهد أخبار من عدن

المشهد الأول: رشاد وصل

معنا في اليمن ثمانية رؤساء، وأحدهم هو رئيس الرؤساء.

وصل رئيس "الرؤساء" رشاد العليمي إلى عاصمته التي لا يقيم فيها، وفي اليوم التالي استدعى أعضاء الحكومة.

حضر نصف الوزراء ومعهم طلب واحد وهو نغيير رئيس الحكومة بن مبارك.

انتهى الاجتماع برفض الوزراء الاجتماع تحت رئاسة بن مبارك.

نصف الوزراء الآخر، لم يحضروا لأنهم يتبعون عيدروس الزبيدي "رئيس عدن" وهم لا يستمعوا للرئيس رشاد العليمي.

المشهد الثاني: عيدروس يغادر

عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي والحاكم الفعلي في عدن، ذهب إلى المطار وأمر بإلغاء رحلة "اليمنية" إلى جدة واستقل طائرتهم متوجها لافتتاح مطار عنق في شبوة.

shape3

مسألة الاستيلاء على الطائرة وترك الركاب المتوجهين لأداء العمرة عالقين في المطار، تدل على أنه لا زيارة عيدروس ولا افتتاح المطار كان مبرمجا.

كل ما أراده عيدروس هو ترك رشاد يعتجن ويعتصد مع الوزراء "المحاصصين" و "المناصفين"… "الرافضين" و "المؤيدين".

أما بالنسبة لوصف إخراج الركاب والاستيلاء على الطائرة، فسوف نترك لكم التأمل فيه تحت هذه العناوين:

*سوء استعمال السلطة… فرض إرادة القوة على القانون… المزاجية وسلطة الأمر الواقع… عدم الاكتراث بالوضع الانساني للركاب بمن فيهم معتمرون وكبار سن تعرضوا لإهانة وتعطيل*

ثانيا: نظام المحاصصة

أنا ضد المحاصصة الحزبية.

أنا مع أن تكون كل الوظائف لمن يستحقها ومن هو جدير بها.

أول تجربة لي مع المحاصصة، كانت عندما قامت الوحدة اليمنية في ١٩٩٠

كان عندي نفور تلقائي وشديد من الفكرة.

في المحاصصة، يصبح الموظف المسؤول "صنجتنا" ولا مخرج منه.

١- في المحاصصة، يأخذ الوظيفة السيئ والبليد والعاجز.

٢- في المحاصصة، يفسد الجو العام في مكان العمل ويفشل لأن العاملين يشعرون بضغائن بسبب تعيين من لا يستحق.

٣- في المحاصصة، تختفي فكرة المحاسبة والمساءلة والتدقيق، لأن المسؤول معفي من عواقب الفشل.

٤- المحاصصة، تفتح المجال للمتنفذين ومراكز القوى وتضيع هيبة رئيس الوزراء والقيادة.

٥- أي نظام يقوم على المحاصصة، يؤدي إلى انهيار البلاد.

ثالثا: نظام المناصفة

هذا من اختراع عيدروس الزبيدي عندما افتعل أزمة كبرى بطرد الحكومة من عدن في أواخر أيام الرئيس السابق هادي وأصر على أن يكون نصف الوزراء من الجنوب.

عدد سكان الجنوب 5 مليون تقريبا وعدد سكان الشمال 35 مليون تقريبا.

هذه الحكومة الحالية، هي خلطة محاصصة + مناصفة.

وهي التي ترك الرئيس عيدروس رئيس الرؤساء رشاد يعتجن ويعتصد داخلها.

اختراع مناصفة عيدروس، قال عنه أنه ضروري لإقرار مبدأ المساواة، ولكنه في الحقيقة "تقاسم نفوذ" مغلف بمصطلح "العدالة".

تقسيم الحكومة 50% جنوبيين و 50% شماليين، ليس تمثيلا حقيقيا ولكنه تكريس انقسام جغرافي لشطرين في اليمن بدلا من الكفاءة.

رابعا: انفعال الرأي العام اليمني

استعاد الرأي العام اليمني قدرته على "الاندهاش" و "الشعور بالصدمة"، يوم أمس بردود أفعال مختلفة.

١- انعدام الأخلاق ونقص الوطنية

يقولون أن كل المسؤلين- الكبير والصغير- غارقون في الفساد المالي والإداري ولا يتواجدون داخل البلاد ويغلبون مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن.

طبعا هذه أشياء موجودة ومهمة ولكنها ليست سبب هذا الضياع والشقاق.

٢- صراع السفير آل جابر والشيخ طحنون

يقولون أن نصف الرؤساء الثمانية، يسيرهم السفير السعودي لدي اليمن محمد آل جابر والنصف الآخر يسيرهم رئيس مخابرات الإمارات الشيخ طحنون بن زايد، وأنهما في الحقيقة هما المسؤولان عن تعثرات وسقطات اليمن.

أكيد أن السعودية والإمارات، هن الدولتان الحاكمتان في اليمن ولن أتعمق كثيرا في بحث مسؤوليتهم عن هذا الخراب.

ولكني أستطيع أن أجزم وأشدد القول بأن السعودية والإمارات إذا اتفقتا وقررتا ضرورة إنقاذ اليمن فإنهن يستطعن النجاح بسرعة وفي في لمح البصر.

٣- انعدام المساءلة

أنا رأيي بأن أهم شيئين في ضمان حسن الأداء في كل المناصب والإدارات، هو:

أ- القائد المسؤول الواحد.

ب-المراقبة والمساءلة والمحاسبة والمراجعة والتدقيق.

هذا لا يعني العقاب.

هذا يعني تصحيح الأوضاع بطريقة منتظمة.

هذا يعني رصد حسن أو سوء الأداء عند اللصوص والشرفاء على حد سواء.

خامسا: ضاع رشاد العليمي على ماكس ويبر وعلى اليمن

أنا أرى رشاد العليمي من ثلاثة نواحي:

الناحية الأولى: المزايا

أنا أعرف أن ميزات رشاد العليمي، هي:

١- الصبر والقدرة على العمل ساعات طويلة وحتى ما بعد منتصف الليل.

٢- القدرة على تحمل ثقالات الحمقى والأغبياء والمتشنجين بوجه مبتسم، وحتى مستعد أن يعطيهم مكافأة للتخلص من أزمة أو مشادة.

٣- اللطف: ولن تستطيع أن ترى أي شخص أكثر من الأخ الرئيس رشاد العليمي لطفا ودماثة وحسن لقاء وألفاظ واحتفاء.

٤- القدرة على التوصل إلى حلول وسط compromise بإعطاء كل طرف جزء من الكعكة.

وهذه طريقته عند مواجهة أي مشكلة، ولكن هذا ينتهي دائما بوضع مائع قد يضر بالمصلحة العامة.

٤- معرفة واسعة وعريضة بكل الفئات والجماعات والأحزاب والشخصيات والأعيان والوجاهات في كل أنحاء اليمن شمالا وجنوبا.

ربما لا أحد يقترب من الرئيس الأسبق صالح في معرفة الناس إلا الرئيس الحالي رشاد العليمي.

هذه الزاوية تفتح بابًا لفهم عميق لطريقة إدارة رشاد العليمي للأزمة الحالية، ليس فقط من حيث شخصيته، ولكن من خلال الإطار النظري الذي درسه بنفسه في أطروحته.

الناحية الثانية: عيوب العليمي

١- القرار والقيادة:

تصريح العليمي بأنهم متفقون على تغيير مبارك لكن لا يزالون يبحثون عن بديل، يعكس ظاهرة النمط المتكرر للشرعية اليمنية:

*هو ناجح في تشخيص المشكلة

*هو يعترف ويقر بوجود المشكلة

*هو متقاعس في عدم فعل أي شيئ بشأنها.

ويمكن أن تعمم كل هذا على كل شأن موضوع على طاولة الرئيس.

٢- السعودية:

الانقياد:

انتهى أمر كل هذه الخبرات العلمية والأكاديمية والقدرات الشخصية وسجل نصف قرن من التدرج في المناصب الحكومية المرموقة إلى مجرد شخص ينتظر رأي السعودية وينفذ بالحرف ما تريده السعودية.

خسارتنا:

كانت اليمن تنتظر من رشاد العليمي أن يستعمل دبلوماسيته ومهاراته في التعامل للتأثير في مواقف السعودية لما يخدم اليمن ولكن يبدو أن هيبة السعودية كانت هي الأعلى فوق دبلوماسية ومهارات رئيسنا.

وهكذا ضاع رشاد على اليمن.

الناحية الثالثة: رشاد وماكس

أتذكر أن أحد الكتاب كان قد وصف اختيار ترامب لأعضاء حكومته بأنه قائم على Patronalism وهو يعني بهذا "الولاء" و "الأبوية" ويغدق عليهم أو يتخلص منهم بحسب درجات الطاعة والامتثال، وليس على الجدارة الاستحقاق.

وأن أول من استعمل هذا المصطلح هو ماكس ويبر Max Weber

ماكس ويبر، هو من أهم من كتبوا عن نشأة المجتمعات وترتيب العلاقة بينها وعن أنظمة الحكم.

ويمكنني لفت نظر القراء إلى أن موضوع رسالة دكتوراة رشاد العليمي كان هو عن ماكس ويبر.

بالتأكيد، فإن ماكس ويبر، لا يمكن أن يكون قد وافق على المحاصصة ولا المناصفة ولا رؤساء ثمانية ولا الشيخ طحنون ولا السفير آل جابر.

ومرت الأيام وأصبح هذا الرجل— الذي وهب أربع سنوات من حياته للبحث في كل ماله علاقة بعالم الاجتماع ورائد دراسات أنظمة الحكم داخل الجماعات والدول العلامة ماكس ويبر — إلى أن أصبح هو رشاد العليمي الحاكم في اليمن وهو رئيس جمهورية اليمن بعد أن تمزقت إلى جماعات وأصبح هو المسؤول عن إدارة نظام حكم بين هذه الجماعات.

ولم تستفد اليمن من عالم الاجتماع ولا أنظمة الحكم ولا من رشاد العليمي.

وضاع رشاد على ماكس ويبر.

ربما لو عاد ماكس ويبر للحياة، فإنه سوف يحدق في وجه رشاد ويسأل:

"ماذا فعلت بكل هذا العلم؟"

ولن يجد رشاد الجواب.

خاتمة

هذا ليس هجوما على أحد، سواء كان عيدروس أو رشاد.

ولا حتى هجوم على السعودية أو الإمارات.

هذا هو محاولة إلقاء للضوء الكاشف لهم كلهم للبحث في المسائل التي يجب أن تبحث كما يجب أن تبحث وليس بحسب قوتهم أو ضعفهم ولا بحسب مزاجهم أو نزقهم.

وحتى بمكنهم استعمال نفس النقاط والحجج بطريقة مناقضة.

المهم، هو أنها هي هذه النقاط التي يجب أن تبحث.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد