أرسين فينغر العازب بلغ سن الـ67 في أكتوبر الماضي ويدرب أرسنال منذ أكتوبر 1996، أي أكثر من 20 عاماً.. عمّر أليكس فيرغسون أكثر منه في مانشستر يونايتد (من 1986 إلى 2013)، بيد أن الأخير يمضي أوقاته بعد اعتزاله في اسطبلات الخيول ومزارع العنب وأقبية النبيذ، في حين لا يعرف الأول من هذه الدنيا إلا كرة القدم، ولذا يعزّ عليه أن يعلن اعتزاله تماًما كما عزّ على فيروز أن تغني بعدما رحل زوجها الموسيقار عاصي الرحباني والمسألة بالتالي ليست مسألة فلوس لأن فينغر جمع منها الكثير، ويكفي أنه يتقاضى 9 ملايين و400 ألف يورو «فقط لا غير» راتباً سنوياً.
مع ذلك، يفترض أن يعترف فينغر بأحكام الزمن، وعبارة «ذي إند» تعني النهاية، وقد تعلمناها باكراً حيث ينتهي بها كل فيلم ناطق بالإنكليزية.. طلاق بعد زواج طويل، حتى لو أضحى أرسنال مثل مانشستر يونايتد بعد رحيل فيرغسون.. هندس كل شيء في ناديه، وحتى قاعة المؤتمرات الصحافية.. سيرحل لأنه بلغ نقطة اللاعودة.. يقول الكاتب في الـ«تايمز» هنري وينتر: «الأجواء من حوله تبدلت إذا ما استمعنا الى أقوال اللاعبين القدامى وشاهدنا لغة الأبدان للاعبين الحاليين وتابعنا ردود الفعل للأنصار على مواقع التواصل الاجتماعي.. لبس الجميع ثوب الحداد بعد فضيحة بايرن ميونيخ في دوري الأبطال (1 - 5 في أليانز أرينا)، ومع أن بايرن ليس في أحسن حالاته هذا الموسم (كان نكرة في مباراته ضد هرتا برلين مساء السبت وانتهت 1 - 1) فإنه مسح الأرض بأرسنال، ولم يكن أرسين قادراً على شيء».
ذهبت القضية بعيداً.. من يملكون النادي مسرورون لأن الفريق يحجز بطاقته باستمرار في دوري أبطال أوروبا (منذ 1998 - 1999 الى اليوم) ولكن صار الفريق يخرج باستمرار ايضاً من الدور الثاني (6 مرات متتالية والسابعة على الطريق بعد مباراة الإياب ضد بايرن في 7 مارس) وبات منظره مسخرة باعتبار أنه تعثر 1 - 5 أيضاً أمام بايرن في الدور الأول من الموسم الماضي.. إذا حاول مجلس الإدارة أن يطنش، فإن النقاد والأنصار لن يتراجعوا عن الضغط.
التعليقات كثيرة، ومنها واحد لأوليفر كان حارس بايرن وألمانيا الشهير: «أداء لاعبي أرسنال يُظهر أنهم مستخفون بمدربهم»، ومارتن كيوان قلب الدفاع اللندني القديم رأى أن الفريق «لم يصل الى مثل هذا الدرك الأسفل من قبل».. وحمّل المطلعون فينغر مسؤولية ما حصل: «له تأثير رائع، ولكن كان عليه أن يستعين باللاعبين القدامى ليكونوا الى جانبه والاستفادة من تأثيرهم وخبرتهم أمثال باتريك فييرا وتييري هنري».. ولم يذكر النقاد بالحرف الواحد أن فينغر «أناني» ولا يعترف بالمثل القائل: «لو دامت لغيرك لما آلت إليك».
تمنى الكثيرون لو يعلن فينغر رحيله عن أرسنال بنفسه، ولكن هذا لم يحصل حيث اكتفى يوم الجمعة بالقول إنه لن يعتزل وسيكشف عن وجهته المقبلة بعد شهر أو شهرين.. والى أن يحدث ذلك ربما تسوء النتائج وسيتحول استاد الإمارات الى ساحة حرب، ولكن ربما تتحسن النتائج المحلية وينتزع الفريق المركز الثاني في البريميرليغ ليزهو فينغر ويصرخ «أنا أفضل من غوارديولا ومورينيو وكلوب».
الكثيرون يتمنون لو يطلق فينغر تلك الصرخة ثم يعلن رحيله عن أرسنال واعتزال التدريب نهائياً.. الاعتزال حلو إذا ما واكبته ابتسامة.. ثم إن مهنة المحلل «التلفزيونجي» بانتظاره.
** نقلا عن صحيفة إستاد الدوحة القطرية