**استقبال بعثة المنتخب في مطار القاهرة إعلاء لقيم مهمة في الحياة والعمل والرياضة. إعلاء لقيم العطاء والإخلاص، وبذل الجهد والطاقة، وإعلاء لقيم الكفاح والنضال وأداء الواجب.. وكان الاستقبال يعني التقدير الكبير لقيم الرياضة، وهي ليست لهوا علي الإطلاق.. كما كان هذا الاستقبال دفعا لمزيد من الجهد والبناء علي ما تحقق في الجابون..
** لقد كان وصول المنتخب للمباراة النهائية إنجازا أسعد ملايين المصريين والعرب أيضا.. وإذا كنا خسرنا اللقب الثامن الذي اقتربنا منه، فتلك هي كرة القدم وتلك هي الرياضة. لكننا كسبنا على مدي أيام البطولة وحدة المصريين، واتفاقنا على شيء واحد وعلى هدف واحد. عادت بنا كرة القدم إلي روح الأسرة والعائلة. غابت واختفت خلافات ومناقشات جدلية. وكرة القدم لها فعل السحر على الشعوب. وهي ظاهرة رياضية واجتماعية وسياسية.. وفي سياق الرياضة خسرنا مباراة وبطولة. وفي إطار علوم الاجتماع والسياسة، تجلت وحدة المصريين، وتجلى الانتماء الحقيقي للعلم في صورة الفريق.. وكان المنتخب وكان الفريق وكان الطريق أعظم وأصدق استفتاء على وطنية هذا الشعب.. ومن لا يعجبه هذا المنطق فليفسر لنا لماذا هذا الاحتضان لعلم مصر في كل مباراة، ولماذا مظاهرات الفرح التي ابتلعت تجار السياسة وأهل الرفض ..ولماذا هذا الحزن بعد خسارة اللقب؟
** لم يكن هناك مواطن أو مشجع واحد يتوقع أن نصل إلى المباراة النهائية لكأس الأمم الإفريقية. وأكدت وسجلت وقلت قبل البطولة إننا لو تأهلنا إلي الدور قبل النهائي فإننا سنرفع القبعة للاعبين وللجهاز الفني. وها أنا أرفع القبعة. لكوبر واللاعبين.. وقد لا يكون هذا هو وقت المناقشات الفنية ومناقشة الاختيارات وظاهرة الإصابات، إلا أنني أطالب اتحاد الكرة والنقاد والمحللين دراسة أسباب لجوء كوبر إلى هذا الأسلوب في الأداء وهل هو سليم أم يحتاج للتطوير؟
** لعب الفريق بكفاح وحماس وبنضال، فكان هو منتخب المناضلين في الجابون.. ولعب كوبر مدافعا باستثناء العشرين دقيقة الأولى أمام غانا والكاميرون. وهو ما وصف بأنه أداء واقعي. لكن يعني إيه واقعي؟ يعني ما يناسب القدرات البدنية والجسمانية للاعبين، وما يناسب أجواء البطولة. فالهجوم والجري وصناعة المساحات، والتحرك المستمر بدون كرة، وقطع مسافات بين الهجوم والارتداد للدفاع يتطلب لياقة بدنية فائقة، وتلك لا يملكها المنتخب. وإذا كان الفريق بمدربه وجهازه يتطلع للوصول إلى كأس العالم ثم الإجادة في هذا الحدث الرياضي الكبير فلابد من معالجة هذا القصور البدني بشتي السبل، لأنه لا يكفي الدفاع فقط للفوز.. ولا يغركم تجاوز خمسة منتخبات، منها ثلاثة علي الأقل أفضل فنيا، وهي غانا والمغرب وبوركينا فاسو.. وتلك هي الحقيقة..
** يبقي أنه لا يوجد شيء اسمه: خسارة بطعم الفوز.. هذا بيع للوهم. والواقع أننا خسرنا بشرف. ولعب الفريق وفقا لإمكاناته. وحقق ما لم يتوقعه إنسان. وأنا حزين طبعا.. ولا أستطيع أن أخفي هذا الشعور لكن هناك فارق بين الحزن وبين الغضب. وهناك فارق بين الحزن وبين الرفض. فلا أنا غاضب ولا أنا رافض.. والحزن سببه أننا خسرنا فرصة مذهلة للفوز بكأس الأمم الإفريقية للمرة الثامنة.. نعم فرصة مذهلة وكانت في متناول اليد، بل وكدنا نمسك بها لكنها طارت في لحظات ضياع التركيز وحضور الإجهاد والتعب.
** لا تنتظرها فتأتيك. تتقدم إليها فتحجم عنك. تجري خلفها فتجري منك. وهذا ما تفعله بعشاقها، ومريديها. وهذا مافعلته بنا كرة القدم في الجابون.. هارد لك..!
** نقلا عن الشروق المصرية