عامان ورائحة البارود لا زالت تُزكم الأنوف في أزقة وشوارع الحالمة ودوي الانفجارات وأزيز الرصاص لا زال يتصدر المشهد العام في المدينة المُحاصرة من شتى مُقومات الحياة، بيوت تُهدم فوق ساكنيها وأموات يُزفون للمقابر وجرحى يتم نقلهم لمستشفيات تفتقر للحياة، فما بالكم بالعلاج والعناية وبعث الأمل، عامان غادرنا كثيرا من الأهل والأصدقاء لكن لم تمت الرياضة فثمة أطفال وشباباً هنا وهناك يركلون الكرة في شوارع المدينة برغم الألم والحسرة.
لم تستطع سواد تلك الأيام الحالكة من القضاء على بقعة ضوء بدت بؤرتها بالاتساع بقلوب رياضيي الزمن الجميل لإخراج شباب المدينة من عزلة الصمت وتحدي الواقع لممارسة نشاطهم الرياضي، بإقامة نشاط كروي على مستوى الحارات والأحياء ولا زال مرتزقة المخلوع وجهلة الحوثي يُسيطرون على قلعة القاهرة ومحيط المدينة من الداخل، فأقيمت الدوريات بداية بحول عطية وحول الشجرة بأشراف الكابتن نبيل مكرم لاعب الصقر السابق والمدرب الحالي للعديد من الأندية، مما شجع البقية بإقامة عديد الدوريات بباقي أحياء المدينة، فمن حارة الكوثر بقيادة المايسترو نوفل أمين لاعب طليعة تعز السابق إلى ساحة الحرية التي احتضنت أربعة دوريات بمساهمة منظمات من المجتمع المدني وبأشراف الكابتن هشام نديم لاعب أهلي الحديدة السابق والحكم الرائع الحالي، مرورا بمدرسة ناصر والزبيري وسط المدينة وساحة في شارع جمال ومدرسة الدرة في وادي المدام.
كل تلك الدوريات التي شارك فيها كل لاعبي الأندية والمدينة لا تزال تحت سيطرة أوغاد المخلوع و الحوثي وبرغم ما تعرض له بعضهم من إصابات جراء شظايا القذائف المُتطايرة، ناهيك عن قنص احد الأطفال بحول الشجرة من قلعة القاهرة وهو يتابع احدى المباريات وتوفى على اثرها، لم تُثني الجميع بعد خروج تلك الشرذمة لأطراف المدينة بعد حوالي ثمانية اُشهر تقريبا من المشاركة بدوريات أوسع وتنظيم اكثر وجوائز أروع، وبدأت شعلة النشاط الرياضي تزداد من الشهر التاسع وتمتد لتشمل اكثر المناطق وكان أشهرها على الإطلاق الدوريات الستة (دوري الشهيد جعفر، دوري البسام ١، دوري البسام ٢، دوري المرحوم أرسلان النهاري، دوري افدى ترابك يا تعز، دوري قدامي لاعبي الزمن الجميل) التي أُقيمت على ملعب حول الشجرة الذي جمعت كل لاعبي الزمن الجميل وحضت باهتمام ومتابعة كل الشرائح والأطياف ابتداءً من مشاركة مدير مكتب الشباب والرياضة بالمحافظة الأستاذ ايمن المخلافي، منذُ تولية لإدارة الكتب ورعايته لمعظم جوائز تلك البطولات بمجهود يُشكر عليه وانتهاءً بمشاركة شخصيات رياضية وقيادية كان لها دور كبير باستمرار تلك البطولات برغم المجازر التي حدثت لأبناء المدينة الصامدة ولا زال ليومنا هذا.
ولا زالت هناك عدة دوريات تجري أحداثها الآن برعاية مكتب الشباب كبطولة أساطير تعز في منطقة السلخانة والذي يشرف عليها الكابتن فيصل اسعد لاعب الطليعة السابق والمنتخبات الوطنية، وبطولة الشهيد عبدة محمد عثمان المخلافي المُقامة على ملعب مدرسة ٢٦ سبتمبر بمنطقة صينة بإشراف الكابتن محمد الشيبة لاعب الصقر السابق ومُدرب شباب الرشيد الحالي، وهناك بطولة للمرحوم الكابتن احمد ناصر الحوصلي، لاعب الصقر السابق والمنتخبات الوطنية ببداية شهر فبراير على نفس الملعب.
كل تلك البطولات الممزوجة برائحة الدماء والفقد والإعاقة لشباب تعز وساكنيها ولي شرف الكتابة عن معظمها بصحيفتنا الغراء "أخبار اليوم" وتوثيق أحداثها، ويأتي بعض الغجر الحاقدين على استمرار الرياضة في ظل هذا الوضع المأساوي الذي تعانيه المدينة، ويقول بالفم المُتبجح (لم نسمع عن بطولة ولا نشاط رياضي في تعز منذُ سنتين)، وللإجابة على تلك الهرطقات نقول لمروجيها، ارجعوا لرشدكم وتمنوا الخير للغير، فبدلا من الدعاء لنا بالسلامة والنجاة من مخالب الحوثي وعفاش بعد هذه المدة من الزمن، تستكثروا علينا إقامة نشاط رياضي أو فعالية كروية لنسيان الألم الذي نعانيه ونكابده.
على العموم يمكنكم الرجوع لصفحتي على الفيس بوك وللتأكيد العودة لأرشيف صحيفتنا الغراء أخبار اليوم (الرياضي) الذي وقفت مع تعز وشبابها ورياضييها ونشرت كل نشاطاتها بقلم العبد لله، فلدينا في الحياة مُتسع للحب، وفي الحب مُتسعً لكل الحياة، وإذا كُنْتُمْ لا تؤمنون بذلك فهذا شأنكم.
