أسابيع قليلة تفصلنا عن انطلاق كأس إفريقيا للأمم في نسختها الـ31، التي سحبت من الشقيقة ليبيا بسبب الأوضاع المتردية التي تسود هذا البلد وتعويضها بالغابون بلد الرئيس علي بانغو، الذي عرف بطريقته وحنكته الشيطانية، كيف يقنع مسؤولي الكاف ورئيسها عيسى حياتو لاحتضان هذه الدورة، حيث منحهم ملايين الدولارات وامتيازات أخرى من أجل تنظيم هذا الحدث القاري في بلده لإسكات الشارع الغابوني، الذي عارض بشدة كبيرة فوزه بمنصب رئيس للبلاد للمرة الثانية، كما هددوا بالنزول إلى الشارع خلال المنافسة القارية والقيام بأعمال تخريبية ومظاهرات، في وقت أكد فيه الناطق الرسمي للجنة التنظيمية لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017، أن بلاده على أتم الاستعداد لاستقبال الوفود المشاركة، وعلى أن الملاعب التي ستحتضن المنافسة جاهزة وتتماشى مع شروط هيئة حياتو، التي وضعت المغرب كحل مستعجل في حال اعتذر الغابون في آخر لحظة عن احتضان هذا الحدث القاري الكبير.
وبعيدا عن الأوضاع السياسية والمشاكل والخلافات السائدة في الغابون، يواصل مدرب المنتخب الجزائري، جورج ليكنس، خرجاته الإعلامية "الإيجابية"، التي آخرها الحوار الذي أدلى به إلى صحفي "الشروق تي في"، حين قال إن المنتخب الجزائري لن يدخل كأس إفريقيا في ثوب الضحية، ولكن بنية الانتصار والفوز، والبداية ستكون أمام منتخب زيمبابوي "القوي"، على حد تعبير الناخب الوطني، مشيرا إلى أنه سيوظف كل تجربته الطويلة للتحضير الجيد لهذه المنافسة، مشددا على أن "الخضر" سيلعبون من أجل هدف واحد وهو الفوز، خاصة في المباراتين الأوليين.. اللاعبون والطاقم الفني والمسؤولون وحتى الأنصار لهم نفس الحلم، وهو الذهاب بعيدا في هذا العرس الإفريقي، لكن عملا كبيرا لا يزال ينتظر التشكيلة الوطنية في الأيام القادمة، وعلينا أن ندرك قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وأشار البلجيكي إلى أنه يملك الأسلحة اللازمة لتحقيق الهدف المسطر، وسيضع كامل ثقته في تعداد اللاعبين الذين يتم اختيارهم لتمثيل "الخضر" في الغابون.
بعد نهاية تربص المنتخب المحلي الذي أقيم في سيدي موسى، فاجأ البلجيكي الجميع حين قال إن تشكيلة "الكان" ستعرف وجوها جديدة، منها بعض اللاعبين المحليين، في إشارة منه إلى بعض المدافعين، على غرار الثنائي زيتي ومفتاح وآخرين، وهو ما قد يعطي ثقة للاعب المحلي للعودة من جديد إلى المنتخب الوطني، الذي شطب منه اسم اللاعب "المحلي" منذ سنوات وفسح المجال "واسعا" للمحترفين، رغم أنه وفي مرات عديدة كان مستوى اللاعب الذي ينشط في بطولتنا أحسن وبكثير من الذي نجلبه من وراء البحار.
لا أزال غير متأكد من تصريحات الناخب الوطني الذي فتح ذراعيه إلى اللاعب المحلي، فالجميع يتذكر أنه وفي اللقاء الأخير من تصفيات كأس العالم بنيجيريا، كان زيتي اللاعب المحلي الوحيد الذي شارك في اللقاء، وكان أداؤه أحسن بكثير من أولئك المحترفين الذين كانوا وراء تلك الهزيمة النكراء، التي منيت بها تشكيلتنا، التي قد تقصينا من المشاركة في كأس العالم.
الذي يعرف المدرب ليكنس، يدرك أنه يجيد فن "الخطابة"، وهو قادر على التأثير بشكل إيجابي على لاعبيه، وهو ما نريده منه في هذا الوقت بالذات، فلاعبون مثل محرز وسليماني وبراهيمي وغيرهم، لا يحتاجون إلا إلى الذي يثق فيهم، ويمنحهم الراحة التي هم في حاجة إليها، خاصة أنهم يعانون صعوبات كبيرة مع أنديتهم، وعودتهم إلى الواجهة لن تكون إلا بالتألق مع المنتخب الوطني، كما أن الفوز بهذه الكأس سيمكنهم من تثبيت أنفسهم في أنديتهم، وهم في الحقيقة مقتنعون بذلك ولا ينقصهم سوى حمل الكأس في الغابون.
** نقلا عن جريدة "الشروق" الجزائرية