أعتقد وبما لا يدع مجالا للشك أنها تسيل الدموع سيلاً حزناً عندما نتذكر موهبة بحثنا عنها طويلا فوجدناها، وما أجمل البحث حيثما تصل إلى الغاية وهم كثر في هذا الزمان, نأخذ أحد الكوادر الكبيرة وهو الكابتن فضل أحمد الدغاري موهبة أشبعتنا كثيرا في نادي تضامن شبوه الرياضي.
كابتن خط وسط لكنة إخطبوط العمالقة تهابه الخصوم, منّ الله عليه عز وجل بلياقة عالية نشاهدها في بعض العمالقة الآخرين حركة حتى نهاية المباراة (نحله لاسعة) لاعب متمكن, قناص قلما تجد مثله في محافظة شبوة أيام نادي التضامن (الحلوة) التي دلف إليها الكابتن فضل من صلبة عبدان مديرية نصاب..
موهبته سبقت الزمن كثيرا، يصول ويجول داخل الملعب، لم يترك للخصم مجال، أكرر.. كان (نحلة لاسعة) وكنترول فريق بأكمله، أذهل المتابعين في معلب الجيش في المباراة التي جمعت نادي التضامن ونادي التلال في دوري الدرجة الأولى حينها سجل هدفا لم يتمالك المشجعين أنفسهم تصفيقا من شدة إعجابهم به ونال أاستحسان كثير ممن شاهده..
يتواجد عادة لاعبون كبار لكنهم يقطنون الأندية الريفية ..يعلبوا لعب الكبار بل ويهابهم الكبار, لكن طالما نحن في زمن اللا دولة وبسبب الثأر اللعين عندما تنصلت مفاصل الدولة بكل قواها الأمنية عن استتباب الأمن قرر الكابتن فضل الرحيل إلى أحدى دول الجوار بحثا عن لقمة يسد بها رمقه هو وأفراد أسرته حاملا موهبته بين يديه نحو المجهول في رأسه، سخط من الحكومات والأنظمة العادية تاركا رياضة الزمن الذي لا يرحم عندما أدارت البلاد العقول الخالية من الوطنية والتي لا تعرف من الوطنية سوى اسمها..
لم نتوقع أن يكون الكابتن فضل قد ترك الرياضة برمتها وتحمل معاناة الغربة والأعمال الشاقة في العمل الخاص بدول الجوار ويصبح عقل الكابتن فضل من الرياضة مجرد ذكريات وهو في أفضل سنين عطاءه ولكنهم أضاعوه وأي فتى أضاعوا..
ولأن الكابتن فضل يعاني من الحظ المشئوم وسفنه تجري عادة عكس الرياح فقد لاقى في المملكة كفيل لا يعرف من هو الكابتن فضل اليمني الأصيل أحد أبناء العوالق العليا ذو الحسب والنسب عائدا إلى أرض الوطن بلاد آل دغار العوالق رهين محابس الثأر اللعين والنزعة الجاهلية التي يعاني منها أغلب قبائل شبوه..
لم نسمع نهائيا لو من باب الإحسان لهذا اللاعب بمهرجان اعتزالي يليق بمكانته رداً لجميل صنعه عندما صادف إبداعه وموهبته في الزمن الذي لا يعرف عمالقة كرة القدم وهجران رياضة المحافظات النائية وتواطؤ المستوى الكروي ونزوله للمراكز الأخيرة من الترتيب العالمي لكرة القدم..
أخيرا هي دعوة ليس لأبناء شبوة فحسب بل لكل من يرزح على تراب السعيدة ويواكب القرن الواحد والعشرين لإنصاف هذا النجم.. وهو مثالاً لمن ترك كل عوائق الضرر عندما أحيلت كثير من المواهب الشابة إلى التقاعد القسري بسبب نكبات الفقر أو الخوف أو الثأر ليس فقط في الرياضة وإنما في كل مجالات الإبداع.
صلاح منصورسمقة
الدغاري..ضحية الثأر والزمان 1837