يعيش المولود في بطن أمه قبل الولادةـ آمنا مطمئنا في " عالم " نظيف ، طاهر ، نقي خالٍ من الجراثيم ومسببات المرض الأخرى، يأتيه رزقه رغدا بواسطة " الحبل السري" فلا يحتاج إلى رضاعة قد يدخل إلى جوفة ـ معه بعض الجراثيم، فتصيبه بالالتهابات والآفات، ويتنفس كذلك بواسطة دمه فلا يحتاج إلى رئتيه وما قد يدخل إليها من جراثيم وغيرها.. وغير ذلك من أعمال غريزية " فسيولوجية" أخرى، فهو قد كان في غنى عن ذلك كله.
وعندما يطلق الوليد صرخته الأولى ـ عند ولادته ـ يكون وكأنه يعلم أنه قد فارق مأمنه إلى عالم أخر، يعيش فيه بعيدا عن أمان " الرحم".. عالم شرير مملوء بأعداء يتربصون به الدوائر، ومن أولئك الأعداء: جهل بعض الأمهات اللائي يسئن له من حيث يردن نفعه، وتقلبات الجوـ من ظروف الحر والبرد وما فيها من آذى، وقلة الغذاء، أو سوء استعماله له.. ونحو ذلك ولكن أكثر الأعداء تربصاً به، وأعظمهم خطراً عليه، وأشدهم آذى له على الإطلاق هي : الجراثيم ، وأشد الأعداء للجراثيم، وأعظمها خطراً عليها ـ على الإطلاق أيضا ـ هي: النظافة؛ فالنظافة ركن مهم من أركان الحفاظ على صحة الطفل وهنائه، ونموه نموا طبيعياً، مستمرا ، مطرداً..
نظافة الأم
إن نظافة الطفل- أساساً- هي من نظافة الأم وتعد انعكاساً لها، وقد قيل قديماً" من تربى حسنا يرى حسنا"، فكلما كانت الأم نظيفة بطبعها ونشأتها، انعكس ذلك على حالة طفلها، وبالتالي على ما يتمتع به الطفل النظيف، من هناء وسعادة، لبعده عن التلوث بما يسبب الآفات، ويجلب المرض، يجب على الأم أن لا تغفل عن غسل يديها عند لمس الطفل، العناية به، خاصة في أوائل أشهر حياته، فإن الوليد خصوصا في أول شهر من ولادته, يكون مجرداً مما يستطيع به الدفاع عن نفسه من وسائل وقدرات مناعية يتمتع بها الطفل الأكبر منه سناً، وغسل اليدين لإبعاد ما يمكن أن يكون قد علق بهما من جراثيم وغيرها من الأمور الضرورية عند لمس الطفل، وخاصة عند إرضاعه أو تغذيته، سواء من الثدي أو من قنينة الرضاع.
إن كثيراً من مسببات المرض عند الطفل تدخل عن طريق الفم، وعلى هذا فإن على الأم أن تهتم بنظافة كل ما يدخل جوف الطفل، أو فمه وذلك بإتباع الأمور التالية:ـ
1ـ في حالة الرضاع ، تعتني الأم بنظافة ثدييها، فتقوم بغسل حلمة الثدي وما حولها قبل كل مرة رضاع، وبعد كل مرة رضاع، ثم تعمل على حفظ حلمة الثدي بقطعة من القماش النظيف أو الشاش المعقم، أو من مناديل الورق الناعم، حتى لا تمس ملابسها، كذلك فإن على الأم أن تتوقف عن إرضاع طفلها من الثدي إذا ظهر على الحلمة أو ما يجاورها التهاب أو تقطر أو احمرار أو نحو ذلك حتى يعالج الثدي فيشفى.
2ـ في حالة الإرضاع من القنينة أو الزجاجة، تقوم الأم بتعقيم قنينة الرضاع والحلمة المطاطية وجميع ما يتعلق بالرضاع من القنينة وذلك باستخدام الماء المغلي لمدة ثلاث دقائق.
3ـ من المفروض ـ نظريا- أن يكون الماء الذي يشربه الرضيع في أشهره الأولى معقماً ولذلك يتوجب على الأم أن تقوم بغلي الماء ثم تبريده واستعماله بعد ذلك.
4ـ من الأفضل أن تقوم الأم بإرضاع الطفل قبل تبديل الحفاضات القطينة وملابسه الداخلية بمساحيق الغسيل العادية لأن ذلك قد يسبب طفحاً جلدياً في المنطقة الفجانية" بين الفخذين وحولها" وينشأ عن ذلك احمرار في الجلد، وأن تستعيض عن تلك المساحيق بأنواع من الصابون الجيد منخفض القلوية والخاص بالأطفال ونزع الحفاظات الملوثة عن جسم الطفل.
5ـ في حالة إصابة الأم بزكام، أو برد، أو سعال ، أو نحو ذلك فإن عليها أن تضع على فهما وأنفها قطعة من القماش أو باستخدام الكمامة المتوفرة بالصيدليات عند اقترابها من الطفل أو تغذيته أو العناية به فإن ذلك يدفع عنه آذى العدوى وشر المرض.
د.عبدالسلام الصلوي
نظافة الطفل الرضيع 1694