الشمال الحزين يعاني من غُبن وجور شديدين يحط على جرحه النفاق والكيل الناقص والبحث عن تعب ولغب ولا يجد معيناً أو منصفاً ليبقى الشمال منتكس القامة وعاجزاً عن النهوض الحقيقي بمقدراته وهي كثيرة جداً لو أنه وجد من يقف بصدق ووضوح وعدالة متساوية إلى وطن متكامل, لكنها الأهواء ورغبات المتزعمين ينظرون إليه شزراً ولا يبالون، إن لم يشيحوا بوجههم عنه ويحنقوا منه ويطلعوا عليه بمزيد من الازورار ويرون أن هذا الشمال لابد أن يتعثر ليبقى الوطن مخيباً للآمال, لذلك يتناسى أولو الأمر معنى مخرجات الحوار الوطني, يهتمون بجغرافيا تخصهم ولا يهمهم مالذي يقع في الشمال من فوضى وميليشيات تخريب وتردي حال وأوضاع معيشية وجدب حقيقي يتسلق ضفاف حلم الشماليين ليصل بهم إلى قول واحد (لا طاقة لنا بطالوت وجنوده *)..
ونحن هنا لا نزعم ولا نفتري ويدرك فخامة الرئيس قبل غيره ما يعانيه الشمال الحزين من أوجاع وآلام, ومع ذلك يدير الظهر ليلقي بالاً لمايريد وهو أمر يوقع وطناً بأسره في الإحباط مالم تتحقق معادلة العدالة والشراكة في البناء والحكم.. وهو ما لا يوجد البتة، وإلا ما معنى أن يكون الرئيس من الجنوب دونما نائب ووفقاً لمخرجات الحوار الوطني فإن نائب الرئيس من الشمال.. هذا الأمر يجري تجاهله تماماً, وما معنى رئيس الوزراء من الجنوب ولا نجد نائباً له من الشمال ثم التباكي على ما ليس موجودا.. ومن حق الجنوب أن يكون له وزراء كما الشمال رغم أنه يفوز بنصيب الأسد, لكننا نتحدث عن عدالة في الحكم ونظرة واحدة للوطن شمالاً وجنوباً دونما فرار من مواجهة الحقيقة..
ومثلما الضرورة تقتضي دحر وقهر القوى الظلامية الإرهابية من المحافظات الجنوبية وحق الجنوب في الأمن والاستقرار المجتمعي, من حق الشمال الحزين أن يقف أولو الأمر معه في رفض الميليشيات المسلحة ورفض الخارجين عن القانون وجعل الدولة هي لا غيرها باسطة نفوذها دونما مهادنة وتهرب من قول صدق ومدارات عديدة على حساب إقلاق الأمن والاستقرار في الشمال, الذي بات اليوم- أكثر من أي وقت مضى- يريد أن يجد عدلاً ونظرة متساوية وفهم أبعاد الخارطة الوطنية من خلاله ومعنى السلم الاجتماعي الذي يهدده الخارجون عن القانون.
من أجل ذلك نلقي باللائمة على فخامة الرئيس عبد ربه منصور ونقول له: كن يا رئيس الحكم، وامنح الناقص امتلاء وتفتح مع الوطن كله، ولا تغمض عيناً هنا وتفتحها هناك ولا تداري من لا يستحقون المداراة، وكن في مستوى ما يدعوه إليك ضميرك ومخرجات الحوار الوطني، وما نريده منك كقائد صلب المراس لا تعييه قوى الظلام ولا ترهقه قوى الكيد مهما امتلكت من ضغوطات ومارست الابتزاز السياسي، فإن واجبك الوطني المقدس أكبر من كل المناورات والمباحثات، وهواجس أخرى.
ويا فخامة الرئيس نصدقك القول: إن الشمال يعاني الجور وعدم تحملكم مسؤولية التخفيف عنه وتغاضيكم عن استحقاقات هي له ولا تمنعكم من أخذ خطوات جوهرية في تطبيق ما تم الاتفاق عليه وليس وفق رغبات، هذا أريده وهذا لا أريده.. الأمر هنا يتعلق بوطن ومصير حياة ودرء الظلم من الشمال وأين ما وجد ومكافحة أي اختلالات تؤدي إلى تشرذم وتمزق تصنعها رغبات وأهواء، فيكفي الشمال تضحيات وتنازلات تصيبه في مقتل، يكفي آلاماً ومتاعب وميليشيات مسلحة ومعتد أثيم وسلطة وتسلطاً تزيح الشمال لتبقى رايات واحدة ولوناً واحداُ وفكراً واحداً ورؤية واحدة وتنازلات وهمية وتتحاشى السلبي في الشمال ليزداد ويتسع حتى يتحول إلى كارثة تمس الوطن في الصميم, فيما أنتم ومن معكم يافخامة الرئيس تتفردون بالحكم وتعتلون على الوطن وعلى وجه الخصوص الشمال الحزين الذين تريدونه فدية لعيون من تحبون ولا يهم مالذي يعيشه وهناك المشردون والمهدمة بيوتهم وقتل وسحل وعذابات لا تنتهي وغض الطرف سيد الموقف لديكم والحيادية هي أقرب الطرق للفوضى وعدم تحمل المسؤولية.
ونسألك يا فخامة الرئيس بربك وأنت القائد الأول.. هل ترضى بوطن شمال شماله تتحكم فيه ميليشيات مسلحة تثير الرعب وتبسط النفوذ وتعتدي على مواقع الجيش وتزحف باتجاه العاصمة وتتربص بالوطن ومن فيه بالكالح؟ بربك كيف تقبل أن تجد ميليشيات خارجة عن القانون ولديها عتاد عسكري وعدة تقاوم دولة وتمس الوطن بالضر؟ كيف تقبل أن تكون رئيسا لوطن متصدع تشيع فيه الجماعات المسلحة كل الفوضى وتربك المسيرة؟ والجيش على حياد وأنت تداري قتلة وإرهابيين وقوى إمامية ترى فيك أنت قبل أي أحد كان, أنك مغتصب سلطة وأن ليس من حقك أن تقود بلداً وهي تنادي بالثورة وفق رؤيتها هي, ثورة فيها السادة والعبيد، ثورة لا تعترف بسبتمبر وأكتوبر ولا بقيم وطن.. ثورة تخصهم وعلى طريقتهم فيما أنت تجهر لهم بالرضا وترفض أن يكون للشمال حقوقه وحريته كما نريدها بصدق وضمير مهني ووطني للجنوب.. فكن أنت يا رئيس الحكم !!!!!!!!!!!.وقل لنا في أي دولة من دول العالم حدث أو يحدث أن تشكل وساطة فيها وزير دفاع تعمل على إيقاف حرب ضد الجيش وتداري خارجاً عن قانون لديه كل أنواع الأسلحة؟ في أي دولة من دول العالم يتنازل القائد عن دماء قواته ويصيبهم بخيبة أمل وفاجعة كبيرتين؟؟ وما معنى وساطة من أجل ازدهار الجماعة المسلحة وخلق ندية مع دولة وانتكاسة عظيمة لمن دافعوا ببسالة عن بوابة الدولة وعنك أنت في المقدمة؟؟ ما هذا الذي يجري؟ وفي أي عالم نحن, يتكافأ فيه الخارج عن الدستور والقانون مع من يحميهما؟ أي لعبة نقع عليها تريد الشمال ألما فضيعاً وخيبة بلا حدود؟ ماهي الدولة في مفهومكم إن لم تكن دستوراً وقانوناً وعدالة ورفض الخروج عن القانون؟
يافخامة الرئيس: الوساطة والمدارة جور كبير في حقك أنت وحق الوطن ومن يعمل على خلق هشاشة في تكوين وطن وينادي بالمداراة وهي قهر وذل لا بعده؟.. فخامة الرئيس متى نفهم الوطن حبا ودستوراً وقانوناً وليس وساطة وعقير وجيهان ودولة مدنية حديثة، واختلاط هذا بذاك فلا ذا تأتّى ولاذا حصل.. والسلام.
المحرر السياسي
الشمال الذي تريدونه فدية 2791