■■ ربما هي المرة الأولى لبرشلونة منذ فترة ليست بالقصيرة التي يواجه فيها غريمه التقليدي ريال مدريد وهو في موقف لا يُحسد عليه ، حين يلتقيان مساء اليوم في ستاد الريال الشهير سانتياجو برنابيو، فالبارسا متأخر برصيد 4 نقاط خلف الريال في صدارة الليجا ونقطة واحدة بعد اتليتكو مدريد ، وأي خسارة للبارسا سواء اليوم في البرنابيو ، أو في أي من مبارياته المتبقية في الربع الأخير من المسابقة ، ستعنى لحد كبير تراجع وربما تلاشي فرصه للدفاع عن اللقب الذي يحمله.
■■ وحتى في ظروف معاناته الموسم الماضي في وجود فيلانوفا المتأثر بالمرض الخبيث والغائب عن الفريق لفترات طويلة او في ظل مساعده رورا ، فإن البارسا لم يبد بهذه الرعونة والتفكك إداريا ونفسيا وفنيا، بفعل ظروف شتى أطاحت برئيسه ولا يدري أحد هل يمكن أن تعصف بكامل مجلس إدارته ، ومع حداثة وجود مدربه الأرجنتيني مارتينو تاتا في الليجا وقلة خبرته بكيفية التعامل مع نجوم سوبر او فريق عالمي بحجم البارسا ، لم يتمكن من السيطرة على المواقف المختلفة وسقط الفريق أربع مرات في الدوري أمام فرق بعضها من فرق المؤخرة ، ولم تكن تشكل أي تهديد من قبل للبارسا.
■■ وبالنسبة للريال ومديره الفني الإيطالي الجديد انشيلوتي ، فإنه كخبير في التعامل مع أندية عملاقة بحجم الميلان وتشيلسي وباريس سان جيرمان، لم يجد مشاكل كبيرة في إستيعاب الموقف والسيطرة شيئاً فشيئاً على الأوضاع في النادي الملكي وتماسك رغم بعض التعثر في بداية الموسم ، وحافظ على إيقاع الفوز وعدم التفريط ولم يخسر طوال 18 أسبوعاً ،وآخر خسارة له كانت أمام البارسا .. وإنتظر الريال الذي تماسك بعد ذلك ونهض بقوة للإستفادة من سقطات متتالية لصاحبي الصدارة اتليتكو مدريد وبرشلونة ، حتى سلما له الراية التي أصبح يتمسك بها بقبضة من حديد مصمماً على عدم التفريط في الفرصة .. واليوم أمامه أكثر من سيناريو ، فالفوز سيمكنه من الإطاحة بالبارسا والتخلص منه تماماً كمنافس محتمل على اللقب ، والتعادل سيجعله محتفظاً بنفس فارق النقاط الأربعة أمام البارسا وهو خيار لا بأس به ، وكان قد حقق تعادلاً بطعم الفوز 2/2 مع اتليتكو الفريق الثاني الوحيد الذي ألحق به الهزيمة مع البارسا .. وستبقى المباريات التسع الأخيرة أسهل نسبياً من منافسيه المحتملين خاصة أنهما سيصطدمان معا في الأسبوع الأخير من الدوري وربما وقتها يكون الريال قد حسم اللقب.
■■ ورغم أن المقتضيات الفنية، ترجح كفة الفريق الملكي على ملعبه وأمام جمهوره للفوز والثأر من خسارته أمام البارسا في مرحلة الذهاب ، فإن الكلاسيكو يبقى كأي ديربي كبير في العالم، لا تحكمه معايير أوعناصر تفوق أو ظروف او مشاكل هنا او هناك ، وتبقى نتيجته معلقة بحوافز خاصة تاريخية ونفسية ويفوز في الملعب الأكثر عطاء في المباراة والأكثر قتالاً دون إستسلام لأي مبررات .. ويبقى الكلاسيكو وجبة كروية دسمة ورائعة من الفن والإثارة والمستوى الراقي لمجموعة من أفضل نجوم العالم وبين فريقين بلاشك هما من الأفضل والأقوى والأمتع في الكرة الأرضية.
■■ وبعيداً عما سبق ، يتميز الكلاسيكو دائما بأنه صراع من نوع خاص بين النجوم السوبر في الفريقين ، وكالعادة يبرز في البارسا النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أحد أسرار انتصارات البارسا العديدة في السنوات الماضية ومعه هذه المرة البرازيلي الصاعد بسرعة للنجومية نيمار وإن كان لم يحقق المتوقع منه كأحد أغلى لاعبي العالم في الصفقة المثيرة للجدل التي أطاحت برأس روسيل رئيس البارسا السابق ، وبجوار ميسي يتألق كالمعتاد في كل كلاسيكو نجوما رائعين مثل أنييستا وتشافي والفيش وربما فابريجاس وبيدرو وبيكيه.
■■ وعلى الناحية الأخرى يقود كتيبة نجوم الريال النجم السوبر كريستيانو المتميز في نسخة هذا الكلاسيكو بلقب أفضل لاعب في العالم الذي إنتقل إليه بعد أربع سنوات كان تحت سيطرة ميسي، ومع الصاروخ البرتغالي الذي يمر بأفضل حالاته مع الريال هذا الموسم ، جاريث بيل، الويلزي المثير للجدل ،بصفقة أغلى لاعب في العالم والذي لم يقدم – مثل نيمار- ما يشفع له بكل هذه الملايين ، لكنه تحسن مؤخراً وبدأ يرتدي ثوب النجوم ويجد تفاهما وتعاوناً كبيرا من باقي نجوم الريال وخاصة كريستيانو، ومع هؤلاء يأتي نجوم كبار بحجم مودريتش وراموس وبنزيمه في حال عودته وتشابي الونسو ودي ماريا.
■■ وأخيراً وفي ظل أجواء قرعة دور الثمانية وتبعاتها وتداعيتها وردود الفعل عليها ، ستلقي – بلاشك – هذه القرعة بظلالها على مباراة الكلاسيكو التي خطفت البريق من نجومية وأضواء القرعة الاوروبية ، وسوف يكون هناك الكثير من التأثير النفسي والمعنوي للقرعة على الفريقين ، فالريال سيبقى مشغولاً – لحد ما – بوقوعه أمام دورتموند الالماني الذي أطاح به من الدور قبل النهائي لدوري الأبطال" التشامبيونز ليج " العام الماضي ، حينما فاز عليه ذهاباً 4/1 ، ولم ينفع فوز الريال إياباً 2/ صفر لتجنب الخروج ، وبلا شك يتشوق نجوم الريال لمواجههتهم الأولى مع دورتموند لتكرار الثأر منه خاصة أن الفريق الالماني يبدو أضعف بمراحل مما كان في الموسم الماضي.
■■ أما البارسا فقد حولت قرعة دور الثمانية إهتمامه للمعارك الداخلية مع وقوعه أمام اتلتيكو مدريد الذي تعادل معه بدون أهداف ذهاباً في الأسبوع ال19 للدوري وقد يحسم لقائهما معا في ختام المسابقة اللقب المحلي لليجا ، وهكذا سيخوض البارسا واتلتيكو ثلاثة معارك تحدد مصير منافستهما الاوروبية والمحلية ، وسيخوض البارسا معركة إضافية أخرى- من طراز الكلاسيكو - في نهائي كأس ملك اسبانيا أمام الريال يوم 16 إبريل المقبل، ستتخلل معركتيه أمام اتليتكو في دوري الأبطال.
نقلا عن كووورة
عز الدين الكلاوي
الكلاسيكو بين تأهب الريال وحماس برشلونة 1612