ثلاث سنوات على ثورة الشباب السلمية مرت دون أن تحقق أي من تطلعاتها سوى إسقاط رأس النظام ليتوقف المنجز عند هذا الحد مقابل المزيد من إرهاق وطن وضعف أداء اقتصادي وفساد متعدد الوجوه والقسمات وحوثية تغتال فرحاً بمشروعها السلالي البغيض وحراك في الجنوب تطوراته سيئة للغاية وإرهاب تنامى بصورة مقلقة وعدم استقرار وتداعيات خوف واغتيالات توزع في الطرقات ويذهب ضحيتها جنود وبسطاء لا حول لهم ولا قوة وتمترس قوى نافذة ضد قوى أخرى وغياب للنظام والقانون... إلخ ما لا نستطيع حتى حصره..
وإذاً الثورة الشبابية السلمية لم تتقدم للأمام ولم تحقق ماكنت تصبو إليه ولم تشكل نقلة نوعية في حياة وطن ولم يجد الشباب عماد الثورة مواقعهم الحقيقية في إدارة شئون وطن حين جرى إزاحتهم ليجدوا انفسهم أمام ثورة شبابية برئيس وزراء في الثمانينات وعلى ذلك فقس.
ولعل البعض وهو يذهب إلى أن الثورة قد سرقت لم يكن مبالغاً في هذا الجانب فما جرى من إزاحة غير منطقية أو مهذبة للشباب عبر عن مصادرة حقيقية لحلم وحرية وحقوق إنسان ومواطنة متساوية كما عبر عن ضيق أفق قوى التهمت كل شيء باسم الثورة الشبابية السلمية، ولعل هذا الوضع المخيف والمزري يدفع الشباب إلى المزيد من تأكيد وجودهم والعمل على تحقيق أهداف الثورة التي سقط فيها ضحايا وترملت بيوت وخلفت جراحات قاسية وصعبة للغاية.
وفق هذا المنظور أمام صناع الحدث من القوى الحية والنضالية مجال لتجاوز إحباطات ثلاث سنوات ولديهم القدرة بصمودهم على استعادة ثورتهم الشبابية التي حاول البعض مصادرتها ليدفع بقوى عفى عليها الزمن وشاخت حقيقة وهرم حتى عقلها إلى سدة الحكم كنوع من استلاب الشباب طموحاتهم في حياة حرة كريمة.
هكذا نرى إلى ما جرى وهو ما يحثنا للقول: إن أمام الشباب مسئولية تاريخية عظيمة في إعادة الصياغة الجميلة لمعنى الثورة وتصحيح مسارها والعمل على إنجاز ما يستحق العمل من أجله والانتصار لقضايا الوطن المصيرية في الثورة والوحدة والجمهورية التي هي الآن تتعرض لأخطر مؤامرة في التاريخ الوطني المعاصر بفعل غباء الساسة والأحزاب وتزايد صناع الفساد وخاطفي الثورة.
والواقع أننا اليوم في المحك العملي لتحقيق غايات مثلى وفق رؤية شبابية فيها الحيوية والاقتدار وروح النضال تستلهم من الماضي قوة الصمود وتستفيد من تعرجات الحاضر وترنو إلى المستقبل بعين نافذة وناقدة وحريصة على الانتصار من اجل وطن افضل ومواطنة حقة وشراكة في البناء والتنمية ورفض أي من سلبيات الماضي ..
من هنا نؤكد أن ما ينتظر الثورة الشبابية السلمية هو الكثير من البناء والعمل وان تحديات القادم اصعب بكثير من منجز الثورة في إسقاط راس النظام وان الفهم للمعطى التاريخي وحده من يقدر على تحقيق أهداف الثورة كاملة وان أي انتقاص في أي من أهدافها هو إفساح مجال لقوى البغي أن تكون حاضرة .. بهذا المعنى؛ الثورة الشبابية السلمية زخم يتنامى وطموحات تتعالى ورؤى تثري الحاضر لتحوز على المستقبل. غير أن الفهم الدقيق لما تعرضت له الثورة من مؤامرة وما تتعرض له اليوم من قبل قوى نافذة هو الذي يخصب الفعل الثوري الخلاق ويزيده اقتداراً في مواجهة المعيق السلبي حينما تكون الإرادة شبابية تنتمي لقيم الحق والخير والجمال وهو ما نعول عليه في سياق العمل الوطني القادم الذي لانزال نراهن عليه في تجاوز عثرات السابق إلى ثورة حقيقية ترفض الفساد والتطرف والإرهاب واللا أمن وترفض كل ما هو بغيض إلى الشعب من سلالية ومناطقية وحزبية ضيقة وتقدم روح الانتماء إلى العصر بوثوقية تشكل الرافع الحقيقي لوطن المجد الذي نريده على أساس دولة دستور وقانون ومواطنة متساوية وروح شبابية تدير حياة وشراكة في البناء والتنمية واحترام حقوق وحريات الإنسان وصون مبادئ وأهداف وقيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتحقيق تطلعات الجماهير في الحرية والعدالة وفرص المساواة ..
هكذا نريد الثورة بهمة شباب وليس بعثرات كهل وارتجافة يدين لمسنٍ يحدثنا عن ثورة شبابية هو وحده يحوز عليها.. وهكذا ينتصر اليمني للمستقبل ويقدر على إنجاز حلم طالما راوده ...
عاشت الثورة الشبابية السلمية.. الخزي والعار للمتآمرين وللقوى الرخوة المرتجفة ولمن يريدون العودة بعجلة الماضي إلى الوراء..
المحرر السياسي
الشباب و إعادة صياغة الجملة الثورية 2671