بوضوح لا لبس فيه وبدقة متناهية.. إنبنت المبادرة الخليجية على قضية محورية تشكل الأساس في معالجة كل القضايا وهي (أمن واستقرار ووحدة الوطن اليمني)..وتحت هذا المرتكز تأتي تفرعات أخرى هي التي تشكل في مجملها الحوار الوطني الذي يجري اليوم، والذي جاء من ذات المبادرة وفي إطار واحد هو الوحدة الوطنية. هذا على الأقل ما يجب الوعي به من قبل الساسة وكل مكونات المجتمع اليمني، وفي السياق ذاته انتخاب الرئيس التوافقي "عبد ربه منصور هادي"- رئيس الجمهورية- الذي جاء أيضاً ليحقق ما نصت عليه المبادرة (الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة الوطن).. وإذا الرئيس شرعاً وقانوناً وانتماءً مُطالبٌ بقوة أن يحقق ما تنص عليه المبادرة الخليجية، وأن يعمل في إطار وطني خلاق يقبل بالتنوع ولكن في إطار الوحدة،كما أن كافة الأطياف السياسية وفي المقدمة منها الحزب الاشتراكي اليمني مطالبة بأن تتمثل بالترجمة العملية على أرض الواقع بنود المبادرة الخليجية مادام وقد قبلت هذه المكونات الدخول الى فضاء الحوار الذي هو نبت المبادرة الخليجية.. وأي خروج عن هذا السياق إنما هو عمل يخل بالنزاهة والمصداقية ويكشف عن مخبأ في النفس ونوازع دفينة لا تريد للوطن الاستقرار وتذهب الى خلق تعرجات في طريق الحوار لغرض إفشاله، وبالتالي فرض ما ليس متحققاً البتة،ولكنه يؤدي الى مواجع وارهاق وطن وحياة ربما لا يعقلها من يشتغل خارج المتفق عليه دولياً،وهي المبادرة الخليجية التي مثلت صمام أمان وطن ومخرجاً جيداً من الفوضى والإرباكات وما قد يؤدي الى اقتتال وتطاحن.على هذا الأساس فإن أي توجه عن قصد أو غير قصد يستهدف وضع مشاريع انفصالية تحت أي غطاء زمني أو إقليمي أو دعوة للاستفتاء بعد حين فيما يخص الانفصال من عدمه.. كل ذلك إنما هو ضرب من التهور والجنون ومحاولة مبيته وبائسة وفاشلة في نفس الوقت لخلق مناخ فيه الرضا الدولي للقبول بالانفصال مستقبلاً على أساس أن ذلك جاء نتاج ما توافق عليه في مكونات الحوار. وهو ما يجب الوعي به ورفضه وإدانته واعتبار هذه المحاولات العاقرة انتهاك سيادة وطن واستغلالاً سافراً للحوار المخرج الحقيقي لشراكة وطنية ترفض الإقصاء لأي من مكونات المجتمع المني.
ولعل إزاحة العلماء الإجلاء من هذا الحوار يتجلى اليوم سياسياً لمن يدعون الى الوحدة مرحلياً حتى يتم استفتاء على الانفصال، وهو أمر بات غير مرحبٍ به من كل القوى الوطنية، ويعد خرقاً للمتفق عليه دولياً ويدينه كل علماء الأمة وفئات المجتمع اليمني ويرون فيه دعوة تفرق وتمزق وشتات واحتراب - لا قدر الله- وفساداً في الأرض. هذا على الأقل ما تشي به دلالات بعض التوجهات الحزبية التي تموه وتغالط وتبحث عن نقاط اختلاف أكثر من الاتفاق، وتقبل بالتنازل عن تاريخ نضالي وعن مقدس وطني لا يمكن أبداً التنازل عنه مهما كانت المؤامرات والخروج عن النص وما يدبر في ليل، ومهما ادعى الذين يختانون وطنهم أنهم ينطلقون من مضامين الحرية والعدالة التي تنسى أو تتغافل عن الملايين من الجماهير اليمنية التي لم تمثل بعد في هذا الحوار ولكنها تنظر ما سيسفر عنه لتقول كلمتها الفصل، إن كان الهدف غير ما هو مرسوم له في المبادرة الخليجية والانتخابات الرئاسية التوافقية... ولاشك أن القوى الوطنية التي تستند في حركة نضالها على دعم وتأييد دولي لن تهزمها دعوات الكيد المؤجل والنقاط التي تريد فصل الروح عن الجسد ولن تقبل بالعارض الغير متفق عليه والذي يجري تسويقه بطرق عدة ومخاتلة وبحث عن أوجاع لخيار يرضي أعداء الوطن والثورة ويخلق للمؤامرة مجالاً تتحرك فيه. وهو أمر يدركه كل شرفاء الوطن وهم يطالبون وبقوة رفض أي خروج عن المبادرة الخليجية أو اختراق أي من بنودها ويطالبون وبقوة أيضاً الرئيس التوافقي (عبد ربه منصور هادي) أن يكون في مستوى التطلعات الوطنية محافظاً ومنافحاً بصلابة عن الهوية الوطنية والوحدة كمقدس لا يقبل أي تراجع الى الوراء سيما وقد تم انتخابه على أساس الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي. وإذاً فإن ما هو حاصل من بعض قوى سياسية تضع خارطة وهم لها في أن شيئاً قد يتحقق كانفصال، إنما هو نوع من الخربشات الطفولية ونتاج احتقان للذات بفعل تجاذبات ربما هي ماضوية أكثر منها تطلع إلى المستقبل.
وهنا فقط علينا أن نؤكد وبقوة أن الوطن يفخر باعتلائه عرش النصر وقد خرج من عواصف كادت أن تغرق الجميع وتودي بالحياة الى جحيم لا يعلم إلا الله مداه. وفي خروجه منتصراً يكون قد امتلك قوة أكبر وأكثر فاعلية في مواجهة ما تبقى من مشاريع صغيرة يشتغل عليها مرجفو الوطن ومن سار في فلكهم وهو ما يجب أن يعقله من يسعون لوطن مجزأ ويحلمون بالزيف يطل من المستقبل تحت ذريعة استفتاء للانفصال فيما بعد لتبقى الوحدة مؤقته لديهم والأصل هو التشظي..
إن الهذر الطويل الذي لا طائل منه هو ما يأتي به أصحاب الجمود العقلي وهم لا يتقنون شيئاً عبر مراحل حياتهم غير الخراب ومازالوا فيه يتوهمون نجاحه, ولا يدركون أن للشعب وثيقة دولية ونصوصاً اتفق عليها ولا رجعة عنها ومبادرة اسمها ((خليجية)) تقذف بكل النتوءات خارج التاريخ ليبقى الوطن حريةً وعدالةً وشراكةً وطنيةً ودستوراً يطبق وقانوناً يسري على الجميع وماعدا ذلك ليس سوى أضغاث أحلام وقبض ريح.
المحرر السياسي
الحديث عن وحدة مرحلية خرقٌ للمتفق عليه دولياً 3164