تبقى أحزاب المشترك في مستوى نضالها الوطني صمام أمان الوطن ورايته الجميلة في التفاهم الخلاق ومستودع النقاء وثقة الجماهير بما حققته من مكاسب غير عادية في الثورة والوحدة الوطنية وتجذير هوية الانتماء والارتفاع عن كل ما هو سلبي ويؤدي إلى طريق مسدود.
وهي بهذه الانتصارات قدمت وتقدم نفسها إلى التاريخ وتحث الجميع على العمل من أجل المستقبل, باعتبارها اليوم مطالبة بالحفاظ أكثر من أي وقت مضى - في الحفاظ على المعنى الرائع لهذا (المشترك) الذي يشكل مدماكاً صلباً يستند إليه الوطن ويرسي من خلاله دعائم النضال من أجل حياة وطن وتطلعات جماهير . وبدون هذا (المشترك) فإن ثمة قوى متربصة تحاول أن تطل برأسها من أي نوازع خلاف ولو بسيط وتمني نفسها في القادم بامتلاك فعل المبادرة بعد إحداث شرخ في جدار (أحزاب المشترك)، كمشروع وطني حقق الوئام ونأى بالوطن من الوقوع في شرك المؤامرة, كما استطاع - بتلاحمه - أن يدك عروش الظلم وينهي وإلى الأبد حكم استبدادي كان يتطلع إلى التوريث فأجفل بفعل تكاتف وتلاحم وصدق توجه أحزاب المشترك.
وبهكذا معنى يبقى المشروع الوطني المتميز متمحوراً في هذا الكيان السياسي الرائع والخلاق والوعي بأهميته والبقاء في ذات الثقة والتلاحم مرهون اليوم بالقيادات في (أحزاب المشترك) التي عليها أن تستحضر مهامها الوطنية في أدق مرحلة وأكثرها ضرورة للتوافق وتفويت الفرصة على القوى الانتهازية والظلامية التي غدت بأطماعها وطموحاتها المريضة تستوطن مشاريعها الصغيرة التي أطلقها - ذات وقت بدقة فائقة في التشخيص - الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور/ ياسين سعيد نعمان في قراءة عميقة لممكنات التحول الوطني.
ومن هنا يغدو ضروريا التنبه لمعطيات الواقع ومعرفة خبايا المستورد وما يحاك للوطن من مؤامرات سترتد مدحورة مابقيت أحزاب المشترك على مستوى من الوعي والإدراك بما هو قائم اليوم وتحث على العمل سويا بمسؤولية وطنية وأخلاقية وضمير انتماء وهو ما يجعلنا نؤكد أهمية هذا التكتل السياسي الحيوي والمهم والبناء عليه من خلال ما تحقق من عمل مشترك وإرادة وطنية، بما يمنح القادم القدرة في شق غمار الصعب والوصول إلى مرحلة يتطلع إليها كل أبناء الوطن وهي الأمن والاستقرار والتنمية.
وفي كل الأحوال فإن أي شرخ في جدار المشترك لن تستفيد منه سوى القوى الظلامية المتمثلة في المجاميع المسلحة في الجنوب والنظام السابق والحوثية وقوى الإرهاب والتطرف وجميعها تتربص بـ (لمشترك) وتريد تفكيكه ليتحقق لها ما تطمع فيه من تسيد على الوطن وإدخاله في قوقعة صغيرة تعبر عن مستوى تفكير هذه القوى الكيدية والتي ترى في تفكيك أحزاب المشترك الطريق المهيأ لها في الانتقام منه كقوة سياسية وطنية عرقل مشاريعها الصغيرة بما قدم من إنجازات وطنية فشلت معها كل الرهانات الخاسرة.
من هنا نفقه معنى هذا التكتل النبيل وندرك أن أهمية تعزيز الثقة فيه هو الوسيلة المثلى في تجاوز الصعب وفي صياغة حاضر يجنب البلاد مغبة الفوضى والإنزلاق إلى أتون صراعات لاتبقي ولاتذر.
وهنا فقط تبقى أهمية خوض التحديات القادمة بروح مثابرة وإيمان عميق بأهمية الغد الذي لم يعد يقبل التراجع أو التقاعس عن العمل قدر ما يحث على المزيد من المضي إلى الأمام والبقاء في ذات النصر والحفاظ عليه بمزيد من ترسيخ هوية الانتماء التي هي وحدها الكفيلة بمحق كل المشاريع الصغيرة إذا ما كانت منطلقة من مشروع واحد عنوانه الكبير ((أحزاب المشترك )) بما تملكه من رؤية, متطلع إلى الأمام وما حققته من معاني في النضال الوطني ورسخته في تجربة لا نظير لها في بلدان العالم الثالث, إذ أنها من جنب البلاد المحن بما تحملته من مسؤولية تاريخية نجدها اليوم فخر كل أبناء الوطن.
وليس إذاً بعد كل هذا غير الحفاظ على هذا المشترك وتمتينه ليصير أكثر اقتداراً في الالتحام مع الجماهير والتعبير عنها والعبور معها وبها إلى مناخات الديمقراطية والوحدة الوطنية وفق رؤى مشتركة وتفاهمات حقيقية تستطيع من خلالها بناء الدولة المدنية الحديثة المتمثلة في المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية, دولة تقوم على الدستور والقانون كمعيار أساس ومنطلق تحولات.
المحرر السياسي
المشترك والنضال الوطني 3557