لم أعرفه لاعبا، ولم أتابع إنجازاته مدربا في نادي الميناء الرياضي والمنتخبات الوطنية – عن قرب - لكنني عرفته إنسانا وقرأت عنه حارس مرمى من الطراز الرفيع في ناديي الأحرار وشباب التواهي، ومدربا في الكرة الطائرة استحق وصف الخبير الأول، وواضع مداميك الرياضة النسوية في اليمن نال لقب الرائد.
ذلك هو الأستاذ علي عزاني الذي استحق أن ينادى بالأستاذ من قبل الكبير قبل الصغير، لأنه معلم الأجيال في ملاعب الرياضة وقاعات الدرس والحياة العامة.. نعم الأستاذ علي عزاني ولم أجد في وسطنا الرياضي من يستحق هذا الوصف إلا هو، فهو المربي، والمدرب، والناصح الصادق، القدوة الفاهم، المتعدد الملكات، عفيف النفس، دمث الأخلاق.
كإعلامي عرفته من بعيد، ومن شاف ليس كمن سمع.. هذا ما قلته ومازلت أردده منذ لقائي الأول به منتصف 2000م عندما انتخبت عضوا بفرع الاتحاد العام للكرة الطائرة بعدن.. تقابلنا في إحدى مباريات الدوري الرمضاني في نادي شمسان، ولمست من لقائي الأول به نيته تقديم المشورة الصادقة التي كان يزفها لنا في الفرع العدني من دون تكلف حتى نرتقي بواقع اللعبة، وقد كان لنصائحه أثرها الإيجابي الكبير على نشاط الفرع الذي ضم عددا من أبرز لاعبي الكرة الطائرة في عصرها الذهبي (طه كامل، رياض السقاف، منور أنور، خالد الجزار)، إضافة إلى الحكم الدولي المرحوم محمد النويجي والعبد لله، ونجح في تقديم جيل جيد من اللاعبين بعضهم يتسيد مشهد النجومية في اللعبة حتى الآن.
ومن بعد اللقاء الأول تعددت اللقاءات التي سمحت له بأن اتزود من منبع خبراته ومعرفته وتجربته باللعبة الكثير، استفدت من كتبه.. من ملازمه.. من نصائحه .. من آرائه .. ومن توجيهاته التي كان لا يبخل بها على أي لاعب يتوسم فيه الموهبة الصادقة أو أي باحث عن المعرفة .. لقد كان العزاني ومازال المدرب الوحيد الذي بإمكانه أن يصقل الموهبة بأسرع مما يتصوره العاجزون.
ومن وجهة نظري يبقى العزاني المدرب الوحيد - ممن عرفتهم - القادر على توظيف اللاعبين، بل إنه الفريد القادر على قراءة المنافس، ووضع الأسلوب التكتيكي المناسب للتغلب عليه، هذا ما عرفته من أبنائه اللاعبين والمدربين، وما لسمته من آخر بطولة كأس حصدها الميناء تحت إشرافه بفريق كله من الشباب استقوى بهم الميناء على كبار الدوري في الشرطة وسيئون آنذاك.
ومن خلال علاقتي الإنسانية به التي لم تنقطع طوال (13) سنة ونقاشاتنا المتواصلة في الشأن الرياضي لمست أن الأستاذ علي العزاني قارئ جيد، بل ومتابع رائع للصحافة الرياضية، ويجيد قراءة ما بين السطور، كما أن له قدرة كبيرة في تمييز الغث من السمين، وهو قادر على كشف كل ذلك بكل جراءة وصدق وأمانة، لذلك فقد أقنعته أن يكتب كتابة نقدية فنية تحليلية وجدت صداها الكبير من خلال صحيفة 14 أكتوبر برئاسة الزميل سامي الكاف التي قدمت للرياضة اليمنية وجه جديد للأستاذ العزاني ككاتب من الطراز المتفرد بقوة الطرح وصدق القول وجمال المبني وجزالة اللفظ ووضوح المعنى.
وقد ساهمنا معا - علي العزاني ، وسامي الكاف، وجميل طربوش، وأنا - وغيرنا في خلق رأي عام كشف حقيقة التدهور الذي عانت ومازالت تعاني منه لعبة الكرة الطائرة خلال السنوات الماضية كنتاج لتردي مستوى العمل الإداري، ذلك التردي الذي يعد سببا رئيسا في ابتعاد العزاني وأمثاله من الرائعين في كل الألعاب عن ساحة التدريب التي هجرها الأستاذ علي رسميا، لكنه ظل على علاقته بما يدور فيها موجها وناصحا ومستشارا لكل لاعب أو مدرب أو إعلامي يحتاج إلى المعرفة والنصح.
إنه علي العزاني الذي لم ينقطع يوما عن ناديه الميناء إلا للضرورة، ذلك الإنسان الرائع الذي كلما وقفت أمام هامة رياضية يمنية كبيرة أجد أنها أقل من أن تقارن بهامة العزاني الذي تجاوز بهامته كل هامة.. فله مني كل الحب والتقدير.. وأسال الله له طول العمر والعافية.
فرحان المنتصر
فرحان المنتصر
الأستاذ علي العزاني هامته أعلى 1692