طغت خلافات حادة على نقاشات قمة الأوروبيين حول مشروع الاتحاد المصرفي والصعوبات التي تواجهها البنوك الأسبانية، حيث تتردد الحكومة الأسبانية في طلب مساعدة أوروبية، لأنها تخاف من شروطها القاسية في الوقت الذي تدعم فرنسا اقتراح خطة قروض لإنقاذ البنوك الأسبانية، لكن ألمانيا تحاول ربط المبادرة بطلب حكومة أسبانيا المساعدة المشروطة.
قمة بروكسل تأتي وسط قلق متزايد من طول الأزمة المالية وعودة الركود واستفحال البطالة، حيث لا يزال الاتحاد الأوروبي يعاني من نقص النمو وارتفاع البطالة إلى 25مليون عاطل، على الرغم من الكثير من الإجراءات في مجال تصحيح الموازنة وخطة تنشيط النمو [120] بمليون يورو صادقت عليها قمة شهر يونيو الماضي، لكن الآفاق لا تزال شبه مسدودة، إذ سيكون النمو ضعيفاً العام القادم، سوق العمل فقدت 8ملايين وظيفة عام2011م وهو وضع غير مقبول.
ويحظى مشروع الاتحاد المصرفي بتشجيع أوساط المال والمستثمرين، إذ يتولى من خلاله البنك المركزي للاتحاد الأوروبي مهمة مراقبة نشاط البنوك في كل دول الاتحاد بما يساعد على ضمان الاستقرار المالي في منطقة اليورو، ويمكن المشروع أيضاً من كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها أزمة البنوك والديون السيادية إذا كانت كلفتها باهظة بالنسبة إلى كل من إيرلندا وأسبانيا.
ألمانيا تطرح إنشاء صندوق تضامن أوروبي مشترك لمساعدة دول منطقة اليورو المتعثرة مالياً، أما الرئيس الفرنسي فقد عاد يطرح بقوة فكرة قيام البنك المركزي الأوروبي بشراء مباشر لمستندات الدول المتعثرة لحمايتها من مضاربات القطاع الخاص على فوائد القروض وهذا ما ترفضه برلين وهي مع إعطاء المفوضية الأوروبية صلاحية فرض عقوبات وتدابير فعلية في حق البرلمانات الوطنية التي تقر موازنات غير متوازنة، مطالبة بأن تنجصر الصلاحية التنفيذية في شخص مفوض النقد الأوروبي، وتتركز الخلافات حول الموعد المحدد حول عدد البنوك التي يتوجب إخضاعها للمراقبة المباشرة.
توصلت قمة بروكسل إلى اتفاق على إطلاق الاتحاد المصرفي مطلع العام المقبل من أجل مراقبة البنوك الأوروبية من خلال البنك المركزي الأوروبي، وتهدف الخطة إلى ضمان الإشراف على القطاع البنكي من أجل تفادي مفاجآت الإفلاس ونقص الودائع، وعمدت القمة إلى وزراء المال استكمال الإطار التشريعي الضروري لإنشاء الاتحاد المصرفي قبل نهاية العام على أن يطلقه البنك المركزي الأوروبي بداية عام2013م، إذ سيعمل البنك على وضع الآليات الضرورية وتعبئة الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ مقتضيات المراقبة الموحدة للبنوك الأوروبية في شكل تدريجي والتدخل عند الاقتضاء لإعادة رسملة البنوك، لكن الاتفاق لا يضمن اليوم إنقاذ البنوك الأسبانية.
الاتحاد المصرفي يمثل أداة المراقبة الوحيدة في السوق الأوروبية من أجل الإشراف على البنوك الأوروبية ويقتضي اتفاق القمة قيام آلية مراقبة مشتركة وموحدة ستشرف على ما لا يقل عن [6] آلاف بنك، ولغرض التوفيق بين اقتراح المفوضية مراقبة البنوك كلها من قبل آلية المراقبة المشتركة ورغبة ألمانيا في تصعيد بنوك الاقتراض المحلية من سلطة الإشراف المباشر من البنك المركزي، القمة توصلت إلى حل وسط يقضي من الناحية المبدأية بإشراف سلطة المراقبة الموحدة على البنوك كلها مهما كان حجمها، لكن يمكن للبنك المركزي أن يعهد إلى سلطة المراقبة الوطنية أو المحلية الإشراف ومراقبة سير البنوك الصغيرة في الأقاليم والمحافظات.. بدء الرقابة المصرفية في منطقة اليورو اعتباراً من عام2013م، الأمر الذي سيشكل محطة أساسية في إستراتيجيتهم للخروج من الأزمة.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي19/10/2012م
2. الاتحاد الاقتصادي20/10/2012م
3. الحياة العدد [18095]19/10/2012م
4. الحياة العدد [18096]20/10/2012م
د.علي الفقيه
قمة بروكسل خلافات حول الاتحاد المصرفي 1977