حتى في أفضل الظروف التي لم تتسن لمن سبقوه.. كانت جعبته خالية من الجديد بل لا تملك المقدرة على احتواء ولو بعضا من آمال البسطاء ممن يحسبونها بطريقة تختلف عن حسابات التأجر، أو المهرول صوب الفائدة.. فحسبتهم لا تتعدى لحظة مشاعر وطنية صادقة، مصحوبة بصرخة فرح تفرغ ما بداخلهم من تعقيدات الحياة اليومية.
وهنا.. لو أدرك العيسي الفارق بين حساباته وحسابات البسطاء لكان أدرك مكمن الخلل في اتحاده وأعاد ترتيب بيته من الداخل ولقدم للبسطاء وجبة فرح أضاعها عليهم - وما أكثرها - ولن تكون آخرها وداعية الناشئين من طهران.. لمنتخب كان بإمكانه تقديم أفضل مما كان.
ما المبرر الذي يمكن أن يسوقه اتحاد (الندامة).. إخفاقات كروية متلازمة ومتلاحقة وفي مختلف الفئات والأصناف والأنواع، فالمنتخبات بمختلف تكويناتها الكروية من الناشئين للكبار يا قلبي لا تحزن، والأندية تترنح في إجازة إجبارية لتغط في نوم طويل تنتظر صحوة الشيخ لإعطاء الأمر بإيقاظها، واللجان في أروقة سفارة (الفيفا) أشبه بلوحة زخرفية تضيف لمكتب العيسي رونقا خاصا عند الحاجة.
ماذا تتوقعون منه؟! إن كانت الشكوى لرفع المظالم والمطالبة بحقوق خاصة أو عامة يعقبها العقوبة وتطال صاحبها عبارات الويل والثبور.. ومن لا يعلم عليه بالعودة إلى صحيفة الرياضة في عددها الماضي لمعرفة ما أصاب ويصيب اللاعبين من أمثال هيثم الأصبحي وزاهر فريد فأية مؤسسية وأي عمل ممنهج يدور في أرقة الاتحاد.. حتى تجاوزت العهدة المالية المسجلة على ذمة اتحاد الكرة المليار ريال وتنتظر من يخليها وأين صرفت؟! وعلى من ؟! ما دمنا نسمع جعجعة خبازيه ولا نرى طحينا على ميدان المنافسة.
نعم.. لقد أفرغ اتحاد الكرة كل ما في جعبته ولم يعد قادرا على التجديد.. بل وحتى التقويم لما أعوج.. لأن الهرجلة التي يدار بها الاتحاد بعشوائية واضحة ألغت أدوار اللجان وحجبت الكوادر الفنية عن العطاء .. وما سالم عبد الرحمن إلا إنموذجا على ذلك.
هل أدرك رئيس اتحاد الكرة بأن الوقت حان لأن ينسحب بهدوء من على كاهل الكرة اليمنية؟ مادام غير قادر على إيلاج الفرح لشفاه عشاق الكرة.. وإعادة دفئ التنافس الكروي الذي تفتقده مدرجات ملاعبنا المتعطشة لسخونة صاخبة تذهب عنها البيات الشتوي الذي أصاب أنديتنا بفعل فاعل معروف لدينا جميعا ولا عزاء للباحثين عن المتعة الكروية.
وهنا لن أتوجه باللوم للمدرب أمين السنيني أو للاعبيه، فالمباريات أظهرت بأن المنتخب يحوى على مواهب كروية تملك الكثير من المخزون الإبداعي الذي يمكن أن تعكسه كنتاج كروي يقدم المزيد.. لكن طباخي مرق العيسي يفسدونها.. مثلما أفسدوا ما سبقها.
لم تعد القضية مسألة عناد أو صنميه لا تدرك ما يدور حولها، لأن وباء التغاضي عما وصلت إليه كرتنا سيحول ذلك إلى مشكلة عصية على الحل ما لم يتم تدخل جراحي عاجل يضع حلا لتلك الحالة من اللامبالاة في ظل جمعية عمومية مغيبة تماما إن لم نقل سكنت جيب العيسي.
نعم نحن بتنا في حاجة لتدخل حكومي يفرض على اتحاد العيسي جملة من الخيارات ولعل أبرزها بعث الحياة للجمعية العمومية لاتحاد العيسي أو إيقاف نزيف العبث المالي الذي يذهب أدراج رياح إتحاد يهدم أكثر مما يبني.
لتذهب كرتنا إلى الجحيم يا معمر الإرياني.. ما دمنا ننفق على هذا الاتحاد من قوت الشعب اليمني ومن أموال الشباب والرياضيين دون أية جدوى تضع أمامنا ولو بصيص أمل من بعيد، حتى بات أشهر مكاتب السفريات والسياحة للعاطلين عن العمل والباحثين عن قضاء مدة استجمام خارج الوطن، بل تجاوز بدل سفر بعضهم ما يتحصل عليه الوزراء أثناء سفرهم لمهام رسمية.
فهل يستجيب وزير الشباب والرياضة معمر الإرياني لمطالب الشارع الرياضي عموما والكروي على وجه الخصوص في تشكيل لجنة تعد لمؤتمر رياضي من ضمن تكويناته الجمعية العمومية لاتحاد الكرة لإيقاف مهازل هذا الاتحاد والعبث بمواردنا المالية ومستقبل الكرة في بلادنا.. وليذهب بلاتر وقوانينه إلى مزابل مدينة الثورة الرياضية.. شكرا لسعة صدوركم!.
محمد القيداني
لتذهب كرتنا يا معمر إلى الجحيم! 1444