لا نكتب حبا في الانتقام, أو غاية في الهدم, ولم نسعَ لحظة إلى أن نصطاد في المياه العكرة, ولا نميل إلى تبني الأحكام الجاهزة, أو أن يقف وعينا عند حدود التفسير الشخصي العاجز, ونتجنب قدر الإمكان التطرف في الرأي, ولكننا نحاول أن نجتهد حتى يكون طرحنا منطقي, كما لا يزعجنا الاختلاف, ولكن أكثر ما يستفزنا أن نجد المسئولين في الواقع الذي ساهموا في انحداره, وتشويهه, وأسرف فسادهم في تبذيره, أشرفت أفعالهم على تسميمه, وسيلة لتمرير إفلاسهم, ورمي نفاياتهم خلف جداره القصير!.
ندرك جيدا بأننا بشر, وأمر وارد أن يقع أحدنا في الخطأ, ولكننا أيضا نعتقد بأنه لكي ننهض من الكبوة, ونتجاوز العثرة, يجب علينا في المقام الأول أن نتمتع بروح المسئولية, ثقافة الاعتراف, وأن يكون حرصنا على التعلم من الإخفاق بالقدر نفسه من الحماسة على تبريره, وإن كان البعض لا يهمه إلا أن يرضي غروره, ويجد في تجاهله للحقيقة متعة, فلا تنتظروا منا أن نبتهل فرحا, ونهلل لهم ترحيبا, ونستقبلهم بأحضان مفتوحة بالود, وأرضا مفروشة بالورد, إن إصرارهم على رؤية الأشياء من الزاوية التي تناسب مآربهم, وتوافق توجهاتهم, لا يعني بالضرورة بأنهم في الجانب الصحيح, كما أن حقنا بأن نقبل أو نتحفظ مشروع, أو لا يملك أحد سلطة تجريدنا منه, ومصادرة قناعتنا في الاعتراض, والممانعة!.
مع اقتراب قطار انتخابات الأندية من الأمتار الأخيرة, حيث تكاد زوابعها أن تضع أوزارها, وللأسف الذي نشعر معه بكثير من المرارة أن جميع الشواهد تثبت بأن نتائجها جاءت مخيبة لآمال الكثيرين, ولم تكن بحجم طموحات الشارع الرياضي, وأقل بكثير من مستوى التطلعات المعقودة عليها كوسيلة لتقويم مسار الرياضة اليمنية, وبداية لتغيير شامل يحررها من الوجه الشاحب, والقبيح, يكرمها بآخر مشرف, فالمحصلة - ونحن على مشارف النهاية - تشير إلى تفوق, واكتساح كالعادة لـ(فحول) التربيطات, و(عجول) القوائم التوافقية, وإن الكلمة العليا كانت لسماسرة الغرف المغلقة, والجلسات الخاصة التي استفردت بحقوق الجمعيات العمومية, وحسمت المنافسة, وظل الصندوق في حالة موت سريري بعد أن سقط بضربة التزكية القاضية, و(أبترعت) تيوس! معظم الأندية على صوت المزمار نفسه.
والأعظم من هذا أن هذه العملية القيصرية قد تتمخض عن واقع شديد الكآبة, وأتعس, و(اضرط) من أخيه, وتجعلنا نترحم على الأيام الغبار الأول, وأكثر ما يحزننا أن تكون نتيجة الانتخابات تعميم يشرع لحقبة جديدة من الفساد الرياضي, وتمدد في عمر الإدارات الموبوءة, وتقدم الأندية على طبق من ذهب للنهب!!.
لا عزاء لمن تغريهم مفردات اللغة الرنانة, وتستهويهم لذة الخطابة, وتغمرهم السعادة, والبهجة, ويشحذون هممهم, وتتأهب أبواقهم لتكبير, ولتعلن على الملأ أن انتخاباتهم حالفها نجاح منقطع النضير, ونحسب أن من يطلق العنان لخياله الخصب, ويتصور أن انتخابات الأندية الرثة حققت طفرة, وإنها كانت إنجازا فوق العادة, نحسبه شخص يغويه الإطراء والمجاملة, وتسيطر عليه نرجسيته, وشغفه بذاته, ويبحث عن صناعة مجده, ونحت مآثره على لوح من ماء, أو أنه متملق ينتظر مكرمة, ولا يرى أبعد من أرنبة منفعته, ويجعله سحته يغني في مأتم, ولا نشك أبدا بأن شهادة مجروحة, أن إصرارهم على لتجديف عكس التيار, وأن يضعون إكليل الغار على هامة انتخابات الأندية الصورية الهزلية يصيب كثير من المتابعين بحيرة قاتلة, ويفرض علينا طرح تساؤلات لم نجد مفر منها, وظلت (تزن) بين كل سطر و كلمة, وأقسمت بالا تبرح رأسي حتى أطلق سراحها, فإن كانوا يرون في ما أفرزته هذه الانتخابات عنوانا للنجاح, ومصدرا لتفاخر, وإنجازا لم يسبقهم إليه أحد, فكيف نتوقع أن تكون ملامح الإخفاق, ونستحضر صورة الفشل؟!, وبأية مرثية ننعي احتضار رياضتنا, وسوء خاتمتها, وبأي كفن نداري فضيحتها, ونشيعها إلى مثواها الأخير؟!.
ياسر الأعسم
انتخابات الأندية.. إنجاز على صفحة الماء!! 2238