لا يختلف اثنان بأهمية الجماهير الرياضية، وتواجدها لإنجاح أي حدث رياضي بشرط استمرارية وانضباط هذا الحدث، سواءً كان بطولة دوري أم كأس أم تجمع لتصفيات صعود أم ما شابه، ومن الطبيعي والمنطقي أنه كلما كان اتحاد كرة القدم يحافظ على استمرار دوران عجلة الدوري دون توقف أو تأجيل لسبب أو لآخر، كلما توافدت الجماهير وبازدياد من أسبوع لآخر ومن الملاحظ أنه كلما زاد إقبال الجماهير لملاعبنا الرياضية، كلما زادت حدة المنافسة والإثارة لينعكس ذلك بالإيجاب على مستوى الأندية لتقديم أفضل وأرقى مستوى من جولة لأخرى، لإرضاء الجماهير الباحثة عن المتعة والإثارة المفتقدة في دورينا منذ سنوات.
وإنا أفكر بكتابة هذا الموضوع عدت بالذاكرة لثمانينات القرن الماضي لأحداث دورينا وبطولاتنا في ذاك الزمن الذي أطلق عليه الكثيرون الزمن الجميل، وتذكرت ذلك الإقبال الجماهيري الكبير التي كانت تكتظ به ملاعبنا الرياضية على قلتها في ذلك الوقت، وأيضا تلك الأهازيج والأغاني من قبل رابطة المشجعين للأندية.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، وللأمانة فقد كانت اتحادات كرة القدم المتعاقبة تحافظ على استمرارية الدوري، وانتظامه بشكل رائع، أضف إلى ذلك مسابقة كأس الرئيس، وتصفيات الدرجة الثانية والثالثة، ونتيجة لذلك الاهتمام غير العادي من اتحادات كرة القدم آنذاك توافدت الجماهير، وازدحمت بهم الملاعب فأصبح لدينا دوري قوي ومنافسه غير عادية، فتمخض عن ذلك ولادة منتخب قوي كان يشرف الكرة اليمنية في جميع المنافسات الآسيوية بعكس ما هو حاصل الآن لمنتخباتنا.
ولإثبات ذلك الحضور غير العادي للجماهير في ذلك الوقت، أتذكر أنني كنت وأصدقائي نذهب لملعب الشهداء بتعز لمتابعة مباراة من مباريات دورينا في تمام الساعة الثانية ظهرا، وذلك لتفادي الزحام خارج الملعب، ولإيجاد مكان مناسب داخلة قبل حضور الجماهير التي كانت تجلس في الممرات وفوق الجداران نظرا لعدم وجود أماكن شاغرة.
واليوم بعد توفر الملاعب المعشبة والمدرجات المكسوة بالكراسي الحديثة والإنارة وما إلى ذلك غابت الجماهير عن المدرجات، وأثرت متابعة الدوريات العربية والأوروبية، ووفرت على نفسها العناء من متابعة دوري ضعيف أفرز منتخب أضعف في جميع الفئات العمرية، أما منتخب الكبار فيذكرني بالمثال القائل: "عز الدين (..) من أخيه".
الكرة في ملعب اتحاد كرة القدم، فهو من بيده الإجابة عن هذا الموضوع، وحله بسهولة وبكل بساطة إذا ما توفرت لديهم المصداقية، والعمل الجاد لإعادة الثقة للجماهير التي أصابها الإحباط والملل من كثرة التوقفات والتأجيلات لأجلا غير مسمى، فعلى المنظرين في اتحادنا المبجل عدم الإفتاء بطرق، وسبل كيفية إعادة الجماهير لمتابعة أحداث الدوري، وما عليهم فعله فقط، هو إيقاف مسلسل التأجيلات لأسباب واهية لا تخدم رياضتنا التي أصبحت مشلولة بفعل الاجتهادات غير المسئولة التي أصابت الجماهير بمقتل.
والله من وراء القصد.
عيدروس الفقيه
الجماهير ومصداقية الاتحاد 1840