الخميس الماضي مرت الذكرى الثالثة لرحيل فارس الكلمة والقلم الأستاذ عادل الأعسم - رحمه الله وطيب ثراه - وتفاعل مع الذكرى - كالعادة- البسطاء من المحبين والزملاء والتلامذة، كتأكيد على أنه لم يمت في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم، فصورته ستظل مرتسمة أمامهم، لا تمحوها السنون وعواصفها وتقلباتها.
وعصر أمس الأول أقيمت مباراة تأبينية للذكرى جمعت نجوم الزمن الجميل على ملعب حامد بالشيخ عثمان، تحت رعاية كريمة من صاحب الوفاء خالد خليفي، ومثابرة من الزميل الأروع محمد العولقي، في تلك المباراة، قدمت لمسات تعيد الواحد منا إلى زمنه الكروي الجميل، زمن الكرة الحقيقي، زمن اللعب والهندسة على أصولها، وليست- كما يحصل حاضراً- مسابقات لمصارعة الثيران!.
الأعسم.. لم يمت، كان حاضراً بقوة، الكل يتذكره بإجلال واحترام وتقدير، مقالاته وكتاباته صداها ينثر أريجها، فعندما (يبنشر التاير) يأتيك مسرعاً مقاله الخالد: "تاير مبنشر يا أفندم"!، وإذ تشاهد الزمن الأغبر، زمن الفهلوة، والسقوط، تجد الخبر اليقين: "صعاليك وأباطرة"!، وإذا تدحرجت نحو الكرة، وتحديداً عند بيت التلال العتيد، باعتباره النادي الأشهر جماهيرياً، والأقدم عمراً، وصاحب الحاضر (التعيس) يهجم مقاله (التلال الهايل ضاع)، وهو تعبير دقيق عن ضياع التلال في (مستنقعات) بعض الدخلاء، وتجار الشنطة، ممن ينخرون في جسده، ولا يهمهم عظمته، وانفلات أعصاب جماهيره، ودخول معظمهم غرفة العناية المركزة البعيدة عن جو مبارياته الخانقة التي تأت بأمراض الدنيا.
هذه أمثلة بسيطة لما كتبه الاعسم، تظل في الذاكرة، إضافة لمقالات لا تعد ولا تحصى تلخّص الهم، وتعبًر عن مكنونات النفس، وما يجري على أرض الملعب السياسي من تشظيات ومحن، وآلام تؤدي في الأخير إلى الدخول من بوابة: "عفان مجنون يا وطني"!.
وعودة لذي بدء، وتحديداً عند نافذة الوفاء، أقف متحسراً على أولئك (الرجال) أصحاب الكروش الممتلئة، وهم ينزوون خلسة بعيداً عن وعودهم، ونسياناً لمواثيق الأمانة والشرف والأخلاق، التي قطعوها على أنفسهم، بإنصافه، من جور (الراتب) والاهتمام بأسرته، ووعود (عرقوبية) لا تعد ولا تحصى!.. ولكن هناك من أثبت أن (الرجولة) حاضرة، والوفاء محفوراً، والشهامة نبراساً، ويقف (تيس الجبل) على حد تعبير زميلنا عبدالله مهيم- على قمة الهرم، لم ينس عادل، ولم يدر ظهره عنه بعد مماته، مثلما فعل من يتغنون ذات يوم بصداقته وحبه (كلام مجالس) فقط!.
في الأخير..نحن البسطاء..لا نمتلك المال والجاه والنفوذ، نمتلك قلوب (نظيفة) تحب (العادل) وتدعو له بالرحمة والمغفرة..ولا نامت أعين من (دقّّوا صدورهم) وعوداً..طارت كفقاعات صابون في الهواء الطلق.
علي سالم بن يحيى
إلى الممتلئة كروشهم: (الرجولة) وفاء! 2219