المتأمل جيدا لحال الرياضة اليمنية في سنواتها الأخيرة سيجد أنها تعيش أزمة أخلاق أولا وآخرا، وليس تراجعها ومشاكلها وتخبطها ناتجة عن سوء تخطيط وعدم تدبير، وغياب الدعم والاهتمام الحكومي، هي القضية الأهم، ونقطة العبور نحو الحقيقة.. أزمة أخلاق بكل المقاييس!.
لا أحد يستطيع المزايدة عن النتائج المخيبة للآمال التي تجنيها المنتخبات الوطنية وفرقنا الرياضية منذ سنوات، منذ أن لعب المال وحبه على الذات والوطنية، ليست نتاج عن عجز في مواجهة الخصوم، ولا تعبير عن سوء حال، وتراجع مخيف في فهم قواعد وأصول فن التدريب، والمهارة و المراوغة، وتحقيق الآمال بالتخطيط السليم، وبعث الحماسة في الروح المنتهية عند باب المصالح الأنانية.. لو نبحث جيدا في أسباب ذلك سنجد أن الأخلاق هي الحاجز المنيع الذي تجاوزه الغوغاء بكل وقاحة.. وهاهم يجنون علقم ذلك التجاوز غير المشروع.. في يقيني أن الأخلاق هي الأساس المتين للانطلاق وتحقيق ما يصبو إليه المرء، ومن غيرها لا فرق بينه وبين بهيمة الأنعااااام!!.
الأخلاق وموتها في النفس اليمنية عامة، وفي الجسد الرياضي خاصة - إلا من رحم ربي- نتاج حقيقي لزمن يمني خالص، ماتت فيه كثير من المعاني النبيلة، واندثرت مفاهيم الصدق والإخلاص والشرف، زمن صار فيه المال على حبه عنوانا للتفوق، والفهلوة نبراسا للفاشلين، والضمير مرفوع عن الخدمة، تقديره عمل لا مسئول: "أنت في اليمن"!
لست واعظا، ولا أدّعي المثالية، فكلنا في الهم شرق، لكن بالله عليكم الذي يجري على الملعب اليمني ماذا نسميه؟!! لعب عيال.. أم مسرحيات هزلية تجعل الدموع منهمرة، بدلا من إضحاك الجمهور وإسعاده؟! فيلم تراجيدي كله حزن وبكاء؟!
المشهد برمته يندرج تحت مسمى واحد (أزمة أخلاق)!. ألم يقل الشاعر: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
تعالوا نقرأ معا:
- المسئول عندما يخون أمانته.. وقبل ذا من عيّنه في مكان لا يستحقه.
- حكم يبيع ضميره لأجل مكرمة أو مال زائل أو لإرضاء علان من الناس..
- لاعب يستلم مبلغا، كي يساهم في هزيمة فريقه.. وآخر يعمل كسمسار في حانة احد التجار..
- مدرب يختار كتيبته من أصحاب العاهات المستديمة والمصابين بالحصبة وشلل الأطفال وبقية الأمراض الستة..
- صحفي يعمل كالمنشار، وكله بحسابه.. إلا حساب الصدق والضمير..
- إداري.. عبد المأمور..حاضر يا سيدي.. نعم يا عيني.. يعرف كل فنون (الزبلطة) ولكنه صفر على الشمال و(تنك) في فهم مهمته الأساسية.
- رئيس ناد..يعشق الأضواء.. يتلذذ في تعذيب واهانة واحتقار أبناء النادي.. إلى أن وصل الأمر لقيام البعض بـ (تمليس) شعره، و(تدليك) عضلاته أمام الجميع وفي مشهد يدعوك (غصباً عنك) بلعنة الله على هذا الزمن الأغبر الاقفر...!.
- (بلاطجة) يقودون ناد رياضي..لا يعرفون من الرياضة سوى (زبط، ردع، نطح..)!
- أناس..لوثوا سمعة فرقهم بتصرفاتهم الغريبة، وكل همهم الحصول على المال، وحب السيطرة..!
ما أن ننتهي من قراءة ما قيل أعلاه..وهو من الواقع - ما خفي كان أعظم- سنجد أن ذلك كله يندرج تحت ما قيل سلفاً: (أزمة أخلاق)! ويا صنعاء دوري دوري...!.
علي سالم بن يحيى
أزمة أخلاق! 2040