في منظومة حكم غير كروية.. يبدو فيها "كل شيء معقول"، وفي قانون كروي بحت يديره مجموعة من المتكومة ألبابهم بكرة الجهل، وأُمية العمى، تأتي النتائج صاعقة على رؤوس رعيتهم رياضيا، محطمة عقولهم، وما جاورها من سمع وبصر.
اتحاد كرة القدم.. بمشايخه، كوادره، عقّاله، ومجانينه، حالة غريبة جدا في زمن الغرائب، لا يتورع عن توزيع فضائحه، وفشله وبـ(بجاحة) محسود عليها!.
قال الشاعر:
ومن عجيبٍ والعجائب جمة *** أن يلهج الأعمى بعيب الأعور
أيام قليلة مضت منذ إعلان مدرب المنتخب الأول الكابتن سامي نعاش عن قائمته الأولية، لمواجهة الاستحقاقات القادمة، وبأرجل كسيحة، وأسماء انتهى عمرها الافتراضي في الملاعب، وأخرى كانت نائمة في العسل، للإيقاف والعقاب، وهذا معناه قهر، وكثير من النتائج السلبية التي ستلقي بظلالها على شريحة كبيرة من الجماهير الرياضية التي تحلم موسم عن آخر ببياض وجهها أمام جماهير المنتخبات المنافسة.
على ضفاف قهري آخر، يصر عتاولة الاتحاد في كل تصريح إعلامي، ومن خلال (كبيرهم)، و(نكبتهم)، على التمثيل بمعشر الصحفيين، ووصفهم بأقذع الألفاظ.. وتكفي عبارة الشيخ، التي يرددها ببغاواته باستمرار: "سفرية تطلعك، وسفرية تنزلك"!.. لتوضح كم هو مغرور ومتعالٍ، وهذا يعني أن العيسي بات مدركا تمام الإدراك أن مخططه لجرجرة الصحفيين وشراء ذممهم قد أتى أُكله، وحان قطافه، كي يكونون (عبيدا) له يسبّحون بعظمته في الصباح والمساء، وهذا لعمري جنون ما بعده جنون!.
هو يعتقد أن الضمير الصحفي يمكن إسكاته بإحدى متاع الدنيا: سفرية بفوائدها السبع، أو بورقة خضراء، تزغلل عيون من (اشتراهم) وهذه سقطة كبرى تضاف للسقطات المتكررة، إذ إن الصحفيين في ذهنه كتلة واحدة، كلمة (حلوة) تجيبهم، وأخرى (مُرة) تبعدهم!. وهذا تعميم خاطئ فالناس أجناس، فيهم الغث والسمين وهم أيضا معادن، كما صدّح بذلك الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه في رائعته "الناس في الدنيا معادن"، المعيب أن ذلك الاتهام، والكلام المتكرر قابله سكوت فظيع، وعدم مجابهته، بالدعوة لمقاطعة أنشطة الاتحاد (السندوتشية)، حتى يعتذر رئيس الاتحاد وببغاواته عن قوله (الاتهامي)، ويبدو أن الزملاء اتخذوا من القول المأثور عن برنارد شو مذهبا: "إنهم يقولون، ماذا يقولون؟ دعهم يقولون"!.
السكوت المريع والمريب قد يكون ناتجا عن زلات وغلطات وسقطات، ارتكبها من حملوا القلم عنوة، ومن خلال أزقة النخاسة أو أسواق (الصيد)، فلهذا كان صمتهم من ذهب، ولكن تلك النوعيات - ممن اُبتلي بهم الضمير الصحفي الرياضي - لا يمثلون عينة الإعلام الرياضي كافة.
وإذا كان العيسي (فرعون) زمانه، وحميد شيباني (تكتور البيطرة) في مزرعة الكرة اليمنية، يسخران من فاقة وفقر بعض الزملاء، وظروفهم وتربيتهم، فهما لا يبتعدان عن المشهد ذاته عند من يفوقونهم مقاما وجبروتا ونفوذا - في وطن أعز كباره، وسحق صغاره - ويكررون العملية ذاتها بطريقة أكروباتية، فكما تدين تدان!
وكم كنت مشفقا على (الرجل الاتحادي) وهو يلهث خلف (الفندم) - على طريقة (حاضر ياماااما) - وكادت تتقطع أنفاسه، لعدم لياقته، وتدلي (كرشه)، كي يكون حاضرا في موكبه، كأحد عساكره.. ضحكت كثيرا، وقلت متعجبا: "سبحان الله"! هذا حدث أمامي في ثنايا خليجي 20 والله على ما أقول شهيد...وإن عدتم عدنا!.
علي سالم بن يحيى
حاضر يا ماااااما! 1965