إن الرياضة اليمنية في رحلة عبث لن تنتهي, وفي سقم لن تتعافى منه إلا بزوال الأسباب التي أدت إلى انحطاطها, وجعلتها عقيمة ويتيمة.. إن التغيير أصبح ضرورة ملحة لتطهير الرياضة من الفوضى, واجتثاث آفة الفساد التي افترس جشعه نزاهتها, وتفهت (فهلوته) قيمها.. إن من غايته يتسلى, ويتفنن في ابتكار أساليب (العبط), ويستثمر في الغد (يالشخبطه) بأنامل رجليه, من المستحيل أن يقنعنا بأنه يعمل لبناء جسر يربطنا بالمستقبل!!.
إن الحالة الرثة التي أصبحت عليها الرياضة كانت نتيجة طبيعية لسياسة الارتجالية, والإفراط بالمزاجية التي سادت عمل الوزارة, حيث اجتهد (المبحشمين) لهدم المؤسسات العامة, وشيدوا على أنقاضها إقطاعيات ومشيخات خاصة, وهذا المنهج (المطزز) فتك بجسد المنظومة الرياضية, وأصابها بضمور وتخلف وجعلها تزحف, وانعكس أثرها بشكل كارثي على استقرار الأندية بكافة درجاتها وفئاتها وألعابها, حيث أصبحت في مرمى القرارات السيادية, وتسلطت عليها شخصيات هامشية انحدرت بأوضاعها, ومسخت هويتها, وسحقت ألعابها, وشردت كوادرها, وما حدث ويحدث لأندية (عدن) دليل صارخ على ما أصاب رياضيتنا من (تسلخات), فبعد أن كانت رائدة لكثير من الألعاب الفردية والجماعية أدى المناخ الملوث إلى تفكيكها حتى أصبحت كيانات خاوية على عروشها, وتآكلت ألعابها, وطمس واحتضر بعضها, ومن تمنعت, وقاومت الاندثار أجبرت على السير مقصومة الظهر, ومكسورة العين ذليلة وقليلة الحيلة!.. كما جعلوها سبيل لقيادات من فئة الوافدين, وفصيلة (المحشرين), وحولوها من مدارس تربوية ورياضية إلى (بقالات), وسوق للبضاعة المستوردة والراكدة, وتراجعت لتقف في آخر الصف!.
لا يوجد ما يدفعنا لتردد, والقول بأن الوزير(معمر) يعلم أكثر من غيره, وذلك بحكم انغماسه في دهاليز الوزارة وكوابيس الرياضة, بأن كثير من رؤوسا الاتحادات وقياداتها شخصيات معقورة, فبشر من أمثال (العذري), و(العزاني), (السنيني) و(المطري) والقائمة تطول, قد صدئة صدورهم من الجشع, وتعفنت نفوسهم من (السحت), وتقرحت وتقيحت ألسنتهم من (لحس) المخصصات, وتأصلت في جذورهم (الهرجلة), وبقائها بمثابة زن على خراب الألعاب, وقمع وتنكيل بالرياضة, وقهر لمستقبلها!.. ولا يساونا شك أبدا بأن فساد فروع الوزارة, ومكاتب الاتحادات في المحافظات ليس أكثر من صدا لعواء المركز, وظل ذنب يهتز, وإن معظم شخصياتها نسخ ترقص على دفوف الزار وكفوف الكبار!.
ومن ناحية أخرى, لن يستقيم حال الرياضة اليمنية, وعود أنديتها أعوج, وأساسها (منخور).. إن بقاء الأندية على هذه الصورة المهترئة والمترنحة عالة وعبء على الوطن, وإن كانت التوجهات صادقة, فعلى أصحاب القرار أن يعلموا أن إصلاح الأندية بداية الحل, وأن يسخروا طاقتهم لانتشالها من البيئة غير الصحية, وإعادة الهيبة, والشرعية لإدارتها, ونعتقد أيضا بأن الوقت قد حان لتنتقل من عهد (الطرطرة), إلى عصر الاحتراف, وذلك بالعمل على تحريرها من عبودية السياسة, وإطلاق سراحها من تبعية العقليات الكسيحة, ومنحها حق أن تكون مؤسسات ومنشآت استثمارية تملك قرارها بيده, وقادرة على إدارة أصولها وممتلكاتها, وتسير شئونها بعيدا عن الوصايا, وذل الحاجة والابتزاز, ولن يصبح ذلك واقع ما لم تغير الدولة والوزارة سياستها المتعجرفة والمحنطة, وتنظر لها بمنظار واسع لترتقي بواقعها المشلول, ولتقفز على حاجز أزماتها المتكررة, وتخرج من بؤسها المستعصي!.
قد نتفق على أن ظروف الأندية الصعبة, وإمكانياتها الضعيفة تقف عائقا أمام تعميم الفكرة, ولكن علينا أيضا أن نأخذ في الحسبان بأن هناك أندية تملك البنية الأساسية, ومقومات النجاح, ولا يوجد ما يمنع من أن تخوض التجربة كخطوة أولى, علما بأن هناك رجال أعمال وشخصيات, وعقليات مفتوحة بوسعها أن تدفع بالعجلة إلى الأمام بشرط أن يتوفر المناخ المناسب الذي من شأنه أن يبدد مخاوفها!.
من السخف أن نمضي الدهر، ونحن نكتب ونمسح, ونرفع قدم ونرجع عشر, كما أن تنازلنا عن شرف المحاولة يعد عجزا, وخوفنا من خوض التجربة بحد ذاته فشل, ومن الواجب أن ندرك بأن هناك دولا تجاوزتنا, وقد كانت نكرة على خارطة الرياضة!.. ارحمونا فقد تخلل, وتحلل ماضينا, وعزرتم بحاضرنا, ولم يتبقَ لنا ما يمكن أن نتفاخر به, أو نتركه كإرث لأبنائنا غير الشعور بالقهر, وتركة من الجهل, وبقعة التخلف!.
ياسر الأعسم
لأندية.. عودها أعوج وأساسها (منخور)!! 2138