مرت أواخر الشهر الماضي (أكتوبر) الذكرى الأولى لوفاة المشجع الوحداوي الأشهر محمد الرواحي أبو جمال دون أن يقف أي طرف أوجهة أو شخص، ولو للحظة يتذكر من خلالها الفقيد الذي خدم الرياضة والرياضيين طوال عمره الذي أفناه في مدرجات التشجيع ليشحذ الهمم، ويدفع الأبطال والنجوم إلى عليا التألق والشهرة، ومن ثم البحبوحة من العيش الرغيد اعتمادا على نجومية كان الراوحي أحد صناعها والمسوقين لها جماهيريا وإعلاميا.
من منا لم يسمع بالرواحي وبسجالاته المأثورة رياضيا مع أنصار القلعة الحمراء أيام العز الكروي في عدن في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، ومن ذلك المشجع للقلعة الخضراء وغيرها الذي لم يسمع بأشعاره وتعليقاته، وكذلك ألقابه التي أطلقها على عدد من النجوم، فأخذت سبيلها إلى ذاكرة الشارع الرياضي اليمني.. طبعا لا أحد يستطيع أن ينسى أو يتجاهل ذلك الصوت الذي فقدته ساحات الكرة اليمنية أولا بالمرض الذي أنهكه دونما عونا من أحد، ومن ثم بالموت الذي هو علينا حق.
خلال سنوات معرفتي به كم اشتكى لي كثيرا تأخر كرة القدم بعدن وفي ناديه الوحدة تحديدا.. وكم عبر لي عن سخطه من الفشل الإداري المتلاحق لهذا النادي الكبير.. لكنه لم يشكوا من آلام المرض الذي لازمه سنوات من عمره فأنهكه، رغم المرض فقد ظل أبو جمال صابرا وفيا للرياضة كما عهده الجميع حتى وافاه الأجل الذي أنهى مسلسل ألم لم يعنه عليه أحد، خصوصا في لحظاته الأخيرة التي استدعت تدخل جراحي بمبلغ كبير من الدولارات.
كان دائم الحضور في المناسبات الرياضية، فكم قابلته هناك وفي يده وجيبه قصاصات ورقية لكلمات يتغنى بها ببعض النجوم الكروية بعضها نشر، يعرفون أنفسهم، ولا شك هم يحتفظون بتلك الكلمات، لكنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء تذكر الرواحي الذي غنى لهم بحب وكتب لهم بصدق.
ربما يكون للبعض تحفظات على بعض مواقف الراوحي في حياته، وهذا شأن البشر تختلف وتتفق، لكن الناس تحكم على الأشخاص بمجموع أعمالهم، ولا شك أن الرواحي بصوته وجهده قد شكل ظاهرة مميزة في مدرجات كرة القدم العدنية، وبطريقة ساهمت في خلق حالة من التنافس اللوني (التلال والوحدة)، وساهمت في ارتفاع مستوى المتابعة الجماهيرية للكرة العدنية، وهذا بدوره أدى إلى تطور اللعبة بكل مكوناتها.
في الذكرى الأولى لرحيل الرواحي لا نملك إلا أن نسأل له الرحمة من رب العالمين، ومن ثم نوجهها رسالة للأوفياء بالعمل على خلق حالة من الوفاء تتناسب مع ذكرى واحد من أهم مشجعي الكرة اليمنية.
والله من وراء القصد.