أوقات أكون مجبرا على هضم بعض أفكار الفواجع والتصريحات المواجع التي تصدر من مبنى اتحاد الكرة.. لسببين الثالث لهما الأول.. محاولة مني أن لا أكون أحادي التفكير بأن لا أراها بعين ناقدة.. والثاني إنني مكره لا بطل على سماع هذه الأفكار التي دوما تصيبني بالدوران والغثيان!.
حسنا.. كنت قد دخلت مبنى اتحاد الكرة مرة واحدة في حياتي انسدت فيها نفسي من روائح فساد تزكم الأنوف، وتثير الحموضة .. وقتها كنت برفقة إعلامي اتحاد الكرة الأستاذ العزيز عبدالرحمن عقيل ورهط من معشر الصحفيين الرياضيين.. بعد تغطيتهم لمباراة دولية دخلنا وجدنا مكاتب مغلقه ما عدا مكتبين الأول مكتب الحراسة الذي ما إن دخلناه إلا وتفاجئنا بدخان السجائر يستقبلنا بحرارة غير مألوفة، وبناس يخصبون القات في أفواههم، بل ويتفاخرون بكبر (البحشامة) بينهم!، عندها لم أتمالك إلا أن أقلت لهم.. وريحهم!!، طلبنا منهم التصوير لأخذ صور تذكاريه إلا أنهم رفضوا خوفا من تكثير الفضائح بعد أن كون من عندهم رايح!
المكتب الآخر كان للحكم الدولي أحمد قائد مقصود الصحفيين الرياضيين لتسليمهم مستحقاتهم المالية.. وبعد نصف ساعة من الانتظار اقتنع أحمد قائد أخيرا بأن لهم مستحقات مالية، بل إنه استعمل معهم كلمات استفزازية قاسية مثل (أنتم تحمدوا ربكم .. غيركم ما حصل.. احمدوا الله وشكروه ما كنتم تحلموا!!)
للأسف يا سادة يا كرام هناك أيادٍ في اتحاد الكرة تبطش في خزينة الدولة منها أيادٍ طويلة بحاجة لمقص الرقابة وأيادٍ قصيرة بحاجة إلى فك يدها المغلولة على عنق الأندية الغلبانة.
هناك فساد مالي يستشري في عظام الكرة اليمنية الرميم، وكلنا يعلم أن الضرب في الميت حرام.. المشكلة أن الكثير من حملة الأقلام تغافلوا عن هذه الأمور، وتحول بعضهم إلى سياسيين يتقمصون دور محمد حسنين هيكل ربما لأنهم شهداء على العصر!.. حاولت قدر الاستطاعة جمع بعض الأرقام الفلكية التي تطايرت على شكل دولارات خضراء تنطح بعضها بعض.. من خزينة اتحاد الهم على القلب.. في خليجي الكوارث المالية والكروية طارت النسور والعصافير بأرزاقها، فالبعض من المتمصلحين والدخلاء على الرياضة حصل على سيارات برادو آخر موديل.. وأن أحد الرياضيين حصل على عربية بيض وبطاط أربعة كفر.. الطريف أن سيارة البرادو والعربية البطاط جميعها على باب الوزارة بعد أن طفح باللاعب الدولي الكيل.. من وعود عرقوبية بتوظيفه براتب يسد به حاجته.
بدأت التجاوزات عندما اختفت الخمسة مليون دولار التي حصل عليها الاتحاد من قناة أبو ظبي نظير حقوق نقل البطولة شرط أن تكون هذه الملايين لرعاية المنتخب فقط.. إلا أن هذه الملايين لم يستفد لا المنتخب ولا الاتحاد نفسه.. بدليل أن شيباني أدوش رؤوسنا بأن خزينة الاتحاد خاوية، وهو منظر لا يحبه أي رجل أعمال طبعا!.
هناك أخبار شبه مؤكدة أن هذه الملايين ذهبت إلى خزينة الدولة.. بسكوت تام من اتحاد الكرة والمثل العربي يقول السكوت علامة الرضا.. لكن المبكي بعد كل هذه أن شيباني اشتكى قطع وزارة المغانم للدعم المالي المخصص للاتحاد نتيجة لموقف قادة الاتحاد من ثورة الشباب السلمية.. وبما أن حياتنا الإدارية في اليمن ككل عصيد في مطيط، فالعيسي لايزال يطالب الوزارة بملايينه التي سلف بها الوزارة لإقامة معسكرات للمنتخبات الوطنية في تقام دوما قاهرة المعز المذلة للمخلوع التي يظل بطل صفقات هذه المعسكرات المصري محمود أبو رجيله الذي عرف كيف يأكل عقل الشيخ بحلاوة بقلاوة وربما بصحن كشري!.. بعزقه مالية أخرى قام بها الاتحاد رافقت المنتخب الأولمبي في مشهد تبذيري إسرافي بدأت بجلب ابراهام الحبشي الذي ظل لأكثر من عامين يستلم رواتبه، وهو لأشغل ولا مشغلة، وكأنه أخذ أجازة مفتوحة في شوارع التحرير مدفوعة الأجر.. حتى إن الرجل بسم الله ما شاء الله اشترى بيت بالشيء الفلاني في لقاء سنغافورة، وخرجنا من عنق الزجاجة بفوز غير مقنع لست هنا بتقليب أوراق المباراة، فالمشكلة تكمن في أن اتحاد الكرة دفع تكاليف إقامة المنتخب السنغافوري في دبي.. ومثلها عمل معا المنتخب الأول عندما قابل العراق دافعا تكاليف إقامة المنتخب العراقي بمبلغ وصل ربع مليون دولار.. ليس كلامي كلام حميدو.. رغم أنه كان بإمكان الاتحاد إقامة هاتين المباريتين في مدينه هادئة كذمار أو في المكلا.. وهو مبلغ يسيل له لعاب الديناصورات ومبلغ مناسب لتعويض الأندية بعد أن ضحي بها في مستنقع السياسة العفن!.
وعلى الرغم أن الاتحاد قبل (60) ألف دولار من الاتحاد الأسترالي مقابل أن يلعب منتخبنا لقاء الإياب على أرض قارتهم، وهيا معادلة رياضية أحاول فهمها بأن يستضيف منتخبنا العراق بربع مليون وبأن يبيع المباراة للأستراليين بمبلغ تافه.. المشكلة أن لاعبي المنتخب الأولمبي اشتكى من عدم صرف رواتبهم لشهور فضلا عن مكافئات الفوز على سنغافورة.
آخر الورطات المالية أكدها الدكتور حميد شيباني بعد أن سألوه متى سيأتي مدرب كرة قدم للمنتخب اليمني.. إلا أن شيباني مصر على جلب مدرب براتب شهري يكلف الخزينة العامة شي وشويات.. حتما سيرهق المال المبعزق أصلا!
أنا لا استكثر استقدام مدرب حتى وإن كان مورينهو نفسه إلا أن الوعاء أكبر من الغطاء وعلى قدر فلوسك مد رجلك، عفوا يدك، للمدرب الوطني الذي يعرف خباياكم وأسراركم.. المشكلة في أن ثقة الاتحاد في المدرب الوطني لقيادة المنتخب القومي شبه معدومة، وأن هذه الثقة مولاه لأصحاب العيون الزرقاء ربما لأنهم يتلذذون بكلامهم العربي المتقطع مثل (خبيبي.. أنتي مافي كويس.. إيش هدا مخ نوه)، والمشكل هنا أن البعض يرى أن المدرب الإيطالي بإمكانه تحويل منتخب اليمن إلى إي سي ميلان وأن المدرب الهولندي سيحوله إلى طواحين هولندا في السبعينيات، وهي نفسها الرؤية القاصرة التي يرى بها شيباني منتخبنا الوطني عندما أبدى استغرابه من موجة الغضب على منتخبنا في خليجي 20 وقتها قال حميدو زعلانين ليش؟.. مش غريبة نخسر شوفوا ريال مدريد خسر من جاره برشلونة بالستة!!؟.
وليد الصعفاني
الفلوس راحت أين؟!..في رياضة الوطن.. فساد مالي يستشري في العظام.. والضرب في الميت حرام 2276