تستكمل الثورة مسيرتها من ساحات التغيير، من الصامدين في حومة الميداني، من قدموا الشهداء فداءً للوطن وانعتاقاً من براثن العبودية وهمجية السلطويين الذين عاثوا في الأرض فساداً.. وتستكمل الثورة عنوانها الكبير (حرية) من القدرة على خوض معترك التحديات إلى أبعد مدى واجتراح المعجزات عبر الجماهير التي تستطيع أن تفك هذا الإحباط الآسر الخاضع لحوارات لا تنتهي ورطانة بلا معنى، وكأن هؤلاء المتحاورين لم تكفهم سنوات عجاف من الحوار قبل اندلاع الثورة، ويريدون البقاء في ذات النكد، طاولات ورشفات شاي ونكت ومواعيد أخرى نهارية أو ليلية ولا يهم بعد إذن الوطن..
هكذا المتحاورون كانوا ومازالوا يدمرون وطناً ويقعون في ذات المواعيد المتجددة والرأي المهزوم وكأن هؤلاء المتحاورين وعلى وجه الخصوص أحزاب المشترك لم تكفهم سنوات طوال مع النظام يدارونه ويحاورونه ويصدقونه ويتعذرون له ويبدأون معه من بداية البداية، كأنهم على غفلة لا يعرفون إلى أين تسوقهم الحوارات !أو أنهم يستوطنون الجبن ويتقنون البقاء فيه باسم حوار اللاحوار.
وإذاً فلا يرتجى من هؤلاء خير ولن يكونوا سوى مفردات في زحام الحوار اللامنقطع، لا ينبغي التعويل عليهم في شيء ولا يمكنهم أن يكونوا صادقين وطنياً، إنهم أحد الأوجه المستعارة التي تداجي وتراهن وتقدم العذر أكثر من سبعين مرة لنظام اشتهر بالكذب وتحتمي بالحوار خوفاً من مواجهة شمس الحرية.
وإذاً ليس سوى الثوارفي ساحاتهم يقدرون على الانتصار لدماء الشهداء والوفاء بمتطلبات النصر العظيم من أجل يمن الحرية والأمن والاستقرار والعدالة والبناء.
ساحات التغيير من يقلب طاولة المتحاورين ولاعبي الورق الذين لا خير فيهم والظانين بالوطن ظن السوء، حين لا يفقهون معنى الانتظار لشعب كاد أن ينفد صبره ولم يعد مقبولاً أبداً أن يرجع بخفي حنين وثمة دماء زكية سالت وهي أمانة ودين في أعناق كل الأحرار في ساحات التغيير، التراجع أو التغاضي عنها إنما هو إسهام في القتل تماماً، ومشاركة النظام في الجريمة وتواطؤ لا أخلاقي مع الشيطان.
ودعونا نقول في ساحة التغيير تكمن الحقيقة، (الحرية) كما يجب.. من يحقق شروط الفرح وتجاوز العقيم ولا يركن إلى ثلة من المتحاورين على الخديعة تمرر إلى الوطن بهدوء.
وإذاً لابد مما ليس منه بد، لابد من الثورة التي خرج الشعب بأسره من أجلها ولا يمكن لأحد أن يعول على الأقنعة المتساقطة التي تندرج في ذات التواطؤ مع النظام وتتحمل مسؤوليتها تجاه كل هذا الضياع من الوقت وإهدار الفرصة تلو الأخرى..
ولا شك أن أحزاب المشترك مدعوة اليوم أن تقر أخلاقياً أنها فشلت في الانتصار للشعب العظيم، وأن تكشف عن هزيمتها بوضوح شديد إن كان بها قدر من الاحترام لنفسها.. عليها أن تعيد الأمر كله إلى الثوار، فهم رجال الغد وأبطال الحرية، هم وحدهم من يحيون الفعل الثوري النبيل بمقاصده السلمية، هم الذين يصنعون الحياة بتضحياتهم، هم وحدهم من يجيدون قراءة المستقبل، ومعنى الثورة تضحية وفداءً وحرية ومستقبلاً وسلاماً.. كل هذه العناويين في ساحات التغيير لدى الثوار، فهم من يستحقون أن يكونوا الأبطال بجدارة وامتياز وعلى أحزاب المشترك أن تندحر تماماً وتخرج من الإطار الوطني ما دامت لا تشتغل بصدق انتماء فيه.ولدى الثورات من ممكنات التغيير ما لا يقدر عليه ولا على تصوره من رهن نفسه للبقاء أسير حوار أو توجيه خارجي.. ومثل هؤلاء الذين يريدون الثورة استلاباً وبلا إرادة هم من يستحق أن يكون في ذات الاتجاه الذي ندينه جميعاً..الثوار وحدهم في ساحات التغيير أبطال هذا الزمان وسواهم مسوخ، الثوار الذين من موجبات الوطن عليهم أن يكون معافى خالياً من زيف الإدعاء والذين لا ينبغي أن يركنوا بأي حال من الأحوال إلى فاشلين بامتياز، فالركون إليهم كمن يحرث بحراً وليس للثوار بعد طول انتظارهم إلا أن يقوموا بواجبهم المقدس وأن يرفضوا قطعياً كل كلام عن الحوار، باعتباره يشكل مؤامرة على الوطن والثورة والوحدة وأن يرفضوا كل توجيهات تمس الثورة بضر وتؤجل حياة وأن يكون شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" هدفا لا مهادنة فيه وقد حسمه الثوار من أول يوم وأدركوا فحواه الذي نراه ضرورياً لا يقبل التأجيل ودقة ساعة العمل.
المحرر السياسي
لمن يريدون الثورة استلاباً بلا إرادة!! 4398