قال ثلاثة أشخاص مطلعين على الأوضاع في اليمن إن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وأقوى قائد عسكري في البلاد يصيغان حاليا تسوية سياسية بموجبها سيستقيل الرجلان من منصبيهما في غضون أيام في مقابل تشكيل حكومة مدنية انتقالية.
وظهرت الخطوط العريضة لهذا الانتقال السلمي في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الرئيس صالح واللواء علي محسن الأحمر، الذي انشق في وقت سابق من هذا الأسبوع وأعلن دعمه للمحتجين الذين يطالبون الرئيس بالاستقالة فورا.
لقد تواجهت وحدات الدبابات الموالية لصالح مع وحدات اللواء الأحمر في شوارع صنعاء طوال الأسبوع في حين عشرات الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة يواصلون احتجاجهم في ساحة التغيير بالعاصمة.
وقال الأشخاص المطلعون على المفاوضات إن صالح والأحمر عازمون على منع إراقة الدماء والحفاظ على الاستقرار في البلاد. وقال مساعدون للرجلين إن صالح والأحمر يدركان أن مواصلة الحكم قد أصبح متعذرا واتفقا على أن وقت استقالة صالح لا يمكن تحديده حتى ينجزا تفاصيل إنشاء مجلس حكم انتقالي الذي سيتولى أمور البلاد بعد صالح.
ويأملوا بأن تكون هناك خطة مفصلة جاهزة بحلول يوم السبت. وقال مسئول كبير مطلع على المفاوضات: "لقد اتفق الجانبان على النقاط الرئيسية للرحيل ومن المتوقع أن يستقيل كلا من صالح وعلى محسن من منصبيهما يوم السبت".
ولم يتم التعرف على الأشخاص المرشحين للسلطة الانتقالية لأن المحادثات بين الزعيمين استمرت إلى وقت متأخر من يوم الخميس. وليس من الواضح أن كان هناك دعم لزعماء التيار الرئيسي في المعارضة في البلاد الوعرة والمحافظة إلى درجة كبيرة.
وفي الوقت نفسه، سيواجه مشايخ القبائل التقليديون الذين يحضون بمستوى اجتماعي كبير، مشاكل تمارسها السلطة على القبائل المتناحرة. وليس من الواضح أيضا إذا كانت التسوية التي يجري صياغتها مع الرئيس صالح ستوائم توقعات الآلاف من المتظاهرين الذين يخيمون في شوارع العاصمة منذ عدة أسابيع مطالبين باستقالة صالح فورا.
وقد أصدرت الفصائل المختلفة للمحتجين بيانا يطالبون فيه أي مجلس مدني يقود البلاد حتى إجراء انتخابات جديدة. لكن صبرهم بدأ ينفذ ويقول زعماء المعارضة إن مخاطر اندلاع صراح تزداد بشكل أكبر عندما الوقت ينقضي بدون التوصل إلى حل
وكان بعض زعماء المعارضة قد دعوا إلى مسيرة يوم الجمعة من ساحة التغيير إلى القصر الرئاسي، وهي الخطوة التي قال دبلوماسيون ومسئولون إنه من المحتمل أن يُنظر إلى تلك الدعوة كاستفزاز لقوات الأمن الموالية للرئيس وقد تدفع إلى مزيد من العنف.
وحتى وقت قريب كانت أحزاب المعارضة اليمنية تخوض معركة محبطة من أجل الديمقراطية بعد عامين من الحوار السياسي مع الرئيس صالح انتهى في نهاية العام الماضي من دون أي تغيير في الوضع الراهن في البلاد الذي يسيطر فيه الرئيس صالح وأبنائه و أبناء أخوته على معظم السلطة العسكرية والسياسية.
وبعد يوم الجمعة الدموي الذي قُتل فيه على الأقل خمسون من المحتجين برصاص قناصة من رجال الأمن يرتدون زيا مدنيا، أعلن اللواء علي محسن الأحمر، من أقرب الناس إلى صالح منذ فترة طويلة وثاني أقوى شخصية سياسية في البلاد، عن تأييده للمحتجين كما أن عشرات من ضباط الجيش ومشايخ القبائل ورجال دين أعلنوا نفس موقف علي محسن.
ويسيطر صالح واللواء الأحمر المنتميان إلى نفس القبيلة، على اليمن طيلة السنوات الـ32 الماضية، مجنباها حرب أهلية جراء التهديد من المتمردين المسلحين وتنظيم القاعدة.
ووفقا لدبلوماسيين فإن العلاقات بين الرجلين قد تحولت إلى فتور في الآونة الأخيرة. ووفقا لما ذكره الدبلوماسيون، فإن صالح يرى علي محسن منافس له على السلطة وإن الرئيس قد سعى إلى تهميش اللواء علي محسن ليدفع بنجله البكر كخليفة محتمل.
لقد انتدبت قوى المعارضة اللواء علي محسن للضغط على الرئيس لتنفيذ مطالبها، الذي حتى الآن يرفض بشكل قاطع التنحي قبل العام المقبل.
وقال الأشخاص المطلعون على المفاوضات إن المفاوضات تقدمت خطوة هامة إلى الأمام في وقت مبكر من يوم الخميس، عندما قرر الرئيس صالح واللواء علي محسن الاتفاق على تقديم استقالتهما من منصبيهما وفي نفس الوقت يتم تشكيل سلطة مدنية انتقالية تدير شؤون البلاد.
وقال المطلعون على المفاوضات إن هذا الانفراج جاء على ما يبدو بعد جولة ماراثونية من المناقشات المحتدمة عبر الهاتف وعبر المساعدين والتي بدأت عند حوالي الساعة التاسعة مساء الأربعاء بين الرئيس من مقر إقامته الرسمي وبين اللواء علي محسن الذي كان في منزله بوسط صنعاء.
وقال المطلعون على المفاوضات إن الرئيس صالح واللواء علي محسن وافقا على المطلب الرئيسي للمحتجين: يجب أن يتولى الحكم بعد صالح مجلس مدني بدلا من مجلس عسكري مشابه للمجلس المصري.
وعند فجر يوم الخميس لم يكن الرجلان قد توصلا إلى شكل أو تكوين مجلس من هذا القبيل. وبعد راحة قصيرة، تواصلت المناقشات الخميس بعد أن أطلع الجانبان السفيرين الأمريكي والبريطاني في اليمن على ما قد أحرزاه من تقدم.
ومن المتوقع إجراء مزيدا من المفاوضات مساء الخميس وستضم أعضاء من المعارضة اليمنية.
وتعتبر الولايات المتحدة والسعودية الرئيس صالح الذي يحكم اليمن منذ عام 1979، حصنا ضد احتمال تمزق اليمن وهو الدافع القوي الذي تمكن من إعاقة نفوذ شبكات القاعدة المتواجدة في اليمن.
لقد كان السعوديون والأمريكيون يرقبون الأوضاع في اليمن بقيادة صالح خلال السنوات الماضية بحذر شديد، البلاد التي تطورت إلى دولة فاشلة جراء تقلص عائدات النفط والانفجار السكاني والصراعات مع الانفصاليين في الجنوب والمتمردين في الشمال والقاعدة في المناطق القبلية الوعرة.
وقد دفعت الولايات المتحدة الرئيس صالح إلى إجراء إصلاح ديمقراطي وقدمت عشرات الملايين من الدولارات إلى وحدات خاصة لمكافحة الإرهاب بقيادة نجل الرئيس وأبناء أخوته.
في خضم الأزمة الحالية، يشعر المسئولون الأمريكيون بالقلق من أن تتحول قوات مكافحة الإرهاب اليمنية بعيدا عن واجباتها أو أن تستفيد القاعدة من الأزمة لشن هجمات جديدة.
صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية
الرئيس اليمني يقترب من عقد صفقة لاستقالته 3337