محمد طاهر أنعم
ظهرت فجأة نخوة الرئيس العراقي جلال الطالباني وبانت غيرته على بلاده في انتقاده يوم أمس السبت ما أسماه التواطؤ العربي ضد سيادة العراق، دون ان يسمي بلادا معينة مما يترك الباب مفتوحاً ضد جميع الدول العربية المجاورة والقريبة من العراق.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو :هل توجد للعراق سيادة اصلا في ظل الاحتلالين الأميركي والبريطاني؟ وهل يحق لهذا الشخص المنصب من قبل الاحتلال الاميركي ان ينتقد دولا عربية ذات سيادة اضحت تخشى على العراق واهله اكثر مما يخشى هؤلاء العملاء عليها والذين لا هم لهم إلا مناصبهم ورواتبهم وامتيازاتهم وتمرير مشاريعهم المشبوهة في العراق؟ وكيف يتعامى السيد الرئيس الطالباني عن التدخلات السافرة للاحتلال الأميركي الذي خرب البلاد ونشر فيها الدمار الطائفي والعرقي، والمشاكل الاجتماعية التي لا تنتهي، وقضى على مكانة العراق القومية والعسكرية والعلمية التي كان يشتهر بها في القرن الماضي وكان في مقدمة الدول العربية حينذاك؟ وكيف يتعامى كذلك عن الافساد اللامتناهي الذي تمارسه الدولة الإيرانية الفارسية في العراق عن طريق عملائها والميليشيات الشيعية التي تدعمها لنشر القتل والتطهير العرقي والتخريب في بغداد والمناطق الجنوبية من العراق؟.
كيف استطاع السيد الرئىس ان يتعامى عن كل تلك البلايا والمصائب التي يمر بها ذلك البلد العربي المنكوب، واستيقظ فجأة لينتقد التدخلات العربية أو ما اسماه تواطؤاً عربياً!!.
تواطؤ عربي يا سيادة الرئىس الطالباني؟ انك احد اكبر المتواطئين على العراق وسيادته وحريته، وذلك بوضع يدك في ايدي اعداء الامة من الاميركان، وقبولك بمنصب ابي رغال في الدولة العراقية الحديثة المستعمرة.
ماذا تسمي منصبك البغيض الذي تنحاز فيه إلى جانب العدو المستعمر ضد الشرفاء والاحرار العراقيين، ومحاولة تمرير الاجندة الاميركية وحمايتها وصبغ الشرعية عليها، ومطالبة الامم المتحدة باستمرار القوات الدولية، وتشويهك المستمر للمقاومة العراقية البطلة الصامدة واعتبارها ارهاباً غير مشروع وافسادا في الارض، وتعاميك عن الجرائم الأميركية في بلادك؟.
وماذا تسمي انحيازك للإيرانيين ودفاعك عنهم، وزيارتك الودية لهم، واشاداتك المتكررة بهم، وزعمك ان الجواسيس الإيرانيين الذين قبضت عليهم القوات الأميركية في العراق كانوا قد دخلوا البلد بدعوة رسمية منك؟.
وماذا تسمي التوجه الكردي البغيض للانفصال بشمال العراق وتكوين دولة كردستان العلمانية، ومقايضتك للشيعة المجرمين في العراق بقبولهم ذلك الامر مقابل تغاضيك عن مذابحهم وجرائمهم العراقية في بغداد وباقي المناطق العراقية؟
إذا لم يكن كل هذا الامر تواطؤاً ضد العراق وأهل العراق وسيادة العراق فإننا لا نعرف ما معنى التواطؤ، ولا ماذا تعني بتلك الكلمة...
إن للعملاء اسلوبهم الخاص للتفكير وفهم الأمور، فهم يسمون الغزاة الأجانب محررين، ويسمون المتدخلين في البلاد لتخريبها مثل الإىرانيين أصدقاء يبحثون عن مصلحة البلد، ويسمون المجاهدين والمقاولين الذين يدافعون عن البلد ودينه وعقيدته وحريته مخربين ومفسدين، وكل ذلك بسبب فساد فطرتهم وتغير عقيدتهم، وأن دينهم هو المال، ومبدأهم هو المنصب، ولذلك فهم يقومون بتغيير المفاهيم بناء على ما يريده اسيادهم الذين يدفعون لهم ويحمونهم في مناصبهم الهزلية.
وسأذكر لك- سيادة الرئىس - قصة رجل تقوم بدور يشبهه كثيرا في العصر الحاضر، وكانت كنيته أبار غال، وهذا الرجل كان الدليل في الطريق لجيش أبرهة الحبشي لما جاء ليغزو الكعبة المشرفة ويدمرها، وكان همه هو المال والمنصب والقرب من الجيش الغازي الذي توجد عنده الكثير من الامتيازات المالية والاجتماعية وغيرها، ولما دمر الله سبحانه وتعالى جيش أبرهة أصحاب الفيل ومات أبو رغال، عرف العرب قبره، وجعلوا عليه علامة وصاروا يرمونه بالحجار ويلعنونه كلما مروا بذلك القبر، وانتهت امتيازات أبي رغال وأمواله ومناصبه، وبقيت عليه اللعنة إلى اليوم، وإلى يوم الدين....