الحلقة (1)
بقلم/ حارث عبدالحميد الشوكاني
المبادرة «المؤامرة». . هي برنامج العمل السياسي لاتحاد القوى الشعبية وتهدف إلى تغيير بنية النظام السياسي الجمهوري تدريجياً نحو نظام ملكي دستوري برلماني، كما تهدف إلى إلغاء الوحدة اليمنية عبر مشروع لا مركزي فيدرالي يؤدي إلى تجزئة وتقطيع وحدة البلاد السياسية ووحدة البلاد الوطنية إلى اقاليم ودويلات وسلطنات محلية قبلية؟؟ ومناطقية على مستوى المحافظات والمديريات قد يبدو غريباً ان يتقدم مثلي بهذه الرؤية النقدية للمبادرة السياسية التي تقدمت بها احزاب المعارضة وانا انتمي لاكبر احزاب المعارضة حزب الاصلاح «عضو مجلس الشورى-مسؤول التخطيط السياسي في الدائرة السياسية لقيادة الاصلاح»، ولكن أليست جميع الاحزاب في الساحة السياسية تملأ الدنيا ضجيجاً عن حرية الرأي والشورى والديمقراطية. . أليس من حقي ابداء رأي في هذه المبادرة، وقد اختلفت مع قيادات في حزب الاصلاح حولها، لاسيما ومضامين المبادرة تناقش قضايا خطيرة تتعلق بها مستقبل اليمن قضايا تمس الثوابت الاسلامية والوطنية وعلى رأسها النظام الجمهوري والوحدة اليمنية، ام ان الشورى والديمقراطية محصورة في المسؤول الاول في التنظيم وعندما يتخذ قراراً يصبغ التنظيم كله برأيه، أليس من حق القيادات العليا والقيادات الوسطية وقواعد التنظيم ان يكون لها وجهة نظر وتبدي رأيها في القضايا المصيرية المتعلقة بالثوابت الوطنية والاسلامية، ام ان الشورى والديمقراطية عندنا في المجتمعات المتخلفة هي مجرد افكار نظرية «معرفية»، اما الاستبداد فهو «ثقافة» اي «خصائص سلوكية»، فالنمط التربوي التنظيمي الذي تبنى به القواعد في الاساس نمط استبدادي يقوم على مبدأ الطاعة العمياء، وقد عزز من هذا الموروث الاسبتدادي التاريخي الذي بدأ مع انتهاء الخلافة وبداية الملك العضوض «الدولة الاموية» و«الدولة الهادوية» إلى جوار فترات السرية التي عاشتها التنظيمات المختلفة، ولذلك لا نرى اراء مختلفة داخل تنظيمات المعارضة فالكل يسلم بما يأتي من القيادة لان قواعد الاحزاب لم يتم تربيتهم كقادة وانما كأتباع وهم تعودوا ان القيادات تفكر بالنيابة عنهم في الامور السياسية ولذلك ما ان يطرح رأي القيادة حتى يتلقاه عناصر التنظيم بالقبول ولا يفكرون مجرد تفكير في الطرح النقدي وابداء ارائهم بحرية، اما بالنسبة لي في هذا الموضوع الذي انا بصدده والذي اعتقد انه يتعلق بالثوابت الوطنية والاسلامية والنظام الجمهوري والوحدة اليمنية فالامر يخرج عن مجرد ابداء رأي وهو من حقي، فرأيي قد ابديته داخل التنظيم واختلفت مع قيادات في الحزب في الموضوع نفسه من قبل الحرب 94م ومن بعد الحرب من موقع مسؤوليتي في الحزب كمسؤول في التخطيط السياسي في التنظيم. وانا اليوم ولخطورة المبادرة التي وقعها حزب الاصلاح على مستقبل يمن الثورة والوحدة وعلى مستقبل الاصلاح نفسه وكافة التنظيمات الجمهورية، حيث تبنى حزب الاصلاح برنامج العمل السياسي لاتحاد القوى الشعبية وتخلى عن منطلقاته الفكرية والسياسية التي هي في الاساس معارضة لخط التيار الامامي الكهنوتي اسلامياً ووطنياً، فلا فهم حزب الاصلاح للثورة والجمهورية والوحدة اليمنية كاتحاد القوى الشعبية وبقية فلول الامامة، ولهذا السبب فإنني اعلن استقالتي من هذا التنظيم لأن حزب الاصلاح بعد توقيعه للمبادرة الامامية كما سأثبت بالادلة والوثائق يكون قد خرج عن نهجه الفكري والسياسي وصادم ثوابت وطنية واسلامية وتحول في حقيقة الامر بعد المبادرة إلى فرع لاتحاد القوى الشعبية، ولعلمي بأن الكثير من القيادات في داخل الاصلاح فضلاً عن القواعد لاتدرك حقيقة المبادرة السياسية التي تقدم بها اتحاد القوى ممثلاً في امينه المساعد دجال الامامة الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، فلعل في استقالتي هذه ما يكون بمثابة التنبيه والتحذير إلى خطورة ما اقدموا عليه دون وعي، ولاسيما عندما يتعلق الامر باستهداف النظام الجمهوري والوحدة اليمنية وهي في منطلقات حزب الاصلاح العقائدية والسياسية ثوابت وطنية واسلامية وهي كذلك بالنسبة لبقية الاحزاب الجمهورية- الاشتراكي والتيار القومي «الناصريين-والبعث»، ولذلك سأقوم بتحليل هذه المبادرة «المؤامرة» الامامية الخطيرة المستهدفة لبنية النظام الجمهوري والوحدة اليمنية ولأمن اليمن واستقراره في اتجاهين رئىسيين كالتالي: 1- تحليل المبادرة سياسياً وسأثبت عبر التحليل السياسي بأدلة ووثائق ما يلي: - اولاً: بأن المبادرة الحالية هي منطلقة من نفس المضامين الرئيسية لوثيقة العهد والاتفاق «الدعوة لإقامة نظام برلماني والدعوة لاقامة نظام فيدرالي لا مركزي لإلغاء الوحدة اليمنية». - ان هذه المبادرة مصدراً بغض النظر عن موضوعها هي مبادرة امامية، وبالتالي فإنها لا تمثل رؤية القوى الجمهورية المعارضة وانما الرؤية السياسية الامامية لحكم امامي بديل للنظام الجمهوري وبديل للوحدة اليمنية السياسية والوطنية 2- تحليل المبادرة موضوعاً وسأثبت بأدلة ووثائق قاطعة بأن هدف الجناح السياسي الامامي من المبادرة هو استهداف النظام الجمهوري ببديل ملكي برلماني دستوري، واستهداف الوحدة اليمنية عبر مشروع لا مركزي فيدرالي على غرار الدستور الفيدرالي العراقي لتجزئة اليمن إلى اقاليم ودويلات وسلطنات قبلية ومذهبية وطائفية ومناطقية على مستوى المحافظات والمديريات والعزل، لأن اللوبي الامامي لم يحكم اليمن عبر التاريخ إلا باستخدام سياسة فرق تسد بتمزيق وحدة البلاد السياسية وبتمزيق وحدة البلاد الوطنية واثارة مختلف النعرات العصبية القبلية والمذهبية والطائفية والمناطقية. 3- تحليل المبادرة من زاوية شرعية: بعد ان اثبت بأدلة ووثائق تجعل القيادات الانفصالية الامامية تعترف بالمضمون الانفصالي للمبادرة وليس انا، سأبين رأي الشرع في «حكم الطاغوت الامامي الكهنوتي الفردي ووجوب الثورة عليه لإقامة مقصد الحرية، لإقامة نظام سياسي جمهوري ديمقراطي شوروي وابين رأي الشرع في الوحدة» «وحدة الامة والشعب ووحدة الدولة» وكيف انها اصل من اصول كافة الاديان السماوية ومقصد عظيم من مقاصد الاسلام وفريضة جماعية من فرائض الشريعة وان كلمة التوحيد تؤدي إلى توحيد الكلمة وان العصبيات الجاهلية الطائفية والقبلية والمذهبية والعرقية ليست من الاسلام في شيء. اولاً: الرؤية التحليلية النقدية السياسية للمبادرة الانفصالية المبادرة الحالية هي نفس وثيقة العهد والاتفاق، ولابد من الايضاح ابتداء بأن المبادرة الامامية الحالية التي وقعت عليها الاحزاب الجمهورية المعارضة الاصلاح والاشتراكي والتيار القومي الناصري والبعث «مبادرة الاصلاح الشامل» أو بالاصح «مؤامرة التخريب الشامل» ليست مبادرة جديدة وانما قديمة طرحها اتحاد القوى الشعبية الجناح السياسي الامامي بعد الوحدة كرؤية سياسية امامية لحكم اليمن على انقاض النظام الجمهوري وعلى انقاض الوحدة اليمنية، باعتبار ان اللوبي الامامي لم يحكم اليمن إل عبر التمزيق السياسي والتمزيق الاجتماعي واثارة العصبيات المختلفة وبرنامج العمل السياسي لهذا التنظيم الامامي طرح في كتاب لزيد بن علي الوزير- الشخصية القيادية الثانية في اتحاد القوى الشعبية تحت عنوان «نحو وحدة يمنية لا مركزية» وتولى الترويج لهذه الرؤية السياسية الامامية الموجودة في كتاب الدكتور محمد عبدالملك المتوكل واللوبي العنصري الامامي من بعد الوحدة، واستطاع اللوبي الامامي الهادوي استغلال اجواء الديمقراطية والحرية المتاحة واستغلال الصراع السياسي بين القوى الجمهورية بل وعمل على تأجيج هذا الصراع مما ادى إلى دخول اليمن من بعد قيام الوحدة في حالة من الصراع السياسي الحاد سبب كثيراً من الافات لليمن، ازمات سياسية وازمات اقتصادية وتحولت كافة مؤسسات الدولة وامكانياتها بعد الوحدة إلى ادوات للصراع السياسي نتيجة الصراع الحزبي، لأن الحزب الاشتراكي استطاع عبر اتفاقات الوحدة ان يحقق مكاسب كبيرة، حيث استطاع ان يبقي المحافظات الجنوبية تحت سيطرته ويحافظ على جيشه، وجاء وتقاسم مع شريكه المؤتمر الشعبي السلطة السياسية في المحافظات الشمالية واستطاع عبر سياسة التقاسم ان يحوز مواقع هامة، حيث سيطر على الحكومة ومجلس النواب ومجلس الرئاسة وقام بإدخال عناصره في كل الوزارات، وعلى الرغم من تنفذه الحزبي إلا انه شعر بخطورة فقدان مواقع نفوذه بعد انتهاء المرحلة الانتقالية عندما يأتي موعد الانتخابات العامة، وبدأ الحزب يشعر بأنه وقع في مأزق الديمقراطية لا الوحدة باعتباره لا يملك رصيداً شعبياً لا في المحافظات الجنوبية ولا في الشمالية، ولذلك عمل على تأجيل الانتخابات وتم تمديد المرحلة الانتقالية وبدأ الحزب يعلن تبرمه من الديمقراطية بطريقة غير مباشرة، من خلال رفعه للعديد من الشعارات «الوفاق السياسي-الحوار السياسي- الحكمة اليمنية» وعبر الحزب عن موقفه الرافض للديمقراطية بعدها صراحة عندما اعتكف على سالم في عدن اثناء الازمة السياسية بعد انتخابات 93 عندما اعلن في كلمة له موقفه من الديمقراطية بمقولته الشهيرة «نرفض الاستقواء بالديمقراطية العددية»، وساعد في تأجيج الصراع السياسي بين الحزبين اللوبي الامامي حيث جاء الحزب بعد الوحدة إلى صنعاء وهو يفتقر إلى رؤية سياسية دقيقة للاوضاع في الشمال واستطاع اللوبي الامامي الهادوي الذي يشبه اللوبي اليهودي لا في نزعته العنصرية فحسب وانما في دقة تنظيمه وخبرته السياسية وقدرته في تمرير اهدافه عن طريق القوى السياسية. . استطاع ان يمرر برنامج عمله السياسي على الحزب الاشتراكي اولاً وساعده على ذلك إلى جوار عدم امتلاك الحزب لرؤية سياسية دقيقة للاوضاع في الشمال وجود علي سالم البيض وحيدر العطاس وهم من اصول هاشمية فعملوا على اذكاء النعرة العصبية العرقية فيهم واستطاعوا استقطابهما والسيطرة عليهما، وبالتالي تمرير مؤامراتهم عن طريقهما، فاحتدم الصراع السياسي بين الاشتراكي والمؤتمر ووضع الحزب مع اتحاد القوى خطة للسيطرة الشاملة على اليمن عبراسقاط الرئىس ثم تصفية الاصلاح أو الانفصال في حال الفشل، ووصل الصراع السياسي بين الحزبين الاشتراكي والمؤتمر إلى قمته في حرب 94م بمحاولة الحزب السيطرة الشاملة أو الانفصال في حال الفشل، ومما يؤكد سيطرة اللوبي الامامي اتحاد القوى الشعبية- على علي سالم البيض وحيدر العطاس وتأجيج الصراع بين الاشتراكي والمؤتمر وتمرير برنامج عملهم السياسي عبر هذا الصراع كما مرروا الآن برنامج عملهم السياسي عبر صراع الاحزاب الجمهورية المعارضة مع المؤتمر بسبب الانتخابات هو ان اللوبي الامامي بقيادة محمد عبدالملك المتوكل اثناء الازمة السياسية واعتكاف علي سالم طرح مبادرة سياسية في الصحف تتضمن ثمانية عشر نقطة، واستغل رجال الامامة اجواء التوتر وبمباركة علي سالم طرح المتوكل في لجنة الحوار الثماني عشرة نقطة التي تبلورت إلى وثيقة العهد والاتفاق التي حملت نفس اهداف ومضامين المبادرة السياسية الحالية. 1- الدعوة لاقامة نظام برلماني يتم من خلالها التمهيد لاقامة نظام ملكي كالنظام الملكي البريطاني تكون الصلاحيات فيه لمجلس الوزراء، والديمقراطية تتم بين الاحزاب على مجلس الوزراء، اما رئىس الدولة فلا علاقة له بالديمقراطية ولا بالحكم، فهو مجرد رمز كالاسرة المالكة في بريطانيا تملك ولا تحكم، ولذلك طرح في الوثيقة استبعاد الرئىس عن العمل الحزبي وتجريده من قوة السلطة والجيش والمال لتحقيق هدفين، الاول التمهيد لاسقاط الرئيس عبر تجريده من قوة السلطة والجيش والمال باعتباره رمزاً للنظام الجمهوري وللوحدة اليمنية، والثاني التمهيد لنظام ملكي برلماني تديجياً عبر تحويل كافة الصلاحيات إلى مجلس الوزراء وعبر ابعاد الرئىس عن العمل الحزبي بحيث يتحول إلى رئيس يرأس ولا يحكم وليس له دخل بتسيير شؤون الدولة ولا بالنظام الديمقراطي وهذا الوضع لا يتصور إلا في الانظمة الملكية الديمقراطية لافي الانظمة الجمهورية الديمقراطية لأن رئىس الدولة الجمهوري من اين سيستمد مشروعه اذا لم يصعد عبر الانتخابات وعبر حزب من الاحزاب. <