اختتم ترامب في ولايته الثانية أسبوعه الثالث في ضرب الحوثيين.
اليمنيون، والسعوديون، والإماراتيون، وكل العرب، وكل دول المنطقة، وكل العالم… لا يكترثون.
نعم، اليمنيون لا يكترثون.
لم يغير أي يمني من استعداداته أو جاهزيته أو حساباته أو تحسباته لليوم التالي لنهاية ضربات ترامب.
يتفرجون بنصف عين على أي خبر يصادف وقوعه تحت أنظارهم، ولكنهم لا يجرون ولا يبحثون ولا يتابعون الأخبار.
الصحافة في أمريكا، التي يشن رئيسها ترامب هذه الحرب، لا تتابع ولا تغطي ما يحدث.
مصر وأوروبا والصين، أصحاب المصلحة الأولى في سلامة الملاحة في البحر الأحمر، لا يكترثون.
كل وسائل الإعلام في كل دول العالم، لا يكترثون كثيرا بمصير الحوثي.
ولا أحد يهتم إن كان ترامب سوف يحقق أهدافه المعلنة بقتل قادة الحوثيين وقطع علاقة إيران بهم، أم لا.
ولا أحد يهتم لو اختفى الحوثيون إلى الأبد، أم استمروا بأطماعهم في اليمن.
وهذا يستدعي وقفة لبحث:
١- مصير الحوثي
٢- مصير اليمن
أولا: نهاية الحوثية، حتمية
الوصفة الحوثية
يمكن أن نقول إن هناك شيئا يمكن أن نطلق عليه إسم "الوصفة الحوثية".
وأن هناك مكونات أولية للوصفة الحوثية سوف نطلق عليها إسم "المكونات الإيجابية".
المكونات الإيجابية، تعني إما أن الحوثيين هم الذي خلقوها أو أنها كانت موجودة في البيئة المحيطة بهم فأحسنوا استعمالها، وهي:

القائد الواحد— الهاشمية السياسية والعسكرية الشمالية— العصبية القبلية الشمالية— المناطقية الشمالية— قبضة الترويع الحوثية— دعم إيران للحوثي بكفاءة فوق العادة.
الحوثية تحت ضربات ترامب
١- ترامب يقتل طباخ الوصفة
إذا نجح ترامب بالقضاء على القائد الواحد، وعلى أعداد لا بأس بها من القيادات الهاشمية السياسية والعسكرية الشمالية، وعلى توقيف تدخل إيران في اليمن وإنهاء دعمها للحوثيين؛
{{ … فإن هذا سوف يكون انعدام لمكونات الوصفة الحوثية وتنفيذا لحكم الإعدام النهائي للحوثيين.}}
٢- ترامب يفسخ الوصفة
إذا لم ينجح ترامب في هذه المهمات، فإنه سوف يستمر بفرض العقوبات الاقتصادية وسوف يطور العقوبات البنكية وحجب نظام سويفت
{{ … وهذا كله سوف يتسبب بهشاشة قوام البنية الهيكلية الحوثية وتفسخ مكونات الوصفة الحوثية وإنهاء الحوثية. }}
٣- انهيار تكافلية "السيد" و "القبيلي"
العلاقة بين "السيد" و "القبيلي"، هي أولا علاقة تكافلية أساسها أولا: المصلحة الشخصية الانتهازية وثانيا: المناطقية.
عند انقطاع المصالح، سوف تنقطع العلاقة بين الحوثي والهاشمية السياسية والقبلية السياسية والمناطقية السياسية.
{{… وهذا هو بمثابة نزف داخلي للحركة الحوثية سوف يتسبب بفراغ أوردتها وشرايينها من الدم حتى تلفظ أنفاسها في النهاية.}}
٤- مهووس عريان، يهذي ويتخبط
وبالتأكيد يستطيع ترامب قطع وصول النفط والغاز والسلاح الإيراني للحوثيين.
الهوس الحوثي وحده لا يكفي لاستمرار سيطرته على معظم شمال اليمن.
الهوس، يحتاج أيضا للسلاح والمال الإيراني.
{{… قطع الإمدادات الإيرانية بالوقود والمال والسلاح، سوف يجعل من الحوثي مجرد مهووس عريان يهذي ويتخبط بين الوديان والجبال حتى يسقط من ذات نفسه في هاوية أو تقضي عليه رصاصة متعمدة أو طائشة.}}
ثانيا: آلام اليمن، مستمرة
عظمة وقوة الحوثي، تأتي أساسا من المكونات الإيجابية للوصفة الحوثية.
لكن قوة الحوثي لم تأت فقط من صلابته، بل من تراخي خصومه، وارتباكهم، وتشقق جدرانهم الداخلية.
لكن الحوثي يستمتع ويتغذى ويتقوى بروافد تجعل منه نهرا متدفقا يهدر ويصخب ويروي احشائه وأنسجته وينطلق بالعنفوان والفخر والانتشاء.
روافد النهر الذي يروي الحوثي، تأتي كلها كهدايا مجانية من خصومه.
الحوثي ليس من هزم اليمن، بل اليمن هو من سمح للحوثي أن ينهض.
هدايا مجانية للحوثي
هذه مكونات دخلت في "الوصفة الحوثية" حصل عليها الحوثي مجانا، بدون جهد، وأدخلها في الوصفة ببراعة.
معظم المكونات المجانية في الوصفة الحوثية، كانت موجودة قبل بزوغ نجم الحوثي، وهي:
القابلية للخضوع في المناطق الرعوية— تناحر وانتهازية مكونات وأحزاب ونخب الشرعية—تفكك وأطماع أعضاء رئاسة الشرعية— نعرات انفصال الجنوب— انعدام القيادة الواحدة في جبهة الشرعية— دعم السعودية الفاشل للشرعية— تخريب الإمارات للشرعية.
سوف تستمر آلام اليمن، حتى بعد النهاية الحتمية للحوثي والحركة الحوثية.
خاتمة
لا شك في أن الحوثي، كان قد قطع أشواطا كبيرة في صراعه مع اليمنيين والإماراتيين والسعوديين.
ثم تمادى الحوثي في ضرب السفن في البحر الأحمر.
وحاول نجدة غزة ولكنه فشل.
واستدعى عداء ترامب.
الحوثي سوف ينتهي بضربة ترامباوية مباشرة أو سينتهي مهووسا عريانا يتخبط في الوديان والجبال.
بعد إنهاء ترامب للحركة الحوثية، سوف تعود أمراض اليمن الداخلية والإماراتية والسعودية للظهور.
أمراض اليمن الداخلية، هي سبب كبير للآلام.
ثم يأتي إيلام الإمارات والسعودية، من فوقنا وكأن ما بداخلنا لا يكفي.
اليمن لا ينتظر نهاية الحوثي، بل بداية اليقظة من غيبوبته الطويلة.
الحوثي ليس مرض اليمن الوحيد، بل مجرد عرض في جسد مُنهك يرفض أن يُشفى.