انهيار مخيف في العملة اليمنية، وانهيار في الكهرباء، وانهيار في المرتبات، ووضع لا نُحسد عليه في ظل قيادة من ثمانية أشخاص دون رؤية متفق عليها، وفي غياب تام لأفق يبعث الأمل. وضعنا تجاوز مصطلح "كارثي"، أما كلمة "تحرير صنعاء" والمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية، فقد انتهت من قاموسنا ولم نعد نسمع بها.
هذا الوضع لا نستطيع أن نُحمّل مسؤوليته شخصًا واحدًا بمفرده، حتى وإن كان الأخ الرئيس، لأن القرار جماعي موزع بين ثمانية، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى.

وإذا كان كما يُقال: "لا يصلح سيفان في غمد واحد"، فكيف بثمانية سيوف في غِمدٍ واحد؟ أصبح من الضروري إصلاح رأس الهرم، بحيث يكون للدولة رأس واحد، وله مساعدون لا أنداد منافسون، نحاسبه إن قصّر، ونحاكمه إن خان وبدّل.
نلحظ نشاطًا ملحوظًا ونجاحًا طيبًا على المستوى الخارجي لفخامة الأخ الرئيس، لأنه يتحرك في فضاء مهيّأ له دون مزاحمة ممن حوله، وهو المشهود له بالكفاءة. ولكن على المستوى الداخلي، الوضع يختلف، والقيود أمامه كبيرة، والعقبات كأداء منا وفينا. ومع ذلك، هذا لا يعفيه ولا يعفي بقية زملائه من المسؤولية عن الحال الذي وصل إليه الوطن.
الثمانية لا عيب فيهم، وكل واحد منهم قادر على أن يقود بلدًا، ولكن القيادة الجماعية دمار، خصوصًا في ظل التناقضات بينهم وغياب المشروع الجامع، وشعور كل واحد منهم بأنه صاحب السلطة، يريد أن يأمر وينهى ويوجه الجميع، مثله مثل الرئيس. فضاع الأمر عن الجميع، وضاعت الحكومة في هذا الجو المشحون بالتناقض، وتمرد المسؤولون الذين هم تحتهم، حتى إن بعض الجماعات والمسؤولين الأصغر في المحافظات يتصرفون وكأنهم في دول مستقلة عن الجمهورية اليمنية، حتى وصل بهم الحال إلى التصرف والتوجيه بالثروة السيادية كما يشاؤون، بينما الثمانية عاجزون عن التوجيه بذلك، رغم أن مثل هذا التوجيه حق للرئيس فقط أو لرئيس الوزراء وفقًا للدستور.
عدن، العاصمة المؤقتة ووجه اليمن أمام العالم الخارجي، تعيش في ظلام دامس في فصل الشتاء، فكيف سيكون حالها في الصيف؟ هذا ينعكس على تشغيل محطات المياه والمستشفيات والصرف الصحي وكل مناحي الحياة. والجميع ينتظر الحل يأتي من غيرهم، رغم أن الأشقاء ما قصروا معنا أبدًا، وخاصة المملكة العربية السعودية، ولكن الحل لا يأتي إلا من الداخل، ولله در القائل:
لا يرتقي شعبٌ إلى أوج العلا
ما لم يكن بَنَّوهُ من أبنائه
أما الأحزاب، فهي في موت سريري، وتناقضها مع بعضها لا يقل عن تناقض أعضاء المجلس مع بعضهم. ومجلس النواب يستجدي الشرعية ممن منحهم الشرعية، فهو في غياهب الضياع، والجميع يريد له ذلك فاستسلم. والتاريخ لا يحابي ولا يرحم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.