تطل علينا وعلى شعبنا اليمني العظيم مناسبة وطنية وذكرى تاريخية عطرة نستلهم من خلالها ذكريات الماضي وأبجديات الحاضر ونستشرف المستقبل. الحديث هنا عن الذكرى الـ 61 للثورة اليمنية 26سبتمبر المجيدة التي قامت ضد نظام الحكم المستبد وأزاحت من فوق صدور اليمنيين عقوداً من الظلم والاستعباد والقهر والتجهيل والحكم باسم الإله والسلالة.
من عايش تلك الفترة يدرك تماماً حجم المأساة التي كان يعيشها الشعب اليمني في ظل حكم تلك السلالة العفنة، التي استخدمت كل الوسائل الدنيئة والقذرة لتبقى على رأس حكم هذا الشعب، لكنها ورغم ذلك لم تثن الثوار الأحرار عن مساعيهم في إخراج اليمن وشعبه من بوتقة الظلم والجهالة إلى
باحة العالم الأوسع والمساواة والنور، وعبق الحرية، فشدو العزم وعملوا على تشكيل تنظيم للضباط الأحرار، ومن ثم تشكيل مجلس لقيادة الثورة، واتفقوا على أهداف الثورة وساعة الصفر لانطلاقها، ودك أوكار الضلالة والجهالة ودياجير الدجل والظلام.
لقد سبقت ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م ثورة أو حركات تحررية ضد حكم الأئمة بدءًا بثورة 1948م التي قادها مجموعة من المثقفين، والمفكرين والعلماء، والمشايخ، والضباط الأحرار، وانتهاءً بحركة 1961م، لكن هذه الثورة وما تلاها من حركات تحررية، لم تنجح ولم يكتب لها الديمومة نتيجة غياب الوعي الثوري لدى أبناء الشعب، فعاد الإمام أحمد بن الإمام يحيى حميد الدين، واستعاد إمامة والده واجتز رؤوس الثوار، ممن تمكن من أسرهم بعد أن استباح صنعاء وهتك عذريتها وكرامتها. هذه الدماء الزكية، التي سبقت انطلاق الثورة، كانت بمثابة الشرارة، التي أوقدت شعلة الثورة الحقيقية يوم الـ 26من سبتمبر عام 1962م، حيث هب الأحرار من مختلف فئات أبناء الشعب اليمني ملبيين نداء واجب الحرية والكرامة لمساندة الثوار.
وفعلا فرت الإمامة من صنعاء متسترة بعباءة أنثوية إلى جبال حجة، وحاولت الكرة والكرة للعودة وبدعم خارجي، لكنها تلقت الضربات تلو الضربات، وحمى الأحرار صنعاء، وكان لإخواننا المصريين فصل الخطاب، حيث كان لمساندتهم العسكرية والسياسية أثر بالغ، وهنا امتزجت الدماء اليمنية والمصرية، وقاتل الجميع جنبا إلى جنب هذه الشرذمة السلالية. كادت هذه السلالة القذرة أن تذهب دون رجعة، لكن وبضغوط إقليمية ودولية قُدر لها أن تعود من بوابة الجمهورية من خلال مؤتمر خمر، حيث انصهرت في المجتمع اليمني، وتسلقت إلى المؤسسات والقطاعات المهمة في الدولة وصولاً إلى سلطة القرار وتمكنت من غرس أذرعها في كل مفاصل الدولة.
حتى جاء اليوم المشؤوم الـ 21 من سبتمبر، تاريخ الانقلاب الأسود في ذاكرة اليمنيين، فاستخدمت الشعارات المزيفة بغية الحصول على مبتغاها واستفادت من حالة الصراع الحاصلة بين القوى السياسية، والتهمت مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، ومن ثم المحافظات اليمنية بحفنة من أطفالها الرضع، وعاثت في اليمن الفساد.
ومثلما قاوم أحرار اليمن في الستينيات جد هذه السلالة، قاومها أحرار اليوم، ولم يستكينوا لمشروعها القذر، بل خرجوا من كل المحافظات إلى محافظات مأرب وتعز، وأعلنوا النفير وبدأوا قيادة الكفاح المسلح في منتصف عام 2015م، سبقها مقاومة شعبية في محافظات عدن، وتعز ومأرب، وبدعم من قوات التحالف العربي بقيادة الشقيقة المملكة العربية السعودية.
لقد أخذت الحكومة الشرعية على عاتقها المسؤولية الوطنية في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وبذلت جهودا جبارة لمواجهة هذه المليشيات الإرهابية على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية والإنسانية، واستجابت لكل دعوات السلام الإقليمية والدولية من منطلق مسؤوليتها الوطنية تجاه كل مواطنيها سواءً في المناطق المحررة، أو في المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية، وإيمانها بعدالة القضية التي تناضل من أجلها ومعها بذلك كل أحرار اليمن.
هذه المليشيات تحاول محو الثورة اليمنية 26سبتمبر وأهدافها العظيمة وإرجاع اليمن واليمنيين عقودا إلى الوراء من التخلف والرجعية والاستبداد والاستعباد، إلى ما قبل 61 عاماً، ولكنها لا تدرك أننا نحن معشر اليمنيين ولدنا أحراراً وسنظل سبتمبريون الهوى والهوية.
وعليه: فإننا في القوات المسلحة نؤكد الجهوزية التامة لأي معركة قادمة، وقدرة قواتنا وبكفاءة واقتدار على استعادة ما تبقى من تراب الوطن وتحريره من براثن هذه المليشيات الإجرامية وطي صفحتها وإلى الأبد.
أنفسنا تهوى هواك يا صنعاء وأعيننا ترقبك من بعيد وقلوبنا معك وإنا لناظرك لقريب (ويقولون متى هو قُل عسى أن يكون قريباً).