;
ياسين التميمي
ياسين التميمي

في رثاء الشيخ صادق الأحمر   931

2023-01-06 19:57:29

  ترجل الشيخ صادق بن عبد الله الأحمر، بعد حضور مشرف في الساحة الوطنية تجلت بشكل واضح في السنوات الاثني عشرة الماضية والتي شهدت أحداثاً جسيمة عصفت بالوطن والدولة .  

shape3

رحل كآخر مشائخ حاشد الكبار، لشجاعة تميز بها وشخصية صقلتها وأبانت معدنها الأصيل التجربة الصعبة التي خاضها الراحل واختار خلالها الوقوف في الجانب المشرف من المعركة الوطنية . 

رحل الشيخ صادق إلى ربه كرجل شجاع اختبرته التحديات والصعوبات وقهر الرجال فكان الرجل الشجاع الذي قاوم الطوفان دون إمكانيات أو رجال، واختار البقاء في معقل لطالما بقي حصيناً لعقود من زمن الجمهورية .

أول لقاء لي به كان في مدينة هانوفر، أثناء زيارة والده الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب حينها رفقة عدد من النواب للمدينة الألمانية في صيف العام 2000 لزيارة مهرجان إكسبو 2000 هانوفر . 

وبعدها شاركت في عدد من الندوات التي كان يستضيفها ديوانه في الحصبة؛ حيث كنت أدعى لأقدم أوراقاً عن الدور الذي تقوم به الجمعية اليمنية لحماية المستهلك بصفتي الأمين العام، وهي فرصة لأحيي رئيسها العتيد الشيخ فضل مقبل منصور . 

عاش الشيخ صادق ردحاً طويلاً من الزمن في ظل أبيه؛ لكنه بقي متمتعاً بمزاياه المستقلة، وذلك يعود للحرص الذي أبداه الشيخ عبد الله الأحمر فيما يخص أبناءه وأدوارهم في النطاق القبلي والسياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى المساحة التي كانت حاضرة فيما يخص تحديد خياراتهم الفكرية . 

لقد نجح الراحل في سد جزء مهم من الفراغ الذي خلفه والده في المجال العام، دون أن يستفيد من الحصة المكانة والنفوذ اللذين تمتع بهما والده في الدولة، لا بل أنه واجه تحدياً خاصاً نتج عن التدهور الحاد في علاقة السلطة الحذرة بين الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح وبيت الأحمر والذي بدأ منذ أواخر حياة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر يرحمه الله .

ويمكن القول إن الشيخ صادق نهض بدور مشابه لذلك الدور الذي أداه والده في دعم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والقتال من أجل انتصارها .

  فقد منحته الأقدار فرصة ليؤدي هذا الدور عندما قرر أن يذهب إلى الخيار المحفوف بالمخاطر وهو الانضمام إلى ثورة الحادي عشر من فبراير/شباط 2011 الشبابية الشعبية المباركة، وهو يعلم مقدار العداء الرئاسي الموجه ضد أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والتجمع اليمني للإصلاح، على وجه الخصوص، والأهم من ذلك أنه كان يدرك تبعات هذا الموقف السلبية على علاقات الأسرة بالمملكة . 

فقد تعمد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، تحريض مؤيديه وإعلامه وشبكة ولاءاته ضد بيت الأحمر وتحميله، المسؤولية عن الثورة التي اندلعت ضد نظامه، في إجراء قصد منه هذا الاختزال المخل للثورة، وحتى يتهرب صالح من مواجهة حقيقة أن طيفاً واسعاً من الشعب اليمني قد ثار ضده . 

ولم يكتف بذلك بل شن حملة تشوبه متعمدة ضد الشيخ صادق وإخوانه مفادها أن كل ما يجري إنما يأتي ضمن مخطط لأبناء الشيخ الأحمر للاستيلاء على السلطة .  

حينما التحق الشيخ الراحل صادق الأحمر يرحمه الله بثورة الشباب، أكسب الثورة زخماً، وأكسبته الثورة بدورها حصانة وطنية كثائر وداعم للثورة خرج للتو من معركة حامية الوطيس استهدفته واستهدفت إخوانه ومؤيديهم في حي الحصبة بواسطة أكفأ الوحدات القتالية التابعة لنظام صالح في الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الخاصة .

ولم تتمكن تلك القوات من الوصول إلى هدفها، غير أن وساطة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أنهت المعركة التي أضافت مشروعية نضالية للشيخ صادق وللثورة والقوات المسلحة الداعمة لها بقيادة قائدة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية آنذاك اللواء علي محسن صالح .  

لا يزال الجميع يتذكر وعيد الشيخ صادق الشهير بعدم القبول ببقاء علي عبد الله صالح رئيساً أو بعودته إلى السلطة وهو على قيد الحياة . 

لم يكن وعيد الشيخ صادق سوى تعبير عن شجاعة الرجل وثقته بأن التغير قد وقع بالفعل، ولم يكن يعتد إطلاقاً بالثقل القبلي لحاشد التي غابت في معركة الحصبة، ونخرها علي عبد الله صالح نخراً واستثمر في إعادة توجيهها لصالح المشروع الكهنوتي، ظناً منه أن ذلك سيفسد الثورة ويفشلها ويسقط سلطتها ومن ثم سيكون جاهزا لإعادة الاستحواذ عليها في غياب كامل للمنافسين . 

في الحقيقة لم تكن التبعات المعنوية السيئة التي تلقاها الشيخ صادق، ناتجة عن انتصار مستحق أحرزه الانقلابيون على السلطة الانتقالية التي دعمها الراحل، بل كانت نتيجة تحول في الموقف الجيوسياسي الإقليمي، وناتجة أيضاً عن الإجراءات الدراماتيكية التي أقدمت عليها الجارة الشمالية القوية تجاه حلفاءها التقليديين وتجاه القوى السياسية الداعمة للتغيير، مما منح مشروع صالح فرصة ثمينة للاتصال بنظام رسمي عربي قرر الوقوف ضد التغيير السياسي السلمي في اليمن وغيره من بلدان الربيع . 

وليس ذلك فحسب، بل أن النظام العربي كان قد بدأ بالفعل في استثمار المعركة الأمريكية ضد الإرهاب، وبدأ بمحاصرة ومعاقبة تيار "الإسلام السياسي" كما بات يعرف في الأدبيات الغربية، لم يكن الشيخ صادق جزء منه، على كل حال .

  واتجه النظام العربي أيضاً نحو بناء تحالفات أيديولوجية جديدة كان للمنظومة الشيعية فيها حصة كبيرة انعكست على النفوذ السياسي والخارطة البرامجية في الإعلام الرسمي والممول . 

إن للشيخ صادق على قبيلته واليمنيين حقٌ في أن يشاركوا بكثرة في جنازته ووداعه وداعاً يليق بالرجال .  

رحم الله الشيخ صادق عبد الله بن حسين الأحمر برحمته الواسعة وتقبله في الصالحين.. وعظم الله أجر إخوانه وعائلته ومحبيه .. 

" إنا لله وإنا إليه راجعون "

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد