فخامة الرئيس رشاد العليمي رئيس الجمهورية اليمنية..
دونما ديباجة. نحدثكَ مباشرة ونخاطبكَ باعتباركَ تمثل رمز الوطن وسيادته واستقلاله ومعبراً عن إرادة وعزيمة وتوق شعب في الانتصار للجمهورية وللأرض اليمنية.
نعرف جيداً أنك أمام اختبار صعب وظروف بالغة الحساسية، والحِراب تحاصرك من كل اتجاه والعدو على بُعد فراسخ منك حتى لكأنه يصدق فيك قول الشاعر المتنبي:
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أي جانبيك تميلُ
تلك إذاً حالتك كرئيس جمهورية ولكن (إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً
فما حيلة المضطر إلاركوبها)
لقد وجدتَ نفسكَ في خِضم أحداث جسيمة ومعانٍ عظيمة ولامجال سوى اقتحامها وإنجاز النصر وتحقيق حضورك في التاريخ، وذلك أمر يحوز عليه أصحاب الهمم العالية, من تأبى نفوسهم الضيم ويجترحون المعجزات.
فخامة الرئيس..
أنتَ أمام خيار وجودي، إما النصر بالسلم أو الحرب وإما الوقوع في الهزيمة فتخسر نفسكَ والتاريخ وتبقى مجرد ذكرى أليمة. وبين الأمرين ماذا أنت صانع؟ وكل شيء لا يدعو للتفاؤل إلا ما خضته أنتَ من مواقف حاسمة لاتقبل المهادنة والتراجع ولا تلين في مواقف تستدعي الحزم والعزم.
فخامة الرئيس.. لقد كسب الحوثيون الكثير بفعل تراخي التحالف وما فعله من هزائم مازالت جراحها غائرة وستبقى طول الزمن.
لقد مكنوا الحوثي من تحقيق غايات كانت بعيدة المنال، وكانت بالنسبة له خيالاً يصعب الوصول إليه، ولكن بتراخي التحالف وتآمره نال الحوثي ما يريد وأكثر حتى أصابته التخمة والغرور والتغطرس، لقد فتح له مطار صنعاء، ولانعيب ذلك فأهلنا في صنعاء يستحقون أن تُفتح لهم كل المعابر وكل يمني كذلك, ولكنه نال مايريد بتنازلات رهيبة تمس سيادة الوطن، لعل الجوازات سابقة خطيرة في هذا المنحى كما أوقف التحالف طيرانه وغاراته ليبقى الحوثي متمكناً من التحشيد والتمترس ومواصلة الحرب في مأرب وغيرها بخروقات لاتتوقف.
وإنه لأمر جسيم أن يفتح له الممرات البحرية ويتدفق النفط الإيراني عبر ميناء الحديدة وتتعزز قوته المالية ولانجد مكسباً متواضعاً أو بسيطاً يُذكر تحقق للشرعية مقابل تنازلات لاتعد ولاتحصى للحوثي.
وهو أمر يُحدث بالضرورة أثراً عكسياً ليس لصالح إعادة الشرعية وإنهاء الإنقلاب, ولا حتى إنقاذ الموظفين في صرف مرتباتهم.. ونخشى عليكَ أن يحيط بكَ التحالف ويعمل على خذلانك وهزيمتك ويجعلك مجرد مبرر لتحقيق غايات لاعلاقة لها باستعادة الدولة اليمنية, لتبقى الحوارات في اللاسلم واللاحرب.. في المقابل ثمة اشتغال على مشروع يخص التحالف عبر إضعاف السيادة الوطنية وإرباك المشهد السياسي، وتحقيق مآرب أخرى تمر من بوابة مجلس الرئاسة وفي المقدمة فخامتك.
الأخ رئيس الجمهورية..
(من ضيع الحزم في أوقاته ندِمَ) وأنت محتاج لهذا الحزم وقول (لا) في مواقع تكون (لا) فيها تعبير عن تصميم وإرادة وطنية وقول (نعم) في مواقف تعبر عن انتصار للجمهورية اليمنية. هذا أمر استشعاره والعمل به من سجايا أصحاب الهمم العالية، فلم يعد هناك وقت للمجاملات والمداهنات على حساب قضية وطن ومصير شعب.
ودعنا نذكرك يافخامة الرئيس أن الأولويات كثيرة ويصعب تحديد الأهم في الأهم، فكلها تستحق الاشتغال عليها ولعل وجود مليشيات مسلحة كألوية العمالقة وتمكينها من حراسة آبار النفط بدلاً عن الجيش الوطني يكشف عن خبايا غير عادية لإظهار الدولة في مستوى العاجز عن الحماية وضبط الأمن والاستقرار، ويُمكّن قوى مسلحة خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية من أن تتولى مهاماً ليس لها أي علاقة بها قدرما هي إخلال بوظيفة الدولة والمؤسسة العسكرية، مالم يَجرِ دمج هذه القوى في الجيش وتنفيذ مخرجات مؤتمر الرياض وهو مانراه مفقوداً حتى اللحظة وهو من أولى الأولويات الكثيرة.
فخامة الرئيس.. أنت اليوم مسئول أول وعلى عاتقكَ تقع استعادة الدولة وحل المليشيات وفتح معابر الطرقات وتقديم الرعاية الكاملة والمستحقة للجيش الوطني ورفض أي توجه ينحرف بمهام الرئاسة إلى مستويات لاعلاقة لها بعودة الشرعية ودحر الانقلابيين واستعادة الجمهورية اليمنية.
وثمة تجارب مع من كان قبلكم في هذا المضمار، وإنا لنخشى عليكَ وأنتَ الخبير المتمرس أن تقدم تنازلات تُطمعُ فيك الطامعون، ويزيدونك تراجعاً وهو أمر سيجر بتبعاته إلى مستويات الفشل الحقيقي لكَ وزملائكَ ونرجو أن لا يكون الأمر كذلك.
فخامة الرئيس: ما نرجوه هو العمل بروح وطنية وضمير صادق وانتماء وطني والدفاع عن الثوابت الوحدة والجمهورية والثورة بروح مثابرة مرابطة صابرة..
وفقكَ الله وأعانكَ في مهام جسيمة ومواقف عظيمة.. أنت لها ونحسبكَ كذلك.