;
د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان

نقاط الضعف في التحولات التاريخية الكبرى في أوروبا الحديثة " الدين والاقتصاد" 942

2022-03-12 04:54:12

أثناء الحرب الباردة حل السلام في أوروبا. كانت الحرب الباردة بمثابة مخزن تبريد ضخم وضعت فيه آنذاك معظم مشاكل أوروبا والعالم .

shape3

في هذا المخزن كان يتم خزن وتبريد هذه المشكلات بسبب توازن الرعب وخوفاً من أن يؤدي تحريكها إلى تحويلها بؤر للتوتر ومناطق نزاع وحروب هائلة .

غير أن توازن الرعب ظل يخفي حراكاً سياسياً واجتماعيا وثقافياً ومعرفياً واسعاً . كان أحد المعسكرين فيه ( المعسكر الغربي الرأسمالي) يتمتع بديناميات أشد تأثيراً في تحريك نزعة التغيير والتمرد داخل البنى والتكوينات السياسية والاجتماعية للمعسكر الآخر (المعسكر الشرقي الاشتراكي ) مدعومة بالتطور الاقتصادي والمادي .

وفي حين أن ديناميات المعسكر الاشتراكي المتمثلة في دعم التحرر والسلام والعدالة والنهوض الاجتماعي كانت تنمو على قاعدة الحوافز المعنوية فقد واجهت بعد فترة من الزمن مصاعب ناشئة عن تراجع قوى الانتاج في ابقاء هذه الحوافز عند مستوياتها السابقة من القوة .

وفي انسجام مع ما مثلته تلك الديناميات من نقاط قوة فقد كانت مهمة المعسكر الغربي هي البحث عن حلقة الضعف التي يمكن عندها كسر معادلة القوة عند الآخر ، وهي نفس الفكرة التي ركز عليها لينين عندما قرر ، خلافاً لماركس ، من أن اختراق الرأسمالية لن يكون عند أي نقطة قوية لها بل لا بد من البحث عن نقطة ضعف لاختراقها وكانت روسيا القيصرية . 

هكذا فكر الغرب ، ليجعلوا المعسكر الاشتراكي يشرب من نفس كأس لينين .

وفي حين كان الاقتصاد هو المعيار الذي استخدمه لينين في تحديد نقطة الضعف تلك حيث كانت روسيا متخلفة اقتصادياً بالمقارنة مع بريطاني التي اقترحها ماركس لتكون نقطة انطلاق التحول الاشتراكي ، فإن الغرب استخدم التاريخ الديني كمعيار لتحديد نقطة الضعف التي كان عليه أن ينطلق منها .

وكانت بولندا هي نقطة الضعف في معادلة القوة عند المعسكر الاشتراكي . تاريخ بولندا السياسي والديني كان دائماً في صراع مع روسيا ، على الرغم من أنهم ينحدرون من عرق سلافي واحد . كانت روسيا ارثوذكسية بينما بولندا كاثوليكية . وكان السياسي دالة في الديني . وتاريخ الصراع بين الديانتين هو تاريخ مشهود في هذه المنطقة من العالم . 

ويرى المؤرخون أن الدين كان في معظم الحالات أساساً في تكوين الدولة وترسيم حدودها وتشكيل حرمها الجيوسياسي . 

في عام ١٩٨١ قام بابا الفاتيكان بزيارة بولندا وأقام أول صلاة قداس في ساحة مفتوحة منذ الحرب العالمية الثانية في مدينة كراكوفا حضرها أكثر من مليون ونصف شخص . أعادت هذه الحادثة رسم الخارطة السياسية في بولندا على نحو تسارعت معه التحديات التي كان يواجهها النظام السياسي الاشتراكي هناك من قبل النقابات في ميناء جدانسك ، والتي تطورت بعد ذلك إلى مظاهرات ومسيرات احتشد فيها مئات الآلاف للمطالبة بتغيير النظام السياسي الاشتراكي في وارسو مقر الحلف الرئيسي للمعسكر الإشتراكي . 

أخذت هذه المواجهات تحدث تأثيرها في بلدان اشتراكية أوروبية، ولم يكن مركز النظام في موسكو في وضع يمكنه من إحداث استجابة فورية تلبي مطالب الاصلاحات الضرورية التي كان من شأنها أن تجعل مقاومة الانهيار ممكنة ، وتحول بينه وبين ذلك التدهور السريع . 

أخذت برسترويكا جورباتشوف تتسرب إلى العقل السياسي الاشتراكي بمضامين بعيدة عن مضمونها الاصلاحي لتغدو في التحليل السياسي اعترافاً بفشل قيم النظام من وجهة نظر محبطة وزعامة فقدت القدرة على القيام بدورها التاريخي في التصدي لعملية الانهيار . 

تنادت الجمهوريات التي شكلت الاتحاد السوفيتي لتوقيع اتفاقيات الاستقلال وترسيم الحدود مع يلتسين رئيس روسيا يومذاك . 

ثم بدأ عهد جديد من نظام عالمي أخذت في ظله المشاكل المجمدة في مخزن تبريد الحرب الباردة تخرج إلى الفضاء لتلف العالم في أردية البارود الذي لن يتوقف إلا بنظام عالمي يسوده العدل ويحترم حق الشعوب في الحرية والسلام والحياة الكريمة .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد