يعيش الرجل في تناقض عجيب غريب والتناقض هو السمة الأبرز في علاقته بالمرأة، فتجده يصفها بأقذع الألقاب، وينعتها بأقبح الصفات، يوجه إليها الاتهامات دون دلائل أو قرائن، فهي من أغوته وأخرجته من الجنة وهي أحبولة الشيطان، وهي خفيفة العقل و فاسدة الرأي، ومصدر كل شر وبلاء إذا بشر بها صغيرة ظل وجهه مسوداً وهو كظيم وإذا كبرت كانت هماً كبيراً يتمنى إزاحته بأي طريقة حتى وإن كانت الوسيلة أن يزوجوها لرجل في مثل عمره وهو مع كل هذه المشاعر السلبية لا يستطيع العيش بدونها أبداً وتستطيع هي أن تعيش بدونه وهو لا يطرب إلا لسماع صوتها ولا يسر ناظره إلا برؤية ملامحها ولا يأنس إلا بذكرها ولا يتمنى إلا قربها، أكبر أهدافه وأسمى رغباته أن يحظى بامرأة تكون له زوجة وشريكة عمر يقضي جزءاً من عمره ليجمع مهرها ويهيئ لها السكن ويجهز لها المأوى، يكتب الأشعار من أجل عينيها و ينظم القصائد في مقلتيها، يذوب فيها عشقاً ويموت حباً. جن قيس من حب ليلى وليلى لم تجن من حب قيس، أصيب وضاح اليمن بالجذام من حب روضة و لم تصب روضة، قال جميل في بثينة قصائد وأشعار ولم تقل فيه بثينة شيئاً يذكر ومع هذا كله ينكر الرجل أهمية المرأة بالنسبة له ويصر على أنها شر وبلاء ومصدر كل هم وغم. متناقض: الرجل قبل الزواج يذيق أمه وأخواته الأمرين ويحول البيت إلى سجن كبير " لا دخلة ولا خرجة" "و من جالس النسوان كان من عديدهن" "وشاوروهن وخالفوهن" والنساء مالها إلا العصى، يحرم كل حلال ويضيق كل حال "ويا لطيف والكبر ذي فيه يا لطيف والهنجمه" فإذا تزوج أحل لزوجته الحلال والحرام ولا يسعد إلا بمجالسة المدام ومعها يحلو الكلام ويتحول إلى حمل وديع وحمار سريع وجمل مطيع، يراعي أمها ويحترم أخواتها ويجامل أعمامها يقدم عمته "أمها" على أمه في الزيارة والعطاء ويقدم أخواتها على أخواته في الرعاية والمجاملة وعجبي
أحلام القبيلي
متناقض 880