- الغلو منهي عنه في شريعة الإسلام السمحة ، قال تعالى :(لاتغلو في دينكم)،وفي صحيح مسلم:(هلك المتنطعون) قالها ثلاثا. والتحذير من الغلو يشمل الفهم والسلوك والتعامل مع النفس والناس والحياة، لأنه يتنافى مع منهج التوازن والاعتدال وجمال وسماحة الشرع الحنيف والعقل السليم والفطرة السوية، وله تأثيره السيئ في استباحة الدماء و الأموال والأعراض كغلو الصهيونية والصليبية وغلاة الدعوات العلمانية و القومية وكالغلو المنتسب للمناهج الإسلامية كالذي عليه الخوارج والروافض والغلاة المنتسبون زورا للصوفية والسلفية وماابتليت الأمة بسببهم من تشويه الدين وضعف وتفرق المسلمين.
- ولاشك أن الغلو في السلوك والتعامل يسبقه ويؤسس له الغلو في الفهم والتنظير ،ومن ذلك الغلو في (آل البيت) كالتي عليها غلاة الشيعة الرافضة، حيث حصروا مفهومها في نسله خاصة دون أزواجه، مع أن الآيتين الوردتين في أهل البيت من سورة (هود/73)تختص بسارة زوج نبي الله إبراهيم ، وكذا في سورة(الأحزاب /33)تختص بزوجات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما يدل عليه سياق الآيتين الكريمتين . ولغلاة الصوفية من أهل السنة تقديس لأهل البيت لايخفى ، وليس السوء في ذلك مختصا بالمجال العقدي فحسب، بل ترتب عليه من انحرافات سياسية كدعوى انحصار حق الحكم فيهم كما تفعل الزيدية ومنهم الطائفة الحوثية الجارودية والشيعة. وآثار أخلاقية أيضا، كتقديس، العامة لهم وتعاليهم على العامة كمنع تزاوج غيرهم معهم.
- وهنا أقتصر على نقل كلام شيخ الإسلام في هذا المفهوم لإمامته واعتداله والقبول العام له،وفيه غنى عما دخل بعض كتب السنة من مفاهيم لاتخرج عن منهجي الإفراط والتفريط.
-#-قال رحمه الله تعالى :
(أهل السنة إنما يعظمون بالتقوى لا بمجرد النسب قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
منهاج السنة(4/376).
#- وقال أيضا :(ولهذا ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدا بنسبه ولايذم احدا بنسبه، وإنما يمدح بالإيمان والتقوى ويذم بالكفر والفسوق والعصيان)
مجموع الفتاوى(35/230).
#- وقال أيضا :(لم يثن الله على أحد في القرآن بنسبه أصلا لا على ولد نبي ولا على أبي نبي وإنما أثنى على الناس بإيمانهم وأعمالهم، وإذا ذكر صنفا وأثنى عليهم فلما فيهم من الإيمان والعمل لا لمجرد النسب ...وليس في القرآن مدح أحد لمجرد كونه من ذوي القربى وأهل البيت ولا الثناء عليهم بذلك ولاذكر استحقاق الفضيلة عند الله بذلك ولاتفضيله على من يساويه في التقوى بذلك....فيما رواه ابو داود وغيره:(لافضل لعربي على عجمي ولالعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى،الناس من آدم وآدم من تراب...(إن الله قد أذهب عنكم عُبًيًة الجاهلية وفخرها بالآباء،الناس رجلان:مؤمن تقي وفاجر شقي) (ولذلك إذا كان الرجل من أفناء العرب والعجم وآخر من قريش فهما عند الله بحسب تقواهما إن تماثلا فيهما تماثلا في الدرجة ،وكذلك إذا كان رجل من بني هاشم ورجل من الناس أو العرب أو العجم فأفضلهما أتقاهما فإن تماثلا في التقوى تماثلا في الدرجة،ولايفضل احدهما عند الله لابأبيه ولاابنه ولابزوجته ولابعمه ولابأخيه)
منهاج السنة(8/218-223).
#- وقال ايضا:(بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة وفضيلة لاجل المظنة والسبب ،والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية..)
منهاج السنة(4/600-605).
#- قلت : هذا من حيث الفضل والتفضيل، وأما في بيان حقوق أهل البيت، ففيه تفصيل، فقد ثبت في صحيح مسلم كما في حديث الثقلين المشهور، وفيه: ( أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، قالها ثلاثا)، وهل تبقى الوصية بهم إلى يوم القيامة؟ لايظهر ذلك، لأن القرآن الكريم أثنى عليهم في قوله تعالى :(رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد)، كما أن الصلاة الإبراهيمية قرنت بين آل إبراهيم وآل محمد، ولا قائل ببقاء الفضل أو الوصية بآل إبراهيم إلى يوم القيامة.
والتذكير بهم إنما هي وصية؛ منعا مما قد يتعرض له أزواجه وأولاده بعده من هضم وظلم، خلافا لدعوى ميراثهم الحق الإلهي في الحكم او التقديس وإلى يوم القيامة، مما لايفهم من نص من نقل ولايدل عليها عقل ، ونبرأ إلى الله تعالى من طرفي الغلاة والجغاة : الرافضة والناصبة، والله المستعان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.