قرات عنه كثرا و سمعت عنه اكثر ولم اكن اتوقع ان يظلنا ذلك الزمان و انا على قيد الحياه زمان يختلط فيه الحق بالباطل وتكثر فيه الشهوات و الشبهات و تُنتهك فيه الحرمات يمسي فيه المرء مؤمناً و يصبح كافرا ويصبح كافراً و يمسي مؤمناً هاقد اظلنا زمان الفتن يا رسول الله زمان اخبرتنا عنه قبل الف واربع مائة سنه اخبرتنا انه سيظلنا زمان يكثر فيه القتل و تسيل فيه الدماء حتى لايدري القاتل فيما قتل و لا يدري المقتول فيما قُتل وقد اظلنا يا رسول الله واصبح القتل لعبة الصغار الكبار الاخيار و الاشرار واصبحت الدماء ارخص الاشياء يقتلون و يصلبون و يذبحون و يحرقون لاتفه الاسباب قال النبي (صلى الله عليه وسلم) [أن بين يدي الساعة الهرج , قالوا : وما الهرج؟ قال : القتل , قالوا : أكثر مما نقتل؟ إنا لنقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألفا!! قال : إنه ليس بقتلكم المشركين , ولكن قتل بعضكم بعضا . قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لينزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس ؛ يحسب أكثرهم انه على شيء وليسوا على شيء]. وافترقت الامه يا رسول الله الى شعب و فرق و طوائف و كلها تزعم انها على الحق ولكنك قد اخبرتنا ان الفرقه الناجيه واحده فقط لاغير فليت ربي تبارك و تعالى يدلني على طريقها اخبرتنا عن زمان سينطق فيه الرويبضه و قد نطق يا رسول الله وكل سفيه و فاسق و فاجر و صعلوك يتحدث باسم الشعب و ينصب نفسه ناطقاً رسمياً باسم الامه اخبرتنا عن زمان يفشو فيه العلم و يعلو فيه القلم و قد اظلنا يا رسول الله زمان الجهل العلمي علم لا يقود الى الاخلاق و لا يدل على الفضيله ولا يعرف العبد بربه انه زمان الفتن وما كنت اتمنى ان ادرك هذا الزمان ومن اهم ما قراته عن الفتن انها اذا وقعت لم يسلم من التلوث بها الا من جمع بين وصفي العلم و الحلم وقلما تجد هذا الصنف بيننا فاما عالم غير حليم و اما حليم غير عالم فالفتنه اذا اقبلت فانما تجيئ بصورة خداعه تدعو الناس الى الوقوع فيها فيغتر كثرون من العامه و الجهلاء بها ولا يدرك حقيقتها الا العلماء قال الحسن البصري رحمه الله"ان الفتنة اذا اقبلت عرفها العالم واذا ادبرت عرفها الجاهل" فيا رب نسألك علماً نافعاً يجنبنا الفتن واما الحلم فلما فيه من التأني و عدم الاستعجال المفضي الى التريث و عدم التهور في هدر النفس او العرض او المال فيا ربي نسألك حلماً و علما ولكن ماذا نفعل اذا ادركتنا الفتن؟ اليكم الحل يا عباد الله من هدي رسول الله صلوات ربي و سلامه عليه وعلى اله واصحابه و من والاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال [بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة [أو ذكرت عنده] فقال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا , وشبك بين أصابعه قال: فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة] .
أحلام القبيلي
زمان الفتن 1195