استقرت الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه في سنة 41هـ- بعد أن تنازل له الحسن بن على بن أبي طالب عن الخلافة، وبايعه هو وأخوه الحسين -رضي الله عنهما- وتبعهما الناس؛ وذلك حرصًا من الحسن على حقن الدماء وتوحيد الكلمة والصف، وقد أثنى الناس كثيرًاً على صنع الحسن، وأطلقوا على العام الذي سعى فيه بالصلح "عام الجماعة"، وحقق بهذا المسعى الطيب نبوءة جده الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم- وقولته "إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". وكان الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب يترددان على معاوية في دمشق فيكرمهما ويحسن وفادتهما، ويعرف لهما قدرهما ومكانتهما، ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين- رضي الله عنه- يفد كل عام إلى معاوية؛ فيحسن استقباله ويبالغ في إكرامه، وظل الحسين وفيًّا لبيعته، ويرى في الخروج على طاعة معاوية نقضًا لبيعته له، ولم يستجب لرغبة أهل الكوفة في هذا الشأن، بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية سنة 49هـ فاجأ "معاوية بن أبي سفيان" الأمة الإسلامية بترشيح ابنه "يزيد" للخلافة من بعده في وجود عدد من أبناء كبار الصحابة، وبدأ في أخذ البيعة له في حياته، في سائر الأقطار الإسلامية، ولم يعارضه سوى أهل الحجاز، وتركزت المعارضة في الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير. توفي معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه سنة 60هـ- وخلفه ابنه يزيد؛ فبعث إلى واليه بالمدينة لأخذ البيعة من الحسين الذي رفض أن يبايع "يزيد"، كما رفض -من قبل- تعيينه وليًّا للعهد في خلافة أبيه معاوية، وغادر المدينة سرًّا إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث. تحفيز للخروج رأى أهل الشيعة في الكوفة أن الفرصة قد حانت لأنْ يتولى الخلافة الحسين بن علي، بعدما علموا بخروجه إلى مكة؛ فاجتمعوا في بيت زعيمهم "سليمان بن صرد"، واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة، وتتابعت رسائل أشراف الكوفة إلى الحسين، كلها ترغبه في الحضور، حتى بلغت خمسمائة رسالة. وأمام هذه الرسائل المتلاحقة، ووعود أهل الكوفة الخلابة بالنصرة والتأييد، استجاب الحسين لدعوتهم، وعزم قبل أن يرحل إليهم أن يستطلع الأمر، ويتحقق من صدق وعودهم؛ فأرسل ابن عمه "مسلم بن عقيل بن أبي طالب" لهذا الغرض. وما إن وصل إلى الكوفة، حتى استقبله أهلها بحماس بالغ وحفاوة شديدة، ونزل دار "المختار الثقفي" واتخذها مقرًّا لاستقبال الشيعة، حتى إذا اجتمع عدد كبير منهم، قرأ عليهم "مسلم" كتاب الحسين، الذي جاء فيه أنه مجيبهم إلى ما يريدون إن لزموا العهد، وصبروا على الجهاد؛ فأخذوا يبكون، وقام كبار الشيعة بإعلان تأييدهم للحسين، وخطب بعضهم مؤثرًا في الحاضرين فقال: "والله لأجيبنكم إذا دعوتم، لأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله". ولم يكن أمام "مسلم بن عقيل" وهو يرى هذه الحشود الضخمة التي أعلنت بيعتها للحسين إلا أن يكتب للحسين يطمئنه ويطلب منه القدوم، ويقول له: "بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألف رجل فأقدم، فإن جميع الناس معك، ولا رأي لهم في آل أبي سفيان". ولما علم "يزيد بن معاوية" بما يحدث في الكوفة، عزل واليها "النعمان بن بشير" لتساهله مع مسلم وتغاضيه عما يفعله، وولّى مكانه "عبيد الله بن زياد" فحضر على الفور، واتبع مع أهل الكوفة سياسة الشدة والترهيب، واشترى ولاء بعضهم ببذل الأموال، فانفضت الآلاف من حول (مسلم) وتركوه يلقى مصرعه وحده، بعد أن قبض عليه "ابن زياد" وألقى به من أعلى قصر الإمارة فمات، ثم صلبه؛ فكان أول قتيل صُلبت جثته من بني هاشم. خرج الحسين من مكة إلى الكوفة في 8 من ذي الحجة 60هـ، وعندما بلغ "القادسية" علم بمقتل مسلم وتخاذل الكوفيين عن حمايته ونصرته، فقرر العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم أصرّوا على المضي قدمًا للأخذ بثأره، فلم يجد الحسين بدًا من مطاوعتهم، وواصل السير حتى بلغ كربلاء على مقربة من الكوفة في (2 من المحرم)، ووجد جيشًا كبيرًا في انتظاره يقوده "عمر بن سعد بن أبي وقاص" في حين كان مع الحسين نحو تسعين نفسًا، بعدما تفرق عنه الناس، ولم يبق معه إلا أهل بيته وقليل ممن تبعوه في الطريق، وعسكرت القوتان غير المتكافئتين في هذا المكان. محاولة سلمية لم تُجدِ حاول الحسين أن يخرج من هذا المأزق بعد أن رأى تخاذل أهل الكوفة وتخليهم عنه كما تخلوا من قبل عن مناصرة مسلم، وبلغ تخاذلهم أنهم أنكروا الكتب التي بعثوا بها إلى الحسين حين ذكرهم بها، فعرض على عمر بن سعد ثلاثة حلول: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، وإما أن يذهب إلى ثغر من ثغور الإسلام للجهاد فيه، وإما أن يأتي يزيد بن معاوية في دمشق فيضع يده في يده. وكانت هذه الاقتراحات خطوة طيبة نحو الحل السلمي، وترك الثورة، وحقن الدماء؛ فبعث بها "عمر بن سعد" إلى واليه "عبيد الله بن زياد" فرفض هذه الحلول، وأبى إلا أن يسلم الحسين نفسه باعتباره أسيرًا، ويرسله بهذه الصفة إلى يزيد في دمشق، وسخر من عمر بن سعد حين أبدى عطفًا تجاه الحسين، وكتب إليه: "إني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ولا لتمنِّيه السلامة والبقاء، وانظرْ فإن نزل الحسين وأصحابه على الحكم واستسلموا، فابعث بهم إليَّ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثِّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون". رفض الحسين بن علي هذا الطلب، وجمع أصحابه مرة بعد مرة وقال لهم: "لقد بررتم وعاونتم، والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدًا، فإذا جنّكم الليل فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم". فما كان منهم -وهم لم يكونوا جميعًا من ذوي عمومته وأقربائه- إلا أن قالوا له: "معاذ الله! بل نحيا بحياتك ونموت معك". في العاشر من محرم كانت المعركة سنة 57 هـ في يوم الـ 10 من محرم الحرام كانت المعركة وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الحسين وصحبه، فلبثوا أيامًا يعانون العطش، يستهدفون من ذلك إكراه الحسين على التسليم، ثم بدأ القتال بين قوتين غير متكافئين في العاشر من المحرم، فكان مع الحسين اثنان وثلاثون فارسًا وأربعون راجلاً، في حين يبلغ جيش أعدائه أكثر من أربعة آلاف، يكثر فيهم الفرسان وراكبو الإبل، ويحملون صنوفًا مختلفة من السلاح، ومع هذا التفاوت فقد أظهر الحسين ومن معه ضروبًا عجيبة من الشجاعة والإقدام، وتساقطوا واحدًا بعد الآخر وهم ملتفون حول الحسين، ويقاتلون بين يديه، وتعدى القتل الرجال المقاتلين إلى الأطفال والصبيان من عِترته وآل بيته، ولم يبق إلا هو، يقاتل تلك الجموع المطبقة عليهم، حتى أثخنوه بالجراح؛ فسقط رضي الله عنه قتيلاً، ثم قطعوا رأسه الشريف وأرسلوا به إلى يزيد بن معاوية، ولم ينج من القتل إلا "علي زين العابدين بن الحسين"، فحفظ نسل أبيه من بعده.. وكانت نتيجة المعركة واستشهاد الحسين على هذا النحو، مأساةً مروِّعة أدمت قلوب المسلمين وهزت مشاعرهم في كل مكان، وحركت عواطفهم نحو آل البيت، وكانت سببًا في قيام ثورات عديدة ضد الأمويين، حتى انتهى الأمر بسقوطهم، وقيام الدولة العباسية على أنقاضها بينما استغلها آخرون لأهداف ومشاريع خاصة من شأنها أن تفرق صف المسلمين وتنشر في أوساطهم الحقد والعداوات.. لماذا لا نحكم العقل؟ يقول الشيخ عائض القرني نحن نعلن صرخة الاحتجاج ضد ابن زياد والحجاج -لعنة الله وملائكته والناس أجمعين على من قتل الحسين أو رضي بذلك- ولكن لماذا ندفع الفاتورة منذ مقُتل الحسين إلى الآن من دمائنا ونسائنا وأبنائنا؛ بحجة أننا رضينا بقتل الحسين ونحن في أصلاب آبائنا وفي بطون أمهاتنا؟! لذلك فقد استباح ابن العلقمي بغداد بحجة الثأر للحسين، وذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، والآن تُهدَّم المساجد في العراق ويُقتل الأئمة وتُبقر بطون الحوامل وتحرَّق الجثث ويُختطف الناس من بيوتهم وتُغتصب العذارى بحجة الثأر للحسين إن المنطق الذي يقول: إن مليار مسلم كلهم رضي بقتل الحسين وكلهم ناصبوا العداء لأهل البيت منطق يخالف النقل والعقل والتاريخ، ومعناه إلغاء أهل الإسلام والقضاء على كل موحِّد في الأرض، هل من المقبول والمعقول أن يجتمع مئات الملايين من العلماء والخلفاء والحكماء والزُّهاد والعُبّاد والمصلحين ويتواطئوا على الرضا بقتل الحسين والسكوت على هذه الجريمة الشنعاء؟! هل من المعقول أن تُحارب أمة الإسلام لأجل كذبة أعجمية صفوية ملفّقة كاذبة خاطئة تكفِّر الصحابة والتابعين ودول الإسلام، وتتبرأ من أبي بكر وعمر وأصحاب بدرٍ وأهل بيعة الرضوان ومن نزل الوحي بتزكيتهم وأخبر الله أنه رضي عنهم؟! متى تُكفّ المجزرة الظالمة الآثمة التي أقامها الصفويون ضد كل مسلم، ومؤمن تحت مظلة الثأر للحسين؟ نحن أولى بالحسين دينًا وملَّة، ونسبًا وصهرًا، وحبًّا وولاءً، وأرضًا وبيتًا، وتاريخًا وجغرافيا، ارفعوا عنّا سيف العدوان، وأغمدوا عنّا خنجر الغدر؛ فنحن الذين اكتوينا بقتل الحسين، وأُصبنا في سويداء قلوبنا بمصرع الحسين: جاءوا برأسك يابن بنت محمـد *** متـزمِّـلاً بدمـائه تزميــلاويكبِّـرون بـأن قتلـت وإنما *** قتلوا بـك التكبيـر والتهليـلا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "قتل الحسين رضي الله عنه مصيبة من أعظم المصائب، ينبغي لكل مسلم إذا ذكرها أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون!". وأقول: لو كره عضو من أعضائنا الحسين أو أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لتبرأنا من هذا العضو ولبترناه، لكننا نحبهم الحب الشرعي السُّني الصحيح الموافق لهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، لا الحب الصفوي والسبئي الغريب على الأمة وعلى الملّة وعلى السماء وعلى الأرض مرحبًا يا عـراق جئت أغنيك *** وبعضٌ من الغنـاء بكـاءفجراح الحسين بعض جراحي *** وبصدري من الأسى كربلاء الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم رحم الله السبطين الحسن والحسين، وجعل الله عليًّا وفاطمة في الخالدين، ورضي الله عن الشيخين ابي بكر الصديق وفاروق الأمة عمر بن الخطاب وقد قال الإمام زين العابدين رضى الله عنه -علي بن الحسين- لأهل الكوفة)هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخَدَعْتُموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق، ثم قاتلتموه وخَذَلْتموه ؟ بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول لكم: قاتلتُم عِتْرَتي، وانتهكتُم حُرْمَتي، فلستم من أمتي) كتاب الاحتجاج وقال أيضاً عنهم: (إن هؤلاء يبكون علينا، فَمَنْ قَتَلَنا غيرُهم ؟) الاحتجاج 2/29هؤلاء هم مدعى حب آل البيت وأكثر أهل الأرض الدعوى بالعزاء والولاء وهم قتله أهل البيت ومسلميهم لأعدائهم وهم مروجي المس الشيطاني الجماعي ومناصري العقائد الشيطانية التي يفرقون بها الصف الإسلامي بينما لاتوجد ولم يأتي القرءان بأي من هذه الطقوس والشعائر التي يقيمونها وينشرون الحروب والفتن والقتل والإجرام لأسبابها ورغم عدم إستنادها لأي ادلة شرعيه تنص على إقامتها ولذلك فقد دعا الإمام الحسين بن على رضى الله عنه في كربلاء على اولئك العراقيين الكربلائيين الذين خدعوه بكتبهم ورسائلهم التي وصلت اليه تطالبه بالخروج للبيعه..نص الدعاءاللهم متعالي المكان.. عظيم الجبروت شديد المحال غنى عن الخلائق... عريض الكبرياء.. قادر على ما تشاء قريب الرحمة.. صادق الوعد.. سابغ النعمة حسن البلاء.. قريب إذا دعيت محيط بما خلقت.. قابل التوبة لمن تاب إليك قادر على ما أردت.. ومدرك لما طلبت شكور اذا شكرت.. وذاكر إذا ذكرت ادعوك يا رب... الإمام الحسين في اللحظات الأخيرة قبل استشهاده رضي الله عنه ادعوك يا رب... محتاجا وأرغب إليك فقيرا.. وأفزع إليك خائفا وأبكي إليك مكروبا.. واستعين بك ضعيفا وأتوكل عليك كافيا.. احكم بيننا وبين قوما.. فانهم غرونا.. وخدعونا.. وخذلونا.. وغدروا بنا.. وقتلونـــا.. ونحن عترة نبيك وولد حبيبك محمد بن عبد الله الذي اصطفيته بالرسالة.. وائتمنته على وحيك فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا.. برحمتك يا ارحم الراحمين صبرا على قضائك.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وبدلاً من الطقوس الباطله والبكاء والنياح ولطم الخدود وشق الجيوب والضرب بالسلاسل وغير ذلك كان الأفضل ان يقوم كل هؤلاء الغوغاء بنشر فضائله وزهده وتقواه وجهاده وإصراره على نصرة دينه ومنهج جده صلى الله عليه وسلم لكي يسير الناس على منهاجه وسلوك طريقه الطاهر ومحاولة منهم للملمة الصف الإسلامي بدل فرقته وتناحره وجلب التدخلات الخارجيه التي تسعى لتسلب خيراته وتدخله مستنقع الفتن في مسعى خطير يكمن في حفظ السياج الحدودي مع دولة الكيان الصهيوني وهو الأمر الذي لم يدركه الكثيرون ومن منطلق ذلك فإن التحركات الإيرانيه اليوم في الساحات العربيه فتحت نافذة الجحيم التي لن تنطفئ بدعمها وتسليحها لكيانات وجماعات تحمل العنف والحقد الموروث والمؤسس على قصة الإمام الحسين في مشهد الثأر له حسب ترويجهم بينما لم يكن ذلك هو الإسلام الذي دشن ركائزه محمد صلى الله عليه وسلم وبقيت دعائمه راسخه لاتهزها اغبرة الزمن ومقالات الأدعياء ولأن الحكم لله من قبل ومن بعد فلاشك بعدالة الله بل يقين لايقطعه شك ان الله هو احكم الحاكمين ولن يحكم للحسين وغيره إلا بالحق وسيأخذ بثأره من من قتلوه ولن يفروا من عدالته سبحانه بل إن سعيهم للثأر للحسين هو تشكيكهم في عدالة الله رغم مرور 14قرناُ منذ تلك الحادثه والفاجعه التي ادمت كل قلب وكسرت كل ضمير فكانت بمثابة الداء المؤلم الذي لايجد الدواء.. والسلام
عمر أحمد عبدالله
قصة استشهاد الإمام الحسين من اوثق مصادر التاريخ..!! 1230