الحياة والضغوط متلازمان لا ينفكان، فمادمنا نعيش الحياة فلابد من معاناة ضغوطها المختلفة: (النفسية والعقلية والأسرية والمجتمعية والسياسية والمالية).
من منا يجهل ما لقيه النبي عليه الصلاة والسلام في سبيل الدعوة من ضغوط؟ (ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون..) فلم يكن من باب الصدفة أن يكون نحو نصف القرآن في قصص الأنبياء (ما يقال لك إلا ما قيل للرسل من قبلك) والحكمة منها (لنثبت به فؤادك).
الضغوط الأسرية والمجتمعية (مشكلات الأسرة وضغوط العمل والتعامل مع أصناف الناس وفي قيادة السيارة).
ضغوط الظلم السياسي على حياة الناس العامة في معيشتهم وكرامتهم وأمنهم ومستقبل حياتهم وحياة أجيالهم.
الضغط الإعلامي في تزييف الوعي وصناعة الإرجاف والتخذيل وتضخيم العدو كما قال المنافقون (لا مقام لكم فارجعوا ).
أما الضغط المالي فبابه أوسع.. تحصيل الوظيفة والراتب الشهري و نفقات أجرة البيت ومصاريف الأسرة والماء والدواء والكهرباء وأجرة السيارة أو وقودها وأعطالها. والديون..
ولهذه الضغوط وغيرها آثار سيئة على الصحة النفسية: (الشرود الذهني وضعف التركيز والذاكرة والثقة بالنفس وعدم الشعور بالسعادة والقلق والاكتئاب والعزلة والتشاؤم..).
كما لها آثار سيئة على الإبداع والإنتاج وخلط الأولويات وردود الأفعال التي قد تنتهي بالشقاق والطلاق وأعمال العنف والقتل والانتحار.
ولذا فإن الواجب إزاء هذه الضغوط هو التعامل الإيجابي وفق سياسة (إدارة الأزمات) وذلك: بإدراك أنها من قوانين الحياة (لقد خلقنا الإنسان في كبد ) (ولنبلونكم بشيء....)
طبعت على كدر وأنت تريدها **صفوا من الأكدار والأقذار. وفي( قراءة المحن على أنها منح) بإدراك أنها العامل المحرك الفاعل للحياة. فالضغط يولد استشعار المسؤولية والتحدي والإبداع والإنتاج والنجاح.(لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ) (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير )رواه مسلم.
و باعتبار مرجعية الشرع والشورى أولا ثم الصبر وكظم الغيظ وسياسة تفريغ الطاقة السلبية بالعبادة وبالترويح عن النفس بالتنزه والرياضة والصحبة الصالحة الناصحة
(من لم يتقن فن الراحة لم يتقن فن العمل)، وقتل الفراغ بما ينفع ( فأول أسباب القلق -كما قيل – الفراغ).
وفي تعود قول (لا) حيث لإفراغ أو لا طاقة لديه ولا قدرة عليه. لا تقل إذا ما لم ترد ** أن يتم الشيء في شيء: نعم.
حسن قول :نعم من بعد لا ** وقبيح قول: لا بعد نعم.
وفي توقع الفرج والثواب والنظرة الإيجابية للحياة ف(كل يحمل الناس بعين طبعه) كما قيل.
أيها الشاكي ومابك داء *** كن جميلا ترى الوجود جميلا. ولعامل السن أيضا أحكامه في النضوج وزيادة التجربة والقدرة على الاحتمال.
والمساندة المجتمعية في الحوار والشورى والنصيحة والدعم
و أخيراً: بل أولا في الدعاء والاستعانة بالله والثقة بالنفس والإيمان بالله واليوم الآخر والرضا بالقدر (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف...استعن بالله ولا تعجز ولا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل :قدر الله وما شاء فعل) رواه مسلم.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين. هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.