إذا كانت الفيدرالية هي الحل الذي سيوقف هذا الزحف السياسي العنيف, فلا بأس بها إذا كان المنفذون لها يستطيعون تقسيم السلطة والثروة بشكل عادل فعلاً.
فلا مفر من الاعتراف بالحظر الذي نعانيه اليوم جراء هذا الاحتقان السياسي الذي تتفاقم أعراضه يوما بعد يوم حتى أصبحنا نشعر أننا نقف على فوهة بركان.
غير أنه من المفيد القول- أيضا- بأن الفيدرالية ليست فكرة جديدة على مجتمعنا الذي عاش عصر الدويلات القديمة بكل تفاصيلها السياسية والاقتصادية فالدول اليمنية القديمة كـ (سبأ، معين، حمير، حضرموت..) كلها دول فيدرالية عاصرت بعضها بعضا وكان لها أنشطتها السياسية والاقتصادية المستقلة عن الأخرى بالرغم من وجود طابع اجتماعي وإنساني وثقافي واحد بقي إلى اليوم كأيقونة مشبعة بتاريخ بشري عظيم.
والحقيقة أن الحديث عن الفيدرالية مطمئن من ناحية, لكنه أيضا مخيف من ناحية أخرى . فهو مطمئن حين يمكن أن يرتبط بوقف الصراح الحالي وإمكانية البحث عن مختلف الثروات المحلية وتوظيفها لصالح النهوض بالمستوى الاقتصادي على أساس أن يكون الهدف تحسين المستوى المعيشي للإنسان اليمني إلى درجة الاكتفاء وتحقيق الرفاهية المعتدلة والنهوض بمخرجاته العلمية والثقافية من أجل توظيف تلك المخرجات لصالح الجيل المتعطش للعلم والعمل معًا في سياق محلي وإقليمي قادر على ترجمة كل معادلة علمية إلى واقع فعلي، كل هذا مع الإبقاء على هوية الإنسان اليمني في قالب واحد.
ويعد الحديث عن الفيدرالية مخيفا من ناحية الإنجراف نحو هاوية التشطير التي هربنا منها طويلا ونحن نحاول إيجاد حلقة وصل بين حاضرنا وماضينا لكن دون جدوى.. فمن يدري بما تخفيه جعبة الساسة ومن يدعم بقاءهم في الداخل والخارج؟! ومن يدري بإمكانية تحقيق معادلة العدل السياسي السلطوي والاقتصادي بين أطراف لم تجرب قبل اليوم أن تعيش ضمن مساحة رأي واحدة.
في الحقيقة إن أي دعوة لتطبيق الفيدرالية في وطن كاليمن عاش فيدرالية تاريخية مخضرمة لا ينبغي أي تطرح على أساس سياسي أو اقتصادي وإنما على أساس موضوعي، منطقي، يبحث عن تفاصيل التركيبة الاجتماعية الجديدة التي أفرزتها أحداث وسياسات معاصرة سعت لإلغاء ملامح طبقية على حساب ظهور ملامح طبقية أخرى في وطن يوظف قدرات الفرد وخلفيته الطبقية أو القبلية لإلغاء الجماعة أو المجموع الأصغر.
إن نظام الحكم الفيدرالي قد يكون بوابة لكونفدرالية إقليمية مستقبلاً وهذا قد يكون سببا في تشويه الصورة العريقة لليمن في كتاب التاريخ القديم والحديث.
ألطاف الأهدل
الفيدرالية هل هي الحل؟ 2032