تحركت الأطقم الحوثية قاصدة "حي الأنصار" في منطقة شميلة، كي تلجم الصوت المتصاعد من تلك المنطقة، حتّى لفظة "الأنصار" هذه، التي يتغنى بها الحوثيون، لم تغفر لها خطيئتها الكبرى المتمثلة بوقفها القوي مع الانتفاضة الشبابية التي أسقطت حليفهم الجديد صالح.
أرادوا إخراس الصوت الثائر وتكميم الروح الحرة التي تشربتها الصحيفة منذ أربعة أعوام خلت؛ ففرضوا حصاراً على القلم الهائج؛ فتكسرت بنادقهم على صخرة الفكرة التي تنساب منه، احتلوا مقر إقامة الصحيفة في صنعاء؛ فهتفت عدن وفتحت أحضانها لابنتها المناضلة منذ زمن، تلك الفتاة الأكثر إثارة للإعجاب لدى قطاع كبير من شبان اليمن الجديد، حاشا أن تترك في العراء، لقد أثبتت الهمجية الحوثية بعملها هذا، مدى الحقد الدفين الذي تكنه قوى الرجعية للصحافة الحرة والكلمة الصادقة، التي تكشف عوراتهم، وتسقط أقنعتهم الزائفة للجماهير اليمنية المترقبة بلهفة كل صباح؛ الإطلالة البهية؛ لصوت همومهم، ومنبر كلمتهم، ومتنفس أرواحهم التائقة للخلاص من جحيم الفساد الصالحي وبلطجة العصابة الحوثية، صحيح أن الهدف الرئيسي للصوص والقتلة لم يتحقق في إسكات الصوت المزعج للزعيمين (صالح، وعبد الملك) لكنهم استعاضوا عن ذلك بسرقة أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها وكل أدوات الإنتاج، بما فيها المطبعة؛ لتكون بذلك العمل الشنيع قد ارتكبت انتهاكاً وحشيا صارخاً ضدّ أبسط حقوق البشر، التي باتت من المسلمات البديهية لكل شعوب العالم، وإن كانت بلطجية صالح فيما مضى تمارس تضيقا على الصحيفة من خلال عمليات تقطيع للنسخ ومصادرتها ونهب لباصات التوزيع وشن حملات تحريضية ضدّها؛ فإن العصابة الحوثية قد تجاوزت كل ذلك لتعبث بأهم مؤسسة صحفية أهلية في البلد، وعمل كهذا من جماعة لا تمت لقضايا الثقافة والمعرفة بصلة، يؤكد المؤكد ويثبت السفه الفاضح للجماعة الشمولية وتوجهها الكارثي في مصادرة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وأبسط مبادئ الديمقراطية البشرية! بالنسبة لي لم يكن هذا غريباً و أكاد أقسم إن كان زعيمهم قد أرسل أحد مسلحيه يوماً؛ ليقتني له نسخة من هذه الصحيفة أو تلك، هذا الرجل الذي يعتبر الدور التنويري للصحافة عملا تحريضيا ضدّ جماعته، دون أن يتصفح صحيفة واحدة اللهم إلا إذا كانت هذه الصحيفة ترتع في حضيرته، التي لا تعرف معنى الصحافة بالمطلق، من قبل أن يجتاح الحوثي العاصمة، كان كل من يملك ذرة من معرفة، يعلم أن الحوثي خطر وجودي على مستقبل حرية الصحافة والحقوق الطبيعية المدنية والسياسية للشعب؛ فلم يسبق أن تعرضت الصحافة اليمنية لتهديد خطير كهذا منذ فجر الثاني والعشرين من مايو أي منذ 25 عاما، العمر الزمني لتخلق التعددية السياسية والثقافية والحزبية مع بزوغ الوحدة اليمنية في 1990م، ولأن مشروع الحوثي مشروع تشطري ورجعي؛ لهذا ذهب الحوثي إلى تفكيك القيم الوحدوية التي استخلصها الشعب بنضاله الطويل ؛ من أجل إنهاء الدول المشيخة والسلطنات والقبليات؛ لكن الحوثي من أجل أن يستعيد حكم اليمن بطريقة النظام الإمامي البائد، الذي تعامل مع الشعب كقطعان من الأغنام قابلة للتطويع، والاستخدام كيفما شاء، فكان لا بد للحوثي من قطع الينابيع التنويرية المتمثلة في الصحافة والإعلام بكافة تفرعاته؛ كي يتسنى له حكم الشعب بالدبابة والرشاش؛ ناسياً أو مغفلا عن ماهية القرن الحادي والعشرين الذي يعيشه سكان الكرة الأرضية من المحيط الهادي إلى الأطلسي إلى الهندي الي المتجمد الشمالي والجنوبي، فلم يقرأ الحوثي شيئاً عن "القرية الكونية" ولا أظنه مطلقاً سمع عن مارشال ماكلوهان! إذ كيف له أن يقرأ كلاما لكافر، فضلاً عن استحالة وصول كتاب واحد إلى صعدة، ناهيك عن أن يكون هذا الكتاب أو هذه الصحيفة من دولة يعدها الحوثي، من قوى الاستكبار والطغيان! وإن كانت هذه الدول تقدم الدعم المالي واللوجستي والتسهيلات الفنية والإعفاءات الضريبة وتعمل بشتى جهدها لتشجيع الصحافة،وأكبر من هذا تحتفل بافتتاح صحيفة جديدة، تماماً كما يحتفل الحوثي باحتلاله لصحيفة "أخبار اليوم" هو الحوثي بحماقته اللانهائية؛ مجسداً عقلية الحاكم الغبي الذي يتصور قدرته على السيطرة على عقول جيل الفضاء الإلكتروني الحر، تماماً كما استطاع إقناع الشيخ القبلي "جليدان" يستطيع ترويض "مروان الغفوري" ولهذا أرسل مسلحوه لحصار "إياد البحيري" فباءت محاولته بالفشل واتجه البحيري وإبراهيم مجاهد إلى عدن, لينام الوحوش القادمة من غوابر الأزمان في مؤسسة الشموع، في محاولة بائسة لإطفاء الشمعة التي تضيء العيد الميلاد اليومي للشعب العائش في جزيرة مظلمة في هذه البقعة التعيسة من الكرة الأرضية... المسماة "اليمن"..
مؤسسة "الشموع" صحيفة "أخبار اليوم" كوني على يقين مطلق أنك اليوم تخوضين معركة استرداد كرامة الشعب، لم يكن الإرهاب الحوثي ضدك سوى، شهادة شرف حق لك أن تفاخري بها، أن ينكل بك مسلح مراهق وأحمق ساذج فهذا يجعلك في قلب المعادلة العصية على الاختراق... أنت اليوم تجسدين ملحمة بطولية للصراخ من أجل قيمة الحرية المقدسة، والتي يريد الحوثي سحقها بالكامل، أتدرين يا معشوقتي لماذا ابتدأ الحوثي مشروعه في تكميم الأفواه من عندك؟؟!! حقا هو يعلم أنك حجرة عثرة أمام مشروعة الجهنمي، فأراد ابتلاعك كي تتساقط البقية دونما مقاومة، وكي يسقط اليمن الكبير في زريبته، وكي يستكين الشعب لعربدته لكنك انتصرت وانتصبت الجماهير في شوارع صنعاء وتعز وإب في حر الظهيرة وعند الغروب، تستظل بورق الصحيفة وتهتف لها من الأعماق.... تعظيم سلاااام أيتها الفتاة الأسرة هنيئاً لك كل تلك القلوب الهائمة بك!!!
محمد المياحي
أخبار اليوم صوت الثورة المستباح...!! 1681