لا تختلف ثقافة المرأة عن ثقافة الرجل في مجتمعاتنا لكنها تتميز عنه بالدقة والبحث في التفاصيل وتصوير الواقع عبر رؤية خاصة تمتزج فيها معطيات الواقع بوسائط فكرية متعددة أهمها زاوية الذات التي تتحاشى المرأة إسقاطها على أعماله الأدبية هروباً من سجن النقد الذي تعيشه كواقع وتتحاشى المرأة إسقاطها على أعمالها الأدبية هروباً من سجن النقد الذي تعيشه كواقع وتتحاشى أن تحياه كخيال. وعلاوة على ذلك فإن الواقع الاجتماعي المشحون بالتعقيد والتعصُّب والعشوائية والانتقاص يجعلها أكثر إبداعاً في طرح الحلول المنطقية أو اللامنطقية التي تحاول من خلالها الخروج عن قوقعة الوضع الراهن إلى عالم آخر تصبح فيه صاحبة قرار متمكِّن حتى لو كان هذا القرار خاصاً بمشاعرها ورغباتها وطموحاتها اللامحدودة.
لكن الكثير من الكاتبات اليمنيات لا يجدنَ فُرصةً لإخراج تاريخهن الأدبي من حيِّز النشر المحلي إلى عالم ورقي آخر تصبح فيه المرأة علماً من أعلام التراث المحلي لثقافة بنكهة الزمان والمكان الذي انطرحت فيه مفرداتها على الورق. إن صناعة الأدب المحلي لا تتوقف فقط على تصوير مشاهد الواقع وتحليلها في مناسبات آنية محدودة الأفق، وإنما يجب أن يُعطى لهذا المنتَج الفكري فرصة الرواج خارج حدوده الاجتماعية لتستمر عملية العرض والطلب كما هو الحال في تجارة السلع التي تحمل تاريخ إنتاج وانتهاء، فالأدب أيضاً صناعة ومن هذه الصناعة ما يمكن أن يبقى صالحاً للاستخدام زمناً طويلاً لكن منها ما هو محدود البقاء فهو بعد هذا معرَّض للتلف، ومن الأدب أيضاً ما يمكن أن ينتهي لأنه صنع في ظروف اجتماعية ونفسية وفكرية طارئة ولهذا قد تستطيع أن تسمِّي مثل هذا النوع من الأدب بالترمومتر الذي يقيس تأثُّر الواقع الثقافي بمخرجات السياسة والعقيدة والعادات والتقاليد.
وما يميِّز الأدب النسوي في اليمن أنه يلعب دور ذلك الترمومتر لأنه يناصر أو يناهض قضايا الواقع عبر آلية طرح غاية في الشفافية، إذ لا حدود ولا حواجز يمكنها أن تحول دون تدفُّق ذلك النهر العذب من صور الصراع اللذيذ الذي تعيشه المرأة المثقفة داخل مخيلة حُرة ليس بينها وبين الواقع حجاب.
ألطاف الأهدل
الأدب النسوي وترمومتر الثقافة المحلية 1117