بعد هذا الظلم الكبير والفساد العريض الذي يصيب أوطان المسلمين.. نحن بحاجة ماسة إلى أن نحصل على ذلك الرفق اليسير الذي تحصل عليه حيوانات الغرب بعد أن وصلت مجتمعاتهم إلى قمة الرفاهية الإنسانية. صحيح أن حكوماتهم انشغلت بنا نحن المسلمين حتى أحرقت أخضرنا ويابسنا لكنها لم تنشغل عن تدليل شعوبها وتحقيق مصالحها الأقل أو الأكبر أهمية على حدٍ سواء.
تلك الشعوب أنفقت نصف ميزانياتها لاكتشاف العالم عبر السفر والإبحار في ثقافات الشعوب الأخرى, بينما تمضي جُل سنوات عمرنا ونحن لم نكتشف أنفسنا بعد. حكومات تنفق أموالاً طائلة لتشجيع البحث العلمي والأدبي بينما تبذل حكوماتنا كل جهدها لتهميش الباحثين والعلماء وإقصاءهم ومحو ما تبقى من تاريخ أجدادنا في تراثنا المرئي أو المقروء عبر تسويقه إلى خارج الوطن مقابل حفنات من عملة الغرب المغمسة بمستنقع العار..
ظلم كبير لا يمكن تخيله يطال الكبار والصغار ممن ليس بأيديهم إلا سلعة السلام مهما بدت كاسدة في أعين البعض إلا أنها عند الله سلعة رائجة .
ضعفاء نحن أمام تلك القوة التي تحيط بها أبواق الباطل من كل مكان, وعجزنا عن الدفاع أنفسنا أمامها ليس لوهن أصاب أجسادنا أو حيرة أدركت عقولنا, لكن لأن منّا وفينا من باع ظاهر القول بباطنه واشترى نفسه بأثمان تزهد النفوس الراضية عن ذكرها, بيعت إرادتنا ومنابرنا ونبرة الحق التي كانت تزلزل كيانات أعدائنا.. لهذا نحتاج إلى الدفق الوئيد الذي تنشده حيواناتهم الأليفة وغير الأليفة!.. نحن شعب لا يحفل بتاريخه ولا يأبه لأمجاده, لهذا يرتكب اليوم حماقات متسلسلة تكاد تبطش بطول الوطن وعرضه بعد تداخل السياسات واختلاط المفاهيم التي تجزل عطاياها على رؤوس الجهلة ممن يرتئي فهم الساسة ذخيرة صالحة للتخريب والإفساد في كل لحظة. نكتب بمرارة لما نراه من مشاهد العنف الدخيل على مجتمعنا, وليت العنف وحده كان دخيلاً عليها, بل أن المتساميين فوقه أو الزاحفين دونه من أبناء الوطن هم أيضاً دخلاء على مجتمعنا الذي لا يعرف التآمر ونكث العهود وتسوية الصفقات التي تقايض بالوطن لنيل وسام الخيانة على الطريقة الأجنبية..
هؤلاء الذين يضعون أيديهم في أيدي أعداء الوطن لا يعلمون أن كلباً من كلاب أعدائنا ربما تعادل قيمته بعشرات من البشر؛ دماؤهم أرخص في نظر الأعداء من ثمن الماء..
ألطاف الأهدل
جمعية الرفق بالإنسان 1190