نشأت في أحضان أُم تحترم الوقت كاحترامها لنفسها وأمومتها. لهذا أنا من ذلك الصنف من الناس الذي أرى في الوقت عملة محسوسة ويحترم كل ما يمكن شراؤه عبرها.
وفي الحقيقة نحن نشتري كل إنجازاتنا التي تصنع تاريخنا عبر هذه العملة المفقودة التي نشتري بها أيضا نهاياتنا المختومة بالموت دون أن نشعر، نحن في واقع الأمر نسير نحو خط النهاية مُمسكين بحبل الوقت إلى أن نقع في تلك الحفرة كمحطة انتظار مؤقت لا يعلمه إلا الله؛ لهذا فأنا استمر في محاسبة نفسي يومياً حول ما أنجزته وما لم استطع إنجازه خلال اليوم. وليس ضرورياً أن تكون إنجازاتنا عملاقة حتى يمكن أن يكون ثمنها من الوقت باهظاً، إنما يكفي أن نؤدي واجباتنا بمصداقية وشفافية كاملة وهذا في حد ذاته إنجاز لا يمكن التهاون به.
إن عشر دقائق من الوقت تكفي لقراءة صفحتي كتاب بتمعُّن شديد وتكفي أيضاً لأداء مهمة مكتبية تخدم عملاء يثقون بقدراتنا على تسهيل مهام أخرى في نطاق أعمالهم أو وظائفهم، تكفي للاستفتاح بأذكار الصباح وتكفي للتفكير في ما يمكن إنجازه غداً من فروض مدرسية أو مكتبية، تكفي للصلاة على رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم" ألف مرة وتكفي لأداء ركعتي الضحى أو ركعتي التهجُّد أو تكفي ربما لإعادة النظر في قرار خاص أو عام لا يمكن تأجيله أكثر..
إن تلك الدقائق المهملة خلال اليوم يمكن أن تصنع منا أشخاصاً آخرين أكثر براعة ودقة في مجال العمل وأكثر إحساساً ودفئاً في علاقاتنا الشخصية.. عشر دقائق من الوقت ننفقها في استعراض مهامنا وواجباتنا تجاه الآخرين قد تصنع الفرق في نوع المعاملة وردة الفعل غير المتوقعة على منحى إيجابي.
لهذا حاولوا استشعار تلك الدقائق الضائعة وتخيلوا لو أنكم تملكون المهارة الكافية لتوظيفها في تحسين الأداء أو الخدمة التي تقدمونها لآخرين هم بحاجة إليها كما أنتم بحاجة إلى تقديمها.
ألطاف الأهدل
الوقت.. العملة المفقودة!! 1381