فشل الرئيس هادي في الانتقال بحزب المؤتمر إلى اطار الحزب المدني حتى يستوعب أصول ترسيخ الديمقراطية والشورى الحزبية فكراً وممارسة.. رغم الفترة الكبيرة والفرص السانحة التي كانت بيد هادي ليعمل الكثير وينقل المؤتمر من سيطرة صالح الفرد إلى مؤسسة يديرها الحزب بعيداً عن مصالح صالح.. فخضع المؤتمر إلى استقطابات بين طرفي صالح وهادي أكثرها حدة نزاع السيطرة على قرار الحزب من خلال الصراع على إدارة اجتماعات اللجنة العامة واللجنة الدائمة.. استخدم الرئيس هادي صلاحياته كأمين عام أول للمؤتمر وأصدر قراراً بإيقاف قناة "اليمن اليوم" التي يملك المؤتمر نصف أسهمها بحجة أنها لا تخدم المؤتمر الشعبي العام بقدر ما تخدم صالح شخصياً.. فكانت صفعة قوية مدوية في وجه تيار المؤتمر المحسوب على صالح.. وفشلت جهود الوساطة التي أوفدها صالح للتوسط بعودة القناة.. بين الزعيم والرئيس عاش المؤتمر فترة نقاهة تشبه نقاهة الكهل.
احتدام الصراع للسيطرة على المؤتمر بين الرجلين, مشى في خطين متوازيين، استطاع الرئيس هادي أن ينتزع سيطرة صالح في توجيه وزراء المؤتمر، وتمكن من إدارة فريق المؤتمر المشارك في حكومة الوفاق عبر الوزير احمد عبيد بن دغر.. فيما اتجه الزعيم إلى ترتيب علاقته مع قيادات الحزب في المحافظات وقيادة حملة تحريض واسعة ضد هادي, مستغلاً إغلاق قناة "اليمن اليوم" ومداهمة جامع الصالح.
رغم أن صراع السيطرة لم يتوقف لكلا الرجلين إلا أن صالح قد ذهب بالمؤتمر في مهمة خارج برنامج الحزب.. فأصدر توجيهاته لقيادات المؤتمر في الفروع إلى تقديم التسهيلات لجماعة الحوثي المسلحة, فخرجت المسيرات والمظاهرات الحوثية من مقرات المؤتمر يتقدمها قيادات المؤتمر جناح صالح.. وتطور الأمر إلى تحالف بين الحوثيين وحزب المؤتمر جناح صالح. وبدا ذلك جلياً في حرب عمران, حيث قاتلت قيادات وقواعد المؤتمر الموالية لصالح في خندق واحد مع الحوثيين ضد اللواء310 و إسقاط عمران.. واستمر هذا التحالف في نصب المخيمات المسلحة حول العاصمة صنعاء ومدِّها بحشود المؤتمر الموالية لصالح.. تحالف الزعيم مع السيد رغم اختلاف أهداف ودوافع كل منهما لكنهما اتفقا على تقويض العملية السياسية والاستيلاء على السلطة واتضح ذلك جلياً في عملية إسقاط صنعاء، والاستيلاء على الوزارات والمؤسسات, فكان صالح وجهازه الأمني يقتحمون ويستولون تحت غطاء الحوثيين.
هادي الذي لم يؤمّن صنعاء من مكر القيادات العسكرية الخائنة ومليشيا تحالفت مع شخص يهوى الانتقام يتذكر مجدداً انه كان نائباً.. لكنه ظل مستغرقاً كثيراً في التذكر.. زعيمه يقيله من الحزب ويقيل معه الارياني- ترمومتر حزب المؤتمر ومهندس المبادرات والمواقف السياسية- لا اعلم ما هو موقف الارياني في كثير من القضايا والتي منها استخدام المؤتمر لخدمة الحوثي، لكني اجزم بان الرجل شجاع ويفقه كثيراً من الأمور وربما لم تتاح له الفرصة بعد ليقول رأيه للمؤتمريين.. صالح استطاع أن يفرض رأيه ويزيح الارياني من الحزب ويستبدله بمحاربين جدد ليس بالضرورة أن يجيدوا فهم السياسة والإدارة بقدر ما يخضعوا لأوامر وتوجيهات الزعيم.
يخسر المؤتمر الارياني كآخر رجالات المؤتمر العصي على التطويع وبه يخلو المؤتمر من المدنية ويصبح لذائذا لأهواء الزعيم، فلطالما كان الارياني الرجل الذي يصنع للمؤتمر مواقفه الوطنية في أحلك الظروف دون رضىً من صالح.
أحمد الضحياني
للمرة الثانية.. صالح يذهب بالمؤتمر إلى الهاوية 1134