البناء الراسخ للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة يقتضي المُسلمات والثوابت التي تتضمن جودة البناء وعافية المنتج, هذا فضلاً عن أن مصفوفة الإزالة والتغيير للدولة والنظام السابقين يجب تفعيلها قبل الشروع في استجداء وطلب البناء الراسخ الجديد توخياً من عثرات مستقبلية أو إرهاصات جوهرية في عمق البناء الحديث. لقد بلغ السيل الزبى والأمة تتراجع عن تطلعاتها وأمانيها منذ أن خرجت الملايين بسلميتها المتناهية التي قوبلت بالعنف المفرط الذي بعد ردة فعل منحرفة لفعل مستقيم كونه سبح ضد التيار وصادم سنة من سنن الله ونواميس الكون في التغيير السلمي الإيجابي إلا أنه نجح بإصابة نجاح ثورة الشباب الشعبية السلمية الناجحة بالاحتقان من خلال احتوائها تارة.. وعن طريق سرقتها تارة أخرى ليعيش الشباب نظام الانقسام والشتات, نظام السبية والاهتراء والذي عجز من خلاله الشباب عن تقديم الحلول الناجعة, والبدائل المعقولة ليس بفعل سلبية فيهم أو عدم دراية, وإنما إشفاقاً على هذا الوطن وشعبه من أن تطاله الأسن والمحن, فمالوا إلى التهدئة وطلب العافية. ومما يزيد الطين بلة أن الوطن عقب ثورة الشباب استقام استقامة خفيفة بعد تقديم أنهاراً غالية من الدماء الطاهرة الزكية شباباً في سن الزهور رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً بحيث يصيب الأمة العار وهي تشرب منه رشفات إبان سيطرة النظام السابق الذي رحل رأساً وبقى جسداً علاوة على حسرة الجرحى على ما قدموه بمقابل ما جنوه من عاهات مستديمة, فمنهم من فقد رجله أو رجليه معاً ومنهم من بترت ذراعاً له وذراعين, ولعل ما يعاظم أترحهم وآلامهم وحسراتهم هو تجاهلهم وعدم الاكتراث والاهتمام بهم. فنحن ننشد بناء الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية الحديثة وهذا ديدن وهاجس الثوار ومعظم فئات الشعب اليمني العظيم ومكوناته السياسية والاجتماعية فضلاً عن أن هذا التشييد والبناء للدولة المدنية الاتحادية الحديثة هدفاً استراتيجياً من أهداف ثورة الشباب الشعبية السلمية الناجحة, فعنده يجب أن نلتقي أما لماذا إلا فلأنه سيزيل ما تبقى من ران الانقسام والشتات والتشظي والتشرذم حيث يجب أن نصل إلى إجماع وطني وشعبي من أجل جعل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومطلب إقامة الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية الحديثة من أولويات المرحلة في التغيير العادل البناء, ونترك المناكفات والمزايدات والمماحكات جانباً ونربأ بأنفسنا أن نلوك أياً منهن بأفواهنا, مغلبين المصلحة الوطنية العليا مترفعين عن الصغائر والمهاترات وكل ما فيه شق الصف الوطني والشعبي والجماهيري. واللقاء الشفاف الناعم يهيأ لمكاشفة وطنية شعبية واسعة تقضي بنا إلى تمثل حقيقة المصالحة الوطنية الواسعة بين الاتجاهات والتيارات والقوى والفئات الوطنية والشعبية والسياسية والحزبية واضعين في عين الاعتبار أن لا فرق مع تحقيق بعض المكاسب السياسية كونها مكاسباً لشعبنا العظيم هذا فضلاً عن ضرورة عدم إقحام الشعب في كل صغيرة وكبيرة فالتوظيف السياسي الآثم للمواقف والأحداث بدعة سياسية سيئة.. المهم أن الملعب السياسي اليوم وغداً أضحى مهيأ لمصالحة وطنية واسعة تغلق فيها الملفات ويتطلع الجميع للبناء والتنمية والإعمار وإلى لقاء يتجدد.. والله المستعان على ما يصفون.
عصام المطري
لماذا نلتقي..؟! 1305