هو سطر مكون من جملتين؛ يقول محتواهما: "من وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد".. فوجدت انهما من أعظم ما كتب البشر في استشعار وجود الله تعالى وأهمية ترسيخ هذه العقيدة الروحية.. في أعماق الإنسان.
ولو أن كل إنسان منا ادرك هذه الحقيقة وآمن بها ما وصل حالنا إلى ما هو عليه اليوم، لكنها إرادة الله في الناس والله يفعل ما يشاء.
إن صفاء السريرة وحضور الضمير أمران لا يمكن تحقيقهما ببساطة إلا في حال توفر أمر الهداية من الله قبل كل شيء, غير أن الهداية أيضاً لها أصولها القائمة على التضرع والمناجاة وهجر الدنيا بما فيها من ملذات إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
إن حجم الفتن العقائدية التي وصل إليها المجتمع العربي اليوم لا يمكن حصرها، خاصة بعد أن اصبح هناك مقاييس عديدة لتصنيف التوجهات الايدلوجية، وبعد أن أصبحت الحكومات تابعة لأقطاب سياسية عظمى ترى في أي حركة تمرد أيديولوجية تهديداً قوياً لمصالحها في أي مكان من بلاد المسلمين، فالدعوة إلى الله والجهاد في سبيله وفصل الفلسفات السياسية عن المبادئ والأسس الدينية, كل هذا اصبح على- بل في أعلى- القائمة السوداء أو قائمة الإرهاب العالمية.. ولو تأملنا جيدا لوجدنا أن نشأة وتطور تلك الأقليات المتمردة حدث بفعل ترسيخ سياسة التهميش والإقصاء التي تتعهدها الدول العربية وغير العربية في التعاطي مع مثل هذه الجماعات التي اضطرت لانتهاج العنف كوسيلة للتعبير عن وجودها.. وكلما كانت السياسات في مواجهتها أقوى كلما كان تعطشها للدفاع عن نفسها بذات الوسيلة وربما بإصرار اكبر.
كنت قد بدأت الحديث عن وجود الله في قلب الإنسان وكيف يمكن أن يحول هذا بينه وبين أي منكر أو رذيلة مهما كان حجمها، فمن فقد مثل هذه النعمة ماذا يمكن أن يجد بعدها وقد فاته جل الأمر ولُبّه وأصله وذروة سنامه؟ ومن وجد هذا النعمة فماذا يمكن أن يفقد ولديه اللب والأصل والبدء والمنتهى؟.
وبهذا نصل إلى نتيجة حتمية وقاعدة أساسية في صلاح أو خراب الأمم والشعوب؛ إنها القاعدة المحمدية " كما تكونوا يُولّى عليكم"، فالعلة في القلوب وليست في عروش الملوك وكراسي الحكام، العلة في البعد عن الفطرة التي فطرنا الله عليها في تلوين العقدية وزخرفتها وتخريب محتواها ليلائم مع أهواء الناس ورغباتهم، ولو أننا وجدنا الله أو أوجدناه في قلوبنا لكان الأمر أهون والمصيبة أخف، لكننا لم نجده ولم نسعَ لإيجاده, فبقيت القلوب خاوية تسكنها السياسية يوماً، ويقطنها العنف أياماً أخرى، يعودها الخوف وتزورها الضغينة.. وأن يكون الله معطيك ومانعك يجب أن تتعرف إليه قبلاً.. فهلاّ وجدناه وعرفناه؟!.
ألطاف الأهدل
من وجد الله ماذا فقد؟! 1566