شعار يرفعهُ الكثير من الناس منذ أن أصبح الوُسْع في الجيوب وليس في القلوب كما يقول العامة، إذ من يعطي من؟! من يسلِّف مَن؟! من يمنح من؟! والكل متساوون في الاحتياج ومقدار الدخل ومستوى الإنفاق.. أصبحنا مجتمعاً مادياً إلى أقصى درجة، حتى أننا نلهث خلف القرش الأبيض لأيام تبدو كلها سوداء! لدينا سوء استغلال للأرض والإنسان في هذا الوطن الذي تزخر أرضه وأناسيه بالخير والبركة والكرم الفطري تصوروا أن نعدم الحيلة إلى الرخاء في وطن البساطة والبراءة والنخوة. تصوروا أن يصبح الخير شحيحاً بعد أن شحَّت موارد المعيشة وكأننا مجتمع من الدواب الناطقة التي ترتع في مساحات الكسب الشاسعة دون أن يكون لحياتها غاية ولبقائها رسالة وحين نتحدث عن الـ(استغلال) فإننا نقصده بشكل إيجابي، وحتى نكون أكثر دقة سنقول: استثمار للطاقات الطبيعية والبشرية بحث يكون الهدف رفع المستوى المعيشي للمواطن، وتحسين مستوى الاستفادة من فُرص التعليم في الداخل والخارج، وخلق بنية اقتصادية محلية خلاقة أيضاً.
نفتقر إلى قِيَم اقتصادية منزلية كثيرة جداً من شأنها أن تساهم في دعم الموقف المالي لرب الأسرة سواءً كان رجلاً أو امرأة، فالادِّخار وتدوير المدخرات غير النقدية والاستثمار في مشاريع منزلية صغيرة، بالإضافة إلى مهارة إعداد الميزانية المنزلية بنجاح.. كل هذه القِيم الاقتصادية التي يفتقدها الناس اليوم والتي كانت موجودة في مجتمع الأمس بشكل أو بآخر أدت إلى إثقال ميزانية الأسرة وتحميلها ضعف ما يمكن أن تحتمله، ذلك أن مستوى الإنفاق يفوق مستوى الدخل بكثير وحتى في الوقت الذي يحاول فيه البعض إيجاد وسائل أخرى للكسب, فإن الفشل في ترشيد الإنفاق يجعل الوضع باقياً على ما هو عليه وكأننا حينها ندور في حلقة مفرغة.
قد يصل معدل دخل الفرد في مجتمعات أخرى ما يوازي معدَّل دخل الفرد لدينا في اليمن، لكن ترشيده للإنفاق وتسيس الرغبة في إهدار المال يجعل مسكنه ومأكله ومشربه لا يشبه مأوى ومأكل ومشرب صاحب الدخل نفسه عندنا في وطن يفتقر أفراده أيضاً إلى الإحساس بالقيمة الجمالية للأشياء من حوله مهما كانت بساطتها، فمثلاً: تشجير المنازل وتزيينها بالأزهار واعتماد الفواكه والخضار والأعشاب كغذاء خفيف ومفيد للجسم، الحرص على نظافة السكن وجمال المظهر الخارجي، توفير مبلغ معين لإجراء فحوصات طبية ضرورية مرتان خلال العام.. اعتماد آلية معينة للإنفاق داخل المنزل وإيجاد صندوق توفير للطوارئ.. هي سلوكيات ومواقف وثقافات متفاوتة لكنها يجب أن تتخذ أمام أهداف وغايات إنسانية واحدة, فالعيش بكرامة واكتفاء وسعة مطلب أساسي لدى كل فرد على وجه المعمورة وهذا ما يجب أن يحرص عليه الناس في مجتمعنا بدلاً من الاتِّكال على مبدأ السلف والدَّين وكلمة بعدين.!
ألطاف الأهدل
النكف ممنوع والزعل مرفوع! 1362